لماذا منح بايدن حصانة لابن سلمان في مقتل خاشقجي

  • 2022/11/18
  • 3:25 م
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يحيي الرئيس جو بايدن بقبضة يده بعد وصوله إلى قصر السلام في جدة- المملكة العربية السعودية - 15 من تموز 2022 (AP)

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يحيي الرئيس جو بايدن بقبضة يده بعد وصوله إلى قصر السلام في جدة- المملكة العربية السعودية - 15 من تموز 2022 (AP)

حكمت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بمنح ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، حصانة سيادية في قضية مدنية تتعلق بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ما ينهي فعليًا أي محاولة لمحاسبته في جريمة القتل.

وفي ملف صدر في وقت متأخر من الخميس 17 من تشرين الثاني، قالت وزارة العدل الأمريكية، إن ترقية ولي العهد الأخيرة لمنصب رئيس الوزراء تعني أنه “رئيس الحكومة الحالي، وبالتالي فهو محصن” من الدعوى القضائية.

وكان العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، عيّن الأمير محمد رئيسًا للوزراء في مرسوم ملكي، في أواخر أيلول الماضي، وهو ما يتوافق مع المسؤوليات التي كان يمارسها فعليًا.

وأضافت الوزارة، “لقد أعربت حكومتنا عن قلقها البالغ بشأن مقتل خاشقجي المروّع، وأثارت هذه المخاوف علنًا ومع أعلى المستويات في الحكومة السعودية”.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة فرضت أيضًا عقوبات مالية، وقيودًا على التأشيرات للضالعين في جريمة القتل، بحسب ما نقلته صحيفة “الجارديان” البريطانية.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أدريان واتسون، “هذا قرار قانوني اتخذته وزارة الخارجية بموجب مبادئ راسخة منذ فترة طويلة من القانون الدولي العرفي”.

“قُتل مجددًا”

قُتل خاشقجي، وهو سعودي الجنسية كان يقيم في ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة، وكان يكتب منتقدًا قمع ولي العهد السعودي للتعبير والمعارضة داخل المملكة، على يد عملاء سعوديين في القنصلية السعودية باسطنبول في تشرين الأول 2018.

خلص تقرير استخباراتي غير سري عن جريمة القتل، أصدرته إدارة بايدن بعد فترة وجيزة من تولي الرئيس منصبه، إلى أن الأمير محمد أمر بالقتل.

أكد التقرير المكوّن من أربع صفحات والذي صدر في 25 من شباط 2021، وجهة النظر المشكوك فيها منذ فترة طويلة بأن الملك المستقبلي البالغ من العمر 37 عامًا كانت له يد شخصية في القتل العنيف لأحد أبرز منتقديه.

من جهته، نفى ابن سلمان المزاعم، وطلب الحصانة من الملاحقة القضائية، زاعمًا أن مناصبه الحكومية والملكية المختلفة تمنحه الحصانة وتضعه خارج اختصاص المحاكم الأمريكية.

لكن بصفته وليًا للعهد، لم يكن ابن سلمان مؤهلًا للحصانة السيادية التي تشمل عادة رئيس دولة أو رئيس حكومة أو وزير خارجية، ولم يكن ابن سلمان أيًا منهم.

بعد ذلك، قبل أيام قليلة من تفكير إدارة بايدن الشهر الماضي في مسألة الحصانة، تمت ترقية ابن سلمان إلى منصب رئيس الوزراء من قبل والده، الذي عادة ما يتولى هذا المنصب.

وقالت خطيبة خاشقجي السابقة خديجة جنكيز، عبر حسابها على “تويتر” بعد دقائق من نشر الخبر، “مات جمال مرة أخرى اليوم”.

وأضافت، “اعتقدنا أنه ربما يكون هناك ضوء للعدالة من الولايات المتحدة الأمريكية، لكن مرة أخرى، جاء المال أولًا”.

حيلة؟

في 3 من تشرين الأول الماضي، طالب محامو ابن سلمان محكمة محلية فيدرالية في واشنطن، برفض القضية المرفوعة ضده، قائلين إن “الأمر الملكي لا يدع مجالًا للشك بأن ولي العهد يستحق حصانة قائمة على الوضع”.

واستشهدوا بحالات أخرى أعطت فيها الولايات المتحدة حصانة لرئيس دولة أجنبية، وفقًا لوكالة الأنباء “رويترز“.

قال عبد الله العودة، ابن الداعية السعودي المعتقل سلمان العودة، ومدير الأبحاث في منظمة “Dawn” لحقوق الإنسان ومقرها واشنطن، “سيذكر التاريخ هذه اللحظة البائسة للإدارة الأمريكية، وسيذكر التاريخ بيع الدم مقابل النفط”.

بدورها، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة “Dawn” التي أسسها خاشقجي ومقرها واشنطن، سارة ليا ويتسن، إن تلك كانت “حيلة” لتأمين ما يسمى بحصانة رئيس الدولة.

ووصفت ويتسن طلب الحصانة بأنه “نتيجة مروّعة وتنازل هائل” للسعودية.

وفي حديثها لشبكة “CNN“، قالت ويتسن، “إنه حقًا أبعد من المفارقة أن الرئيس بايدن قدم في الأساس ضمانًا بالإفلات من العقاب لابن سلمان، وهو عكس ما وعد به لمحاسبة قتلة خاشقجي”.

وقالت عبر حسابها في “تويتر”، إنه أمر مثير للسخرية، بأن يؤكد بايدن بمفرده أن ابن سلمان يمكنه الإفلات من المساءلة، بينما هو الذي وعد الشعب الأمريكي بمحاسبته”، مشيرة إلى أنه حتى إدارة ترامب لم تفعل ذلك.

وكان أستاذ القانون بجامعة “كاليفورنيا” ويليام دودج، الذي كتب سابقًا أن الأمير لا يحق له التمتع بالحصانة، قال بعد أن أصبح ابن سلمان رئيسًا للوزراء، “يجب على الحكومة أن توصي بأنه يحق له التمتع بالحصانة”.

وأضاف أن “الأمر شبه تلقائي. أعتقد أن هذا هو سبب تعيينه رئيسًا للوزراء”.

في مسار التحولات

من دولة بلا قيمة اجتماعية، إلى “شريك استراتيجي” للولايات المتحدة، كان هذا المدى الذي قطعته المملكة العربية السعودية في نظر بايدن، منذ أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في ثماني سنوات.

تدهورت العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بشكل كبير منذ تولي بايدن الرئاسة عام 2021، لكن الموقف الأمريكي أُعيد توجيهه، قبل زيارة بايدن إلى السعودية في 15 من تموز الماضي.

في تشرين الأول 2020، رفعت خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز، ومنظمة “Dawn”، دعوى قضائية ضد ابن سلمان و28 شخصًا آخرين، في محكمة المقاطعة الفيدرالية بالعاصمة واشنطن.
وتقول الدعوى إن فريق القتلة “خطفوا وقيدوا وخدروا وعذبوا واغتالوا خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول ثم قطعوا جثته”، ولم يُعثر على رفات خاشقجي إلى الآن.

وعد بايدن في الحملة الانتخابية الرئاسية بمعاملة السعودية على أنها “منبوذة” في أعقاب جريمة القتل، ورفض الاعتراف شخصيًا بدور ولي العهد كحاكم فعلي للسعودية حتى زيارته الأخيرة.

وبعد لقائه الأمير محمد، قال بايدن، إنه واجه ولي العهد بشأن مقتل خاشقجي، لكن وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، قال إنه “لم يسمع” بايدن يقول ذلك للأمير محمد، وردًا على هذا الادعاء، قال بايدن إن رواية الجبير غير نزيهة.

كما أشار الجبير إلى أن السعودية تهتم بشدة بحقوق الإنسان، وتحافظ على الموقف السعودي الرسمي بأن مقتل خاشقجي، الذي أظهرت التحقيقات أنه كان مع سبق الإصرار، عملية مارقة حدثت دون علم محمد بن سلمان.

لم يكن مطلوبًا من وزارة الخارجية اتخاذ قرار بشأن الحصانة، لكن المحكمة دعتها لذلك، وفقًا للمتحدث باسم الوزارة، نيد برايس، الذي قال إن “منح الحصانة يستند إلى القانون العام والدولي القديم، وليس انعكاسًا للعلاقات أو الجهود الدبلوماسية الحالية”.

وأوضح برايس لشبكة “CNN”، “اقتراح الحصانة هذا لا يعكس تقييمًا لمزايا القضية، إنه لا يتحدث عن سياسة أوسع أو حالة العلاقات، كان هذا قرارًا قانونيًا بحتًا”.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي