فيتو .. فيتو .. لمرتين هذا كان الرد الروسي على كل مشروع قرار أممي يطرح على مجلس الأمن حتى عندما عدّل ليتضمن أخف اللهجات تجاه النظام السوري
لربما لا يخفى عن السوريين أن هناك مصالح متعددة للروس داخل سوريا تتعدد أوجهها في المصالح الاقتصادية والعسكرية والثقافية والجيوسياسية ومصالح في إثبات الذات أمام الغرب.
إذا عدنا في التاريخ قليلاً فإننا نجد أن الاتحاد السوفيتي من أول المعترفين باستقلال سوريا حيث ارتقت المصالح الروسية السورية مع وصول حافظ الأسد لسدة الحكم لتصل إلى التحالف الاستراتيجي. أتت الحاجة السوفيتية لموطئ قدم في الشرق الأوسط كبديل بعد طردها من مصر, فكانت البدائل في العراق وسورية. انهارت العلاقات الروسية مع العراق إبان الحرب الأمريكية عليها لتبقى سورية المعقل الأخير لها.
أقامت روسيا العديد من المشاريع الاقتصادية في سورية بهدف ربطها بشكل تكون فيه سورية كطرف لا شريك (علاقة تبعية) شملت قطاع النفط وبعض مشاريع السكك الحديدية والموانئ لربط مناطق الإنتاج الزراعي بالموانئ وأقامت القاعدة العسكرية بطرطوس كما قامت بتصدير الأسلحة بكميات كبيرة وربطت تجارة قطع التبديل الخاصة بمنتجاتها حصريًا بها بينما بالمقابل كانت الصادرات السورية لروسيا تشمل الأقمشة والغزول القطنية والكونسروة وبعض الخامات الأولية.
تنفق سورية سنوياً على المستوردات من روسيا ما يتجاوز 52 مليار ليرة بنسبة تفوق 6.5% من إجمالي مستورداتها مقارنة بـ 14% مستوردات من الدول العربية مجتمعة و26% من جميع دول الاتحاد الأوروبي ناهيك عن المستوردات العسكرية.
وبعد أن شطبت روسيا ما يقارب 73% من ديونها, بلغت الديون الخارجية لروسيا حوالي 3.6 مليار دولار من إجمالي 5.2 مليار دولار مستحقة على دمشق تسدد خلال السنوات العشر القادمة أو يمكن استخدامها لسداد المستوردات الروسية. لم يكن هذا الشطب مجانياً بل كانت له أبعاد فاقت المجال الاقتصادي. فقد فتحت هذه الاتفاقية الباب واسعاً أمام تثبيت موطئ القدم الروسية في الشرق الأوسط حيث تتالت الاتفاقيات لشراء الأسلحة والاتفاقيات التجارية وارتقت إلى المستوى الاستراتيجي بعد زيارة الرئيس الروسي لسورية.
فقد ارتفعت الصادرات العسكرية الروسية إلى سورية بنسبة تتراوح بين 7-10% ومنذ تاريخ الاتفاقية عام 2005 وحتى اليوم فقد ازدادت نسبة التسلح في سورية بمعدل 600% علماَ أن 78% من الأسلحة السورية مصدرها روسيا تشتمل على صورايخ وطائرات مقاتلة وأسلحة خفيفة ومتوسطة وذخائر بالإضافة إلى كميات كبيرة من السيارات العسكرية وقطع التبديل التي تجبر الحكومة على قبول شرائها تزامنا مع كل صفقة.
يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 2 مليار دولار يتركز معظمه على النفط والغاز.
في عام 2010 عقدت سورية صفقة تسلح قدرت حينها بحوالي 700 مليون دولار. وجرت مشاورات حول شراء طائرات من نوع «ياك» لاستخدامات مدنية تجارية ولكن رفض الطيارون السوريون العمل على هذا الطراز لأنه يحرمهم من قيادة الطرازات المشهورة عالمياً. والذي أوقف حينها ليظهر للوجود مرة أخرى «عسكرياً» بصفقة شملت 36 طائرة تدريب من النوع نفسه قدرت قيمته بـ 550 مليون دولار. إضافة إلى إعادة افتتاح القاعدة العسكرية بطرطوس والتي خصصت للدعم التقني للأسطول الروسي الذي رسا بدرة تاجه «حاملة الطائرات الوحيدة» مؤخراً ليثبت للعالم الدعم المطلق للنظام السوري حتى لو اضطره الأمر إلى التدخل العسكري.
مؤخراً, وخلال الأشهر الماضية وصل إلى سورية 60 طن أسلحة في مطلع 2012 شملت أسلحة خفيفة ومتوسطة وذخائر.
إذا فروسيا ترى في سورية «قلعتها الأخيرة» في الشرق الأوسط بعد أن خسرت حضورها عالمياً في أفغانستان ومصر وأوروبا الشرقية. ويبدو أنها غير مستعدة للتنازل عنها وستسعى –عبر سورية- لتحقيق تسوية عالمية على غرار ما حصل نهاية الحرب العالمية الثانية بشكل يرضي مصالحها حتى ولو كان الثمن دماء الشعب السوري والعالم بأسره
.