صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبر اللجنة الثالثة (الاجتماعية والإنسانية والثقافية)، لمصلحة مشروع قرار بعنوان “حالة حقوق الإنسان في سوريا”، الذي يرحب بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لإنشاء مؤسسة دولية مختصة بمعالجة مصير المفقودين في سوريا.
وأيدت القرار الأممي، الصادر مساء الأربعاء 16 من تشرين الثاني، 90 دولة، بينما رفضت 14 دولة مشروع القرار، وامتنعت عن التصويت 68 دولة.
ورفض القرار كل من النظام السوري، وروسيا، وإيران، والصين، والجزائر، ونيكاراغوا، وأوزبكستان، وزيمبابوي، وبيلاروسيا، وإرتيريا، وإثيوبيا، وكوبا، وبوليفيا، وكوريا الشمالية.
ومن بين الدول الـ68 التي امتنعت عن التصويت، الإمارات، وجنوب إفريقيا، وليبيا، والهند، وإندونيسيا، ولبنان، والعراق، ومصر، وجيبوتي، وأرمينيا، والبحرين.
ماذا علّقت الوفود؟
ممثل الولايات المتحدة التي قدمت مشروع القرار، أشار إلى استمرار العنف في سوريا بعد 11 عامًا على الانتفاضة، حيث يقع المدنيون في مرمى النيران.
وقال ممثل الولايات المتحدة، “يتظاهر البعض بأن الصراع قد انتهى، لكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، حيث لا يزال استخدام الأسلحة الكيماوية والقصف والقتل خارج نطاق القضاء، والتعذيب والاختفاء القسري، والعنف القائم على النوع الاجتماعي مستمرًا”.
ورحبت الولايات المتحدة بتقرير الأمين العام عن المفقودين، وتوصياته بضرورة أن تكون التدابير “شاملة ومتمحورة حول الضحايا وعائلاتهم”.
وأوضح ممثل الولايات المتحدة أن مشروع القرار يدعو الجمعية العامة إلى الاهتمام بالمحتجزين والمفقودين في أوائل العام المقبل، ويسلّط الضوء على الوضع الإنساني الذي يستدعي تقديم مساعدات دون عوائق، وإعادة تفويض آلية المساعدات عبر الحدود لمدة 12 شهرًا على الأقل.
ممثل إيران قال، إن هذا المشروع يشير إلى أن الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى تواصل “استغلال” آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بما يتماشى مع مصالحها السياسية “الضيقة”.
واتهم أمريكا “بإنفاق المليارات على تمويل الإرهابيين لزعزعة استقرار الحكومة السورية الشرعية”، “وسرقتها” لاحتياطيات سوريا النفطية، مدعيًا بأن نص المشروع يتطرق إلى قضايا خارج نطاق ولاية اللجنة الأممية.
وتعتبر اللجنة الأممية الثالثة الراعية لمشروع التصويت مختصة بالقضايا الاجتماعية والإنسانية والثقافية في العالم.
وأيّد ممثل المملكة المتحدة نص المشروع، موضحًا أنه يحدد المخاوف المشتركة للمجتمع الدولي، وحثّ النظام السوري على تحسين سجله في مجال حقوق الإنسان قائلًا، “يجب أن يقدم النظام إجابات”.
وذكر أن هناك حاجة إلى مزيد من الجهود لضمان المساءلة وتحصيل المعلومات، بالنسبة للمفقودين، كما ذكر أن الوضع الإنساني “تدهور بشكل كبير”، لأن المساعدات “عبر الحدود” لم تعد ممكنة، في حين أن الوصول “أمر حيوي”، خاصة مع اقتراب أشهر الشتاء.
وقال ممثل روسيا، إن المشروع “بعيد كل البعد عن الواقع، ويقوم على الأكاذيب والتخمين”، مضيفًا أن “الاتهامات التي لا أساس لها تهين الشعب السوري الذي يعاني الإجراءات القسرية الانفرادية”.
وشكّك في “قلق” الولايات المتحدة بشأن سوريا، مشيرًا إلى أن واشنطن هاجمت البلاد بموجب المادة “51” من ميثاق الأمم المتحدة، طالبًا من اللجنة عدم الانحياز إلى جانب الولايات المتحدة.
بدوره، أشار ممثل السعودية إلى أنه بعد 11 عامًا من الصراع في سوريا، لا تزال المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تلاحظ زيادة في مئات الآلاف من الضحايا المدنيين والمفقودين.
وأعرب عن أسفه للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وقال إن تصويت السعودية لمصلحة القرار، يعبّر عن قناعتها بأن الحل السياسي فقط بموجب القرارات ذات الصلة، وعملية “جنيف” هي التي ستنهي هذه المعاناة.
من جانبه، قال ممثل النظام السوري، إن المسودة التي قدمتها الولايات المتحدة هي أمر “مثير للسخرية”، باعتبار أن الولايات المتحدة “احتلت” الأراضي السورية، و”قصفت” البنية التحتية المدنية، و”منعت” الشعب السوري من الوصول إلى احتياجاته الأساسية.
واتهم مسودة القرار بأنها “مسيّسة بعمق”، و”بعيدة كل البعد عن الواقع”، وتسعى إلى “تقويض إنجازات سوريا الأخيرة تجاه السلام”.
محطات في اقتراح الآلية
وبرز الحديث عن آلية إنسانية دولية مستقلة، تُعنى بالكشف عن مصير المختفين قسرًا والمعتقلين لدى مختلف أطراف النزاع في سوريا، منذ ترحيب المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، في 8 من نيسان الماضي، بطلب الأمم المتحدة في القرار “76/228″، للحصول على تقرير لدراسة آلية لتعزيز الجهود، لتوضيح مصير الأشخاص المفقودين في سوريا وأماكن وجودهم، وتحديد هوية الجثث، وتقديم الدعم لعائلاتهم.
وكان رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول سوريا، باولو بينيرو، قال، في 29 من حزيران الماضي، إن الآلية المتوقع صدورها قريبًا تندرج في السياق الإنساني، ويجب عدم الخلط بين المساءلة الجنائية أو مسار العدالة أو المسؤولية.
وأوضح بينيرو أن المبادرة الأممية مستقلة تمامًا عن النظام السوري، ولا يتطلب تنفيذها موافقته، مشيرًا إلى أمله بتوصل الآلية بعد بداية عملها إلى إجراء “نوع من الحوار” مع النظام السوري، بسبب حيازته المعلومات عن المفقودين.
ولا يزال حوالي نحو 135 ألفًا و253 معتقلًا ومختفيًا قسرًا لدى النظام السوري، بحسب تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” الصادر الأربعاء.
–