تعا تفرج
“المجلس الإسلامي” يؤثم اللاجئين
خطيب بدلة
أبدى “المجلس الإسلامي السوري”، العين لا تصيبه، حرصًا غير مسبوق على حياة السوريين، المسلمين طبعًا، الذين يهربون من براميل بيت الأسد، وتقاطع نيران بيت الشرع مع جماعة “الجيش الوطني”، ونفضهم بفتوى من كعب الدست، حرم بها عليهم السفر غير الآمن، معتبرًا مَن يسافر بهذه الطريقة آثمًا. المصدر: عنب بلدي.
مؤكد أن نياط قلوب أعضاء “المجلس”، المقيمين في اسطنبول، تتقطع يوميًا، وهم يرون، ويسمعون أن أبناء سوريا الحبيبة مرميون في عراء مدينة إزمير، بين السماء والطارق، مهرّب يشوطهم، ومهرّب يتلقاهم، وهم يحملون أطفالهم، وبعض أمتعتهم، ويتزنرون ببعض الدولارات التي بقيت لهم بعد كل قصف وقتل وتشريد، يجرون شمالًا وجنوبًا، على أمل أن يصلوا إلى ذلك البلم المطاطي الحقير، الواقف على نَقرة حتى يفس، ويفش، ويقذفهم إلى لجج الأمواج العاتية، وأشداق الحيتان والقروش، ومن يموت منهم يموت، ومن يسلم يصبح حاله كحال المتحاربين في تلك الحكاية القديمة، القائلة إن قبيلتين سوريتين عريقتين سئمتا، ذات يوم، من طول اللُحمة الوطنية التي تجمع أبناء سورية الأبية، بقيادة الرفيق المناضل، ووريثه المهزوز، فانخرطتا في قتال دامٍ، على ظهور الخيل، في البادية السورية، وبينما كانت الخيول تحمحم، والقنا يقرع القنا، والرؤوس والأشلاء تتطاير، إذ قال واحد قليل ذوق، حاشاكم: أين سنحدو حوافر خيولنا؟ فرد عليه رجل غاضب: مَن يسلم يحدو في حماه! فذهبت قولته مثلًا.
المهم، أيها الرفاق المناضلون، الزاحفون غدًا على كثبان الجليل وبطاح الكرمل، يصل اللاجئون المساكين، الناجون من بيت الأسد وبيت الشرع وبيت سمك القرش والحيتان، أخيرًا، إلى اليونان، التي كانت، في يوم من الأيام، المكان الأمثل لأبطال الأساطير، والمفكرين، والفلاسفة، وأصبحت اليوم، مع الأسف، المكان الذي يشهد الكارثة الأروع في العصر الحديث، كارثة هروب السوريين الذين كانت لهم، ذات يوم، حضارة، وأبجدية، ثم جاء من استعمرهم، وشدهم إلى التخلف بكل مَغَار الفتل، ومنعهم من تشغيل عقولهم تحت طائلة قطع الرؤوس التي تحوي تلك العقول. وفي تلك الجزيرة التي تشبه البازار الذي يعقد تحت سماء صافية، تبدأ عملية لجوئهم إلى المخيمات، والكامبات، آملين ألا يطول مكوثهم في هذه المحطة التي ستوصلهم، بعونه تعالى، سالمين إلى بلاد العلمانية والشرك، و”السوسيال” السويدي الذي يأخذ أبناء المسلمين، ويحرق دماء آبائهم، الذين ما ضربوهم بالأكف والصرامي والقشط إلا من أجل مصلحتهم، ولكي يكون الواحد منهم مربى، لا يتكلم، ولا يبتسم، ولا يضحك، ولا يفكر، بوجود الكبار، لأن المثل يقول: من كان أكبر منك بيوم هو أعلم منك بسنة.
لا يمكن، في حال من الأحوال، أن نشبه أعضاء “المجلس الإسلامي” بذلك الرجل الذي سأل “أين نحدو خيولنا؟”، وأنا أظن أن أعضاء “المجلس” استيقظوا، ذات يوم، وأحضر لهم الخدم فتة الحمص والفول والفلافل من مطعم “بوز الجدي”، وكان التلفزيون يبث صورة مركب للاجئين يغرق، فصدت أنفسهم عن الطعام، وقال أحدهم: مو حرام يموتوا هالناس؟ فرد عليه الآخر: نعم. حرام. تعالوا ننفضهم بفتوى تحرم سفرهم. فنفضوهم. والله أعلم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :