رئاسة الهجرة تصف التقارير بـ"المزاعم"
لاجئون سوريون في تركيا.. ترحيل “قسري” وظروف احتجاز “سيئة”
عنب بلدي – خاص
بعد أسبوع من ظروف احتجاز سيئة، وإجباره على توقيع أوراق “العودة الطوعية” من تركيا، وصل الشاب محمد (23 عامًا) إلى الشمال السوري عبر معبر “باب السلامة” الحدودي بين سوريا وتركيا.
الشاب الذي ينتظر حصوله على بطاقة “الحماية المؤقتة” (الكملك)، بعد أن سجّل عليها قبل أشهر، أعادته السلطات التركية إلى جانب 150 شخصًا آخرين مطلع تشرين الثاني الحالي.
وتنفي السلطات التركية مزاعم ترحيلها لاجئين سوريين “قسرًا” رغم امتلاكهم أوراقًا ثبوتية، أو تقديمهم عليها، رغم توثيق منظمات حقوقية وإنسانية لهذه الحالات.
ترحيل لا “عودة طوعية”
قال الشاب لعنب بلدي، إن عناصر الشرطة احتجزوه في أحد سجون مدينة اسطنبول لمدة أربعة أيام، ثم نُقل بعدها إلى مركز توقيف الأجانب في توزلا بالطرف الآسيوي من اسطنبول.
“محمد”، وهو اسم مستعار لأسباب أمنية، بقي في توزلا لمدة يومين إلى جانب مجموعة يتراوح عددها بين 100 و150 شخصًا، وخلال اليومين تم جلب أشخاص جدد إلى المركز أيضًا، حسب قوله.
وجرى ترحيل الجميع إلى مركز آخر للاجئين في ولاية أضنة، وبقي الأشخاص على أرضية ملعب أو أشبه بالحديقة داخل المركز لليوم التالي، وجرى تبصيمهم بشكل إجباري على أوراق “عودة طوعية”، بحسب “محمد”.
وأضاف الشاب أن عناصر المركز أوهموا وخدعوا اللاجئين السوريين بقولهم، إنها ليست أوراق ترحيل أو عودة إلى سوريا، لكنها كانت كذلك، وجرى نقلهم إلى معبر “باب السلامة”، ودخلوا الأراضي السورية في 1 من تشرين الثاني الحالي.
أشار الشاب إلى وجود أفراد من ضمن المرحّلين يملكون أوراقًا ثبوتية، وأشخاص متزوجين بقي قسم من عائلاتهم في تركيا.
ولفت “محمد” إلى أن عائلات من نساء وأطفال جرى ترحيلهم بحافلات مختلفة، وبمعزل عن الحافلات التي نقلت الشبان، وجرت مصادرة هواتفهم وتسليمها لهم عند معبر “باب السلامة”.
المكتب الإعلامي لمعبر “باب السلامة” الحدودي قال لعنب بلدي، إن عدد العائدين من تركيا إلى سوريا خلال تشرين الأول الماضي بلغ 2301 شخص، دون تحديد ما إذا كان ذلك “عودة طوعية” أو ترحيلًا، أو أُلقي القبض عليهم خلال عبورهم الحدود بطرق غير نظامية.
وتتحفظ المعابر الخاضعة لنفوذ تركي، مثل معبر “باب السلامة”، على ذكر مفردات “ترحيل” أو “إعادة قسرية”، وتُدرج المرحّلين تحت بند “العائدين طوعيًا”، رغم اقتياد السلطات التركية هؤلاء الأشخاص، وتسليمهم لسلطات المعبر، بحسب منظمة “سوريون من أجل العدالة“.
ظروف احتجاز “غير صحية”.. ومصير “مجهول”
الشاب الذي دخل إلى تركيا منذ ثمانية أشهر قال إن المعاملة في مراكز الاحتجاز كانت سيئة، إذ تعرضوا لإهانة وشتائم، ووصل الأمر إلى حدّ ضرب بعض الأشخاص أحيانًا، لمجرد أن صوتهم مرتفع، أو في حال أشعل أحدهم سيجارة في الملعب الذي وُضعوا فيه.
وأضاف أن عناصر المركز وضعوا القيود بأيدي الشبان في “الباص” (الحافلة)، من خلال تكبيل يد كل شخص مع يد الشخص الذي بجانبه، لتفادي أي محاولة للهرب، حسب قول الشاب.
ووصف “محمد” ظروف الاحتجاز في مركزي “توزلا” و”أضنة” بأنها فوضى، حيث المكان ضيق مقارنة بعدد الأشخاص، والنوم غير متاح إلا في الملعب، والهواتف مصادرة، والأكل محصور في “براكية” صغيرة لبيع بعض المأكولات والبسكويت.
وبعد مصير مجهول لمدة أسبوع أيضًا، خلال رحلة “عشوائية” بين سجنين ومركز ترحيل، وصل “عمر” (24 عامًا)، وهو اسم مستعار لأسباب أمنية، إلى معبر “باب السلامة” داخل الأراضي التركية، في نيسان الماضي.
التقت عنب بلدي الشاب السوري الذي كان يعمل في أحد مطاعم اسطنبول، وقدم إلى تركيا منذ سنتين، وقال إنه احتُجز في سجنين خلال أربعة أيام، كانا عبارة عن محطتي تنقل، حتى وصل إلى مركز ترحيل اللاجئين في “توزلا”، دون السماح له باستخدام الهاتف خلال هذه الفترة.
وذكر الشاب أن أسوأ الظروف كانت في مركز “توزلا”، فالمكان مكتظ بالمحتجزين، وكمية الأكل قليلة، وتقتصر على “سندويشة وعلبة عصير”، والمكان غير نظيف.
نُقل الشاب الذي يملك “كملك” استخرجه من ولاية نيدا (Niğde) إلى معبر “باب السلامة”، ومعه حوالي 100 شخص، وتُركوا أمام خيارين، إما سوريا وإما العودة إلى الولاية التي استخرجوا منها “الكمالك”، أو إلى ولاية تمنح بطاقة “الحماية المؤقتة” لمن لا يملكها.
وسبق أن تحدثت عنب بلدي عبر مكالمة هاتفية مع مجموعة من السوريين الذين نُقلوا في حزيران الماضي إلى مخيم “كلّس”، إذ أوضحوا أن المخيم لا تتوفر فيه المياه سوى ساعة أو ساعتين، وأن “الكرفانات” غير نظيفة، وذلك بعد نقلهم إليها لتقييم ملفات لجوئهم في تركيا.
توثيق ونفي
في 24 من تشرين الأول الماضي، أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرًا قالت فيه إن السلطات التركية “اعتقلت واحتجزت ورحّلت بشكل تعسفي مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين إلى سوريا بين شباط وتموز الماضيين”.
وأضافت المنظمة أن اللاجئين المرحّلين تعرض معظمهم للضرب والإساءة، وأُجبروا على توقيع استمارات “العودة الطوعية”، واقتيدوا إلى نقاط العبور الحدودية مع شمالي سوريا، وأُجبروا على العبور تحت تهديد السلاح، رغم امتلاكهم بطاقة “الحماية المؤقتة”.
وذكرت المنظمة أن ظروف مراكز الاحتجاز “غير صحية”، منها نقص في الطعام والوصول إلى دورات المياه وغيرها، وتعرّض بعض السوريين في مراكز الترحيل للركل أو الضرب بأيديهم أو بهراوات خشبية أو بلاستيكية من قبل المسؤولين الأتراك.
وسبق أن رحّلت تركيا لاجئين سوريين “قسرًا” رغم امتلاكهم أوراقًا ثبوتية، إلا أنها أعادت جزءًا كبيرًا منهم خلال فترات زمنية متفاوتة، بعد انتشار تسجيلات مصوّرة للاجئين المرحّلين تثبت امتلاكهم أوراقًا رسمية.
من جهتها، نفت رئاسة الهجرة التركية “مزاعم” منظمة “هيومن رايتس ووتش”، واصفة السياسة التركية بـ”النموذجية” في التعامل مع اللاجئين، ومتهمة تقرير المنظمة الأممية بـ”الفاضح البعيد عن الواقع”.
ونقلت قناة “TRT” التركية، في 27 من تشرين الأول الماضي، بيانًا قالت إنه صادر عن رئاسة الهجرة، ذكرت أن ما ورد في تقرير المنظمة من “ادعاءات” بأن السلطات التركية اعتقلت واحتجزت تعسفيًا ورحّلت مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين إلى سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية، “عارية عن الصحة”.
وأكّدت رئاسة الهجرة، أن سوريا تعتبر حاليًا أحد البلدان التي يُطبّق عليها “مبدأ عدم الإعادة القسرية”، مشيرة إلى أن السوريين الذين عادوا إليها فعلوا ذلك “طوعًا”.
ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين و595 ألفًا و134 لاجئًا سوريًا، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن الرئاسة العامة لإدارة الهجرة التركية، في 10 من تشرين الثاني الحالي، مقابل ثلاثة ملايين و655 ألفًا و489 شخصًا في أيلول الماضي.
شارك في إعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في ريف حلب ديان جنباز
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :