طالبت منظمتا “هيومن رايتس ووتش” والعفو الدولية، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بإنشاء هيئة دولية مستقلة لتتبّع وتحديد هوية المفقودين والمخفيين قسرًا منذ اندلاع الثورة السورية في 2011.
وفي بيان صادر عن المنظمتَين اليوم، الأربعاء 30 من تشرين الثاني، قال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، آدم كوغل، “خلّفت ممارسة إخفاء الناس في سوريا إرثًا مدمرًا طال حياة مئات الآلاف من الأشخاص وأحبائهم، ومن شأن إنشاء هيئة دولية جديدة لمعالجة آثار هذا الإرث المدمر والذي لا يمكن التغاضي عنه مطلقًا من فصول الصراع السوري أن يوفر بصيص أمل للعائلات”.
وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، ديانا سمعان، “بعد 11 عامًا من النزاع، تواصل الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة إخفاء أو اختطاف أي شخص يعارضها، بينما لا يفعل حليفاها، روسيا وتركيا، شيئًا لوقف هذه الانتهاكات”.
وأضافت، “في حين يقبع عشرات الآلاف في مرافق الاحتجاز أو في أماكن أخرى، لا توجد طرق موثوقة تمكّن العائلات من معرفة مصير أحبائها وأمكنتهم”.
الافتقار إلى الإرادة السياسية لمعالجة هذه القضية لم يؤدِ سوى إلى إطالة معاناة هذه الأسر، بحسب سمعان، التي اعتبرت أن اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة وسيلة لتفعيل حق العائلات في معرفة الحقيقة، ويجب على الدول الأعضاء أن تلتف حوله.
وأوصى البيان روسيا وإيران، حليفي النظام السوري، بالضغط عليه لنشر أسماء المتوفين في المعتقلات فورًا، وإبلاغ أسرهم، وإعادة الجثامين إلى أقربائهم، وتقديم معلومات عن مكان ومصير جميع المخفيين قسرًا، ووضع حد لممارسة الاختفاء القسري، والسماح للهيئات الإنسانية المستقلة بالوصول إلى مراكز الاحتجاز.
ومن جهة أخرى، أوصى البيان داعمي “الجماعات المسلحة”، بما في ذلك تركيا والسعودية والولايات المتحدة، بإجبار تلك الجماعات على الكشف عما حدث للمعتقلين المحتجزين لديها، والسماح للهيئات الإنسانية بالوصول إلى مرافق الاحتجاز التابعة لها.
قرار أممي يرحب بالآلية
صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 16 من تشرين الثاني الحالي، عبر اللجنة الثالثة (الاجتماعية والإنسانية والثقافية)، لمصلحة مشروع قرار بعنوان “حالة حقوق الإنسان في سوريا”، الذي يرحب بدعوة الأمين العام لإنشاء مؤسسة دولية مختصة بمعالجة مصير المفقودين في سوريا.
وأوضح حينها ممثل الولايات المتحدة، أن مشروع القرار يدعو الجمعية العامة إلى الاهتمام بالمحتجزين والمفقودين في أوائل العام المقبل، ويسلّط الضوء على الوضع الإنساني الذي يستدعي تقديم مساعدات دون عوائق، وإعادة تفويض آلية المساعدات عبر الحدود لمدة 12 شهرًا على الأقل.
وتنظّم مجموعات تمثّل عائلات المحتجزين السابقين، وكذلك المجتمع المدني السوري ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، أنشطة لكسب التأييد نيابة عن ضحايا التعذيب وآلاف الأفراد الذين تعرضوا للإخفاء والاحتجاز التعسفي، وتدعو إلى وجود آلية مستقلة فعّالة للتحقيق في الآلاف من حالات الاختفاء.
وفي تموز الماضي، عرضت عشر جمعيات للضحايا السوريين ورقة موقف حول الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه هذه الهيئة.
وفي آب الماضي، أقر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التحديات التي تواجهها العائلات في جميع أنحاء سوريا عند البحث عن معلومات حول أقاربها المفقودين، وسلّط الضوء على الفجوات في الجهود الحالية.
كما حدد الأمين العام التفويض والأولويات المقترحة لهيئة جديدة لهذا الغرض، بما في ذلك تقديم الدعم للضحايا والناجين وعائلاتهم، وستوفر مثل هذه الهيئة آلية موحدة لتسجيل الحالات الجديدة، وكذلك التنسيق مع الآليات القائمة الأخرى، للبناء على المعلومات المتاحة، وتسهيل الإجراءات اللازمة لمعالجة هذه القضية.
من جانبها، أعلنت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا تعليقًا على مقترح الأمين العام في تشرين الأول الماضي، أن “الكمّ الكبير” من المعلومات التي جمعتها اللجنة على مدى 11 عامًا سيكون تحت تصرف الهيئة الجديدة.
كما حذر المفوضون من أنه كلما طال إنشاء مثل هذه الهيئة، ستزداد صعوبة الكشف عن مكان ومصير المفقودين والمخفيين قسرًا.
ويتحمّل النظام السوري المسؤولية عن الأغلبية العظمى من حالات الاختفاء، والتي غالبًا ما تسفر عن وفيات في الحجز وعمليات إعدام خارج نطاق القضاء، وهو ما كان حتى قبل اندلاع الثورة في 2011، حين أخفى النظام قسرًا أفرادًا على خلفية المعارضة السياسية السلمية، والتقارير النقدية، والنشاط الحقوقي.
وحتى آب الماضي، قدّرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن حوالي 111 ألف شخص ما زالوا في عداد المفقودين، ويُعتقد أن معظمهم في قبضة النظام السوري.
–