ما وراء تركيز الضربات التركية على موارد “قسد” المالية

  • 2022/11/26
  • 6:10 م

من آثار الأضرار التي لحقت بمعمل السويدية لإنتاج الغاز بريف ديرك شمال شرقي سوريا - 25 من تشرين الثاني 2022 (ANHA)

تركّز القصف التركي لأول مرة منذ عدة أيام على مواقع نفطية وحقل غازي يعتبر أحد المصادر الأساسية لتمويل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وسط الحديث عن عملية عسكرية تركية برية مرتقبة.

وفي 23 من تشرين الثاني الحالي، أفاد مراسل عنب بلدي في الحسكة، أن تركيا قصفت حقل “عودة” النفطي شرقي بلدة القحطانية، باستخدام الطيران المسيّر.

كما طال القصف محطة “دجلة للنفط” شمال بلدة الجوادية بالقرب من الطريق الدولي، ما تسبب باندلاع حريق فيها، تبعه توجه سيارات الإسعاف إلى المنطقة.

وذكر المراسل أن أبرز الأهداف التي طالها القصف التركي كان معمل غاز “السويدية” في ريف الماليكة شرقي الحسكة، الذي يمد معظم مناطق سيطرة “قسد” بالغاز، ما خلّف أضرارًا كبيرة فيه.

وتعرضت ثاني أكبر محطة لتجميع النفط في مدينة القامشلي، وهي محطة “سعيدة” في الريف الشمالي الشرقي للحسكة، لقصف تركي ومعها محطة “زاربة”، بحسب وكالة “هاوار” المحلية.

ويستمر القصف التركي المكثف ضد مواقع “قسد” منذ عدة أيام، في اتهامات توجهها تركيا لأحزاب كردية تشكّل عصب “القوات” بوقوفها خلف تفجير ضرب منطقة سياحية باسطنبول التركية قُتل فيه مدنيون.

وتزامن التصعيد العسكري في المنطقة مع تصريحات أطلقها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 23 من تشرين الثاني الحالي، حول أن العمليات التي نفذتها تركيا “ما هي إلا البداية”، بحسب وكالة “الأناضول” التركية.

وتعهّد أردوغان بـ”اجتثاث الإرهابيين من مناطق تل رفعت ومنبج وعين العرب”، شمالي سوريا.

ما وراء الضربات؟

تعكف تركيا على تنفيذ استراتيجية عسكرية “جديدة” في سوريا، بتركيز الاعتماد على استخدام القوة الجوية كأداة لتحقيق أهداف عسكرية “شبه كاملة”، وعدم الاكتفاء بمهامها الاعتيادية في تقديم التغطية الجوية وتهيئة الميدان للقوات البرية، بحسب دراسة لمركز “جسور” للدراسات، في 24 من تشرين الثاني الحالي.

وعبر مهامها، تستنزف وتُضعف الطائرات الحربية والمسيرة حزب “العمال الكردستاني” (PKK) و”قسد”، عبر تركيز الضربات على القيادات ومخازن الأسلحة وخطوط الإمداد والمخابئ وغيرها من المنشآت العسكرية واللوجستية والاقتصادية، وفق الدراسة.

الأكاديمي والباحث السياسي مهند حافظ أوغلو، قال لعنب بلدي، إن تركيا تسعى “لإضعاف” الجانب المادي والتمويلي بالنسبة لـ”قسد”، عبر ضرب منابع تمويلها.

ويعتقد حافظ أوغلو بأنه خلال المرحلة المقبلة، ستتوقف أيضًا الولايات المتحدة الأمريكية عن دعم “قسد”، بحكم التفاهمات مع تركيا.

بينما يرى المحلل السياسي إبراهيم كابان، أن الاستراتيجية التركية الجديدة تهدف لضرب “البنية التحتية والاقتصادية” للمنطقة، واعتبر أن الخاسر الأول من هذه الضربات هو “المواطن السوري” الذي يعيش في المنطقة، بحسب ما قاله لعنب بلدي عبر مراسلة إلكترونية.

وعزا استهداف تركيا المنابع النفطية لاعتقادها بأن قوة “قسد” ناتجة من وجود النفط بالمنطقة، بينما معظم ما قُصف “مصافٍ نفطية صغيرة أهلية لا تخص (قسد)”، وفق كابان.

وحول احتمال أن يكون تعطيل هذه الموارد من مخطط العملية العسكرية البرية، أجاب كابان بأن مخطط العملية البرية لم يبدأ الآن ولكن منذ أشهر، وما تغيّر في هذه المرحلة أن الضربات أصبحت في “العمق الاستراتيجي” بدلًا من المناطق الحدودية.

وأضاف أن تركيا تحتاج فقط إلى توافق أمريكي وروسي وإيراني لتبدأ العملية، وأن هدف تركيا من التصعيد العسكري هو “دفع (قسد) إلى روسيا وتسليم المنطقة للنظام السوري”، وهو من أحد مخرجات اجتماعات “أستانة” و”سوتشي”، بحسب كابان.

ويعتقد الأكاديمي مهند حافظ أوغلو، أن العملية البرية ستبدأ خلال أيام قليلة بحسب “المؤشرات”، وأنها لا تنتظر تعطيل الموارد الاقتصادية على الرغم من انعكاساتها السلبية على “قسد”.

ما آثار الضربات؟

علمت عنب بلدي من أحد مهندسي البترول العاملين في حقول نفط “رميلان” (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية)، أن الضربات التركية الأخيرة على منشآت النفط التي تسيطر عليها “قسد” في الحسكة، أدت إلى تراجع الإنتاج بشكل “جزئي”، فالإنتاج لا يزال مستمرًا، وبيع النفط لمناطق سيطرة النظام بمتوسط 70 صهريجًا يوميًا لم يتأثر.

وأضاف أن الدمار طال بعض محطات الضخ الفرعية وليس الرئيسة المنتشرة في محيط القامشلي والقحطانية.

وبما يخص معمل غاز “السويدية”، قال المهندس إن المعمل خرج عن الخدمة في الوقت الحالي، وسيحتاج في حال توفر “الإمكانيات الفنية وقطع الإصلاح والغيار” إلى شهر من الصيانة قبل العودة إلى الإنتاج.

وأوضح أن “الإدارة الذاتية” تخطط حاليًا لاستيراد الغاز من إقليم شمال العراق لسد النقص الحاصل، على الرغم من أنه سيرفع سعر اسطوانة الغاز المنزلي “أضعافًا مضاعفة”، علمًا أن المعمل كان ينتج تقريبًا 11 ألف اسطوانة غاز يوميًا.

وقال مدير شركة استثمارات الغاز بحقول الحسكة، عكيد عبد المجيد، لوكالة “نورث برس” المحلية، “إن معمل الغاز بريف السويدية سيكون خارج الخدمة لعدة أشهر، نظرًا إلى الأضرار الجمة فيه”، وسيؤدي توقف المعمل إلى حرمان السكان من الغاز المنزلي، وانقطاع الكهرباء عن عدة بلدات وقرى.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا