في الوقت الذي تتواصل فيه الاحتجاجات بإيران منذ 16 من أيلول الماضي، ترتفع أصوات بعض الرياضيين فيها، معربين عن تضامنهم مع الاحتجاجات، ورفضهم لسياسة القمع التي تتبعها السلطات بحق المتظاهرين.
التضامن مع الاحتجاجات يتزامن مع مطالب أممية وحقوقية بوقف سياسة القمع والكف عن توجيه تهم يُعاقَب عليها بالإعدام بسبب المشاركة، أو المشاركة المزعومة، في مظاهرات سلمية بإيران.
وتتوالى المواقف من الرياضيين الذين قرروا عدم الابتعاد عما يحدث في الشارع الإيراني، وعدم الانصياع لما تريده سلطة البلاد، وذلك على خلفية مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني في مستشفى بطهران، بعد احتجازها من قبل “شرطة الآداب” بتهمة عدم التزامها بـ”مواصفات الحجاب”، وانتهاكها “قواعد اللباس المحتشم”، في أيلول الماضي.
الصمت لا يعني الرضا
أحدث هذه المواقف كان امتناع لاعبي منتخب إيران لكرة القدم عن ترديد النشيد الوطني لبلادهم قبل مباراتهم الافتتاحية في كأس العالم لكرة القدم أمام إنجلترا.
وصمت كل عناصر التشكيلة الأساسية لإيران خلال عزف النشيد الوطني في استاد “خليفة” الدولي، الاثنين 21 من تشرين الثاني، في إشارة إلى دعم الاحتجاجات في بلادهم.
المنتخب الإيراني يرفض ترديد النشيد الوطني…#A24Sports pic.twitter.com/OHIjbQAvhJ
— A24sports (@A24sports2022) November 21, 2022
وسبق لمدرب إيران البرتغالي كارلوس كيروش أن قال إن للاعبيه “الحق في التعبير عن آرائهم”، مع احترام روح اللعبة وقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم.
امتناع لاعبي منتخب إيران جاء بعد يوم من إبداء قائد المنتخب، إحسان حاج صافي، تعاطفه مع العائلات “المفجوعة” في إيران، قائلًا “نريد أن يعرفوا أننا معهم”.
وذكر حاج صافي أنه “لا يوجد شك أن الأوضاع غير جيدة في إيران، والشعب يشعر بالحزن، ونحن هنا لإسعادهم”.
وتابع أنه “يجب أن نتقبل أن الوضع في بلادنا غير صحيح، وأن شعبنا غير سعيد. نحن هنا، ولكن هذا لا يعني أننا لن نكون صوتهم أو لا نحترمهم”.
وودع المذيع والمراسل الرياضي داود عبيدي هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية التي يعمل بها، ونشر، في 19 من تشرين الثاني الحالي، عبر “إنستجرام“، “كيف يمكن الظهور بمظهر المذيع الرياضي السعيد المفعم بالحيوية، وهناك الكثير من الآهات والحسرات والأحزان في كل ركن من أركان هذه الأرض؟ على الأقل أنا لم أعد أتحمل”.
وكان من المقرر أن يسهم عبيدي في تغطية خاصة لكأس العالم في قطر.
مطالب بالحظر.. “الرياضة صوت الناس”
في تشرين الأول الماضي، طالبت مجموعة من الشخصيات الرياضية والحقوقية بإيقاف عضوية الاتحاد الإيراني لكرة القدم، وطرد منتخب إيران من كأس العالم 2022 في قطر، بعد تقديم طلب رسمي إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، ورئيسه جياني إنفانتينو.
وذكرت وكالة “صوت أمريكا” الحكومية الأمريكية، أن الإعلامية الإيرانية والناشطة في مجال حقوق المرأة مسيح علي نجاد، قدمت عريضة إلى “فيفا”، بالتعاون مع رياضيين إيرانيين وتوجيه من مكتب المحاماة “Ruiz-Huerta & Crespo” في مدينة فالنسيا الإسبانية.
وبعد تقديم المطالب قال بطل العالم للناشئين ومدرب المنتخب الإيراني للمصارعة السابق سردار باشاي لوكالة “رويترز“، في 1 من تشرين الثاني الحالي، إن اتحاد كرة القدم يجب أن يكون مستقلًا، لكن في إيران “هذه مزحة”، فكل شيء يسيطر عليه “الحرس الثوري”.
وقال باشاي، “ما الفرق بين إيران وروسيا؟ روسيا هاجمت أوكرانيا وقتلت الناس، لذلك كان القرار الصائب بحظر منتخبها، يجب أن يحدث الأمر نفسه لإيران”.
وفرض الاتحادان الدولي (فيفا) والأوروبي (يويفا) عقوبات على روسيا بعد غزوها أوكرانيا، منها استبعاد المنتخب والأندية الروسية من المشاركة في جميع المسابقات.
بطل الكاراتيه السابق مهدي جعفر جولي زاده، ذكر أنه تعرض للتعذيب على يد السلطات في إيران عام 2004 قبل أن يهرب لاحقًا إلى ألمانيا.
وقال لـ”رويترز”، إن كرة القدم هي “أفضل طريقة لمشاركة أصواتنا، لا يوجد اتصال بالإنترنت على الإطلاق بين داخل إيران وخارجها، فكيف يسمعنا الناس؟”.
ولفت زاده إلى أن أحد الأسباب المهمة لحظر منتخب كرة القدم من قبل “فيفا” هو “أن الجميع في أنحاء العالم سيسألون، ماذا حدث لإيران؟”.
مواقف مبكرة.. كريمي ودائي
ومنذ بداية المظاهرات، دعم اللاعبان السابقان في المنتخب الإيراني لكرة القدم علي دائي وعلي كريمي الاحتجاجات الحاصلة في إيران، وانتقدا التعامل مع المتظاهرين.
ويلاحق القضاء الإيراني لاعب الوسط الدولي السابق علي كريمي، وقالت تقارير إعلامية إيرانية، إن “علي كريمي، أحد قادة أعمال الشغب التي شهدتها البلاد، ملاحق من قبل السلطات القضائية لأنه رفع صوت العدو وشجعه”.
وانتقد كريمي على مواقع التواصل الاجتماعي حادثة وفاة أميني، ونشر مواقف مؤيدة للاحتجاجات في بلاده، وقال، “لا شيء يستطيع أن يمحو هذا العار”.
ويعيش كريمي منذ أشهر عدة في الإمارات، بحسب وسائل إعلام محلية.
من جهته، حث أسطورة الكرة الإيرانية واللاعب الدولي السابق علي دائي السلطات على حل مشكلات “الشعب الإيراني بدلًا من استخدام القمع والعنف والاعتقالات”.
وانتقد تعامل السلطات مع المتظاهرين، واستنكر أنباء وفاة الطالبة إسراء بناهي جراء ضربات قوات الأمن في مدينة أردبيل شمال غربي إيران.
وحجزت السلطات جواز سفر علي دائي بعد انتقاده لها ثم أعادته، وفق تقارير إعلامية إيرانية.
وتتواصل الاحتجاجات الشعبية في مناطق مختلفة من إيران، منذ مقتل الشابة مهسا أميني على يد قوات “شرطة الأخلاق” في أيلول الماضي.
وترد السلطات على الاحتجاجات بالقمع والاعتقال ووصفها بـ”أحداث الشغب”، الأمر الذي يدينه الاتحاد الأوروبي، وتجلى ذلك بفرضه، في 14 من تشرين الثاني الحالي، عقوبات إضافية على إيران، استهدفت 29 فردًا وثلاث منظمات، ردًا على استخدام القوة على نطاق واسع ضد الاحتجاجات السلمية في البلاد.
وقُتل منذ اندلاع الاحتجاجات ما لا يقل عن 378 شخصًا بينهم 47 طفلًا في حملة قمع المظاهرات، وفق حصيلة نشرتها منظمة “إيران هيومن رايتس” في 20 من تشرين الثاني الحالي.
اقرأ أيضًا: مطالب حقوقية بوقف إصدار “الإعدام” بحق المتظاهرين في إيران
–