عروة قنواتي
مرت الجولة الأولى وثلاثة أرباع الجولة الثانية في دور المجموعات من مونديال قطر 2022، والحقيقة أننا كنا بحاجة إلى يومين أو ثلاثة من بداية المونديال لنشعر بأنه بدأ وفق كل المقاييس، وأن الشغف بلغ أشده في الملعب وعلى المدرجات وفي الطرقات وأمام الشاشات. وما زال الكثير من عشاق كرة القدم في العالم يسأل عن الحضور الجماهيري للمونديال، وعن تواضعه في الأيام الأولى، إلا أن المدرجات عادت لتمتلئ بشكل لا يترك للشك أي فرصة بأن المونديال ونتائجه المثيرة بدأت تتغلغل في حسابات التأهل للأدوار الإقصائية، فتوزعت بين خيبة الأمل والتاريخ الجديد، ومن هنا ننطلق.
لنعترف بأننا لم نكن نطالب المنتخبات العربية بأكثر من إثبات الذات ومحاولة التأهل للدور الثاني إن أمكن، ولنعترف أيضًا بأن أغلبنا لا يثق بإمكانيات المنتخبات العربية، بل يكون معجبًا بأداء المغرب مثلًا وبالأسماء التي تضمها تشكيلة المنتخب، فيعوّل على تأهل محتمل للدور الثاني.
ومن هنا يحق لنا أن نطرح بعض الأسئلة عن نتائج منتخب قطر الشقيق المستضيف للمونديال: هل هذا هو العنابي فعلًا؟
صحيح أن العنابي يشارك لأول مرة في المونديال، وأن أجواء المونديال تحمل رهبة خاصة ومنافسة أشد، وتحتاج إلى عزيمة وتحضير من نوع خاص، لكننا لم نشاهد المنتخب القطري أبدًا، وهو الذي تلقى هزيمتين من الإكوادور والسنغال، أي أنه لم يقابل هولندا إلى الآن، ولم يتلقَّ الخسارات من ألمانيا وفرنسا والبرازيل والأرجنتين وإسبانيا.
بالنسبة لي لا أعرف هذا المنتخب المتواضع، الخائف، البعيد كل البعد عن منتخب 2019، حامل لقب آسيا للرجال، وصاحب المرتبة الثانية في كأس أمريكا الشمالية، والمشارك في بطولة كوبا أمريكا وتصفيات القارة الأوروبية المؤهلة للمونديال. وبغض النظر عن أن المنتخب القطري هو صاحب الأرض، وهذه ملاعبه وجمهوره وطرقاته وشوارعه، فأن لا نشاهد جملة تكتيكية مرسومة في 180 دقيقة فهذا غريب، وغريب جدًا، ما يجعلنا نتساءل: هل يعلم المنتخب القطري الشقيق بأن المونديال انطلق؟
العنابي خيّب آمالنا لأننا كنا نتوقع هوية حقيقية في أرض الملعب وصراعًا على التاريخ مع المنتخبات، ولربما لو لعب المنتخب بجد وقوة وخسر فلن تخيب آمالنا، أما بهذا الشكل وبهذه التبريرات غير الطبيعية من المدرب سانشيز، فالطبيعي أن تكون قطر أول منتخب مستضيف يخسر لقاء الافتتاح وأول المودعين للبطولة.
منتخب تونس الشقيق أيضًا وكأن له مشكلة مع مرمى الخصم، يظهر أمامك كالموج المرتفع، ثم ينزل إلى مستوى حسابات الخروج من المونديال بتفاصيل مملة، تعادل مع الدنمارك من دون أهداف، وقلنا جميعًا إن هذه النتيجة جيدة جدًا، ومن ثم خسر أمام أستراليا بهدف نظيف، ويتبقى اللقاء مع المنتخب الفرنسي حامل اللقب السابق والفائز على أستراليا في الجولة الأولى برباعية لهدف، ما يعني فشل نسور قرطاج مرة جديدة ببلوغ الدور الثاني من المونديال لأول مرة بعد ست مشاركات. ولربما ومن باب حفظ ماء الوجه، تتبقى مهمة تسجيل الهدف أمام فرنسا، هدف ونقطة يتيمة حصيلة تونس في مونديال قطر 2022.
المنتخب السعودي أهدر المباراة أمام بولندا، رغم السيطرة الكاملة على مجرياتها، والفرص بالجملة التي أضاعها لاعبوه أمام المرمى البولندي، من بينها ضربة جزاء، وذلك بعد مباراة التاريخ التي حقق فيها الأخضر الفوز على الأرجنتين.
ما فعله الأخضر السعودي في لقاء التانجو، وحتى أمام بولندا رغم الخسارة، يدعو للفخر، ولعقد الآمال بنتائج مقبلة مبشرة، عسى أن يحسم أخيرًا التأهل للدور الثاني أمام المكسيك.
لا أخاف على المنتخب المغربي، وأثق بأنه سيتقدم إلى الأمام بعد التعادل السلبي أمام كرواتيا، وأثق بأن الأخطاء التي ارتكبها في المواجهة الأولى لن يكررها في مواجهة بلجيكا وكندا، وأثق بأن الدور الثاني مسألة وقت لزياش وبونو وسايس وحكيمي، فجودة المنتخب المغربي الشقيق وأسلوبه في اللعب يجعلانك تطمئن من ناحية المنافسة والصراع على البطاقة، حتى وإن قدمت بلجيكا أداء باهتًا أمام كندا المتطورة، فلكل مباراة حساباتها، والمنتخب المغربي قريب جدًا من انتزاع بطاقة التأهل.
“هاردلك” لقطر وتونس، وبانتظار السعودية والمغرب في الدور الثاني.