فض متظاهرون في مدينة الباب بريف حلب الشرقي اليوم، الأربعاء 16 من تشرين الثاني، الاعتصام الذي أقاموه بعد تدخل قوات “الشرطة المدنية”، ومنحوا مهلة ليومين من أجل الكشف عن نتائج التحقيق مع الضالعين في قضية اغتيال الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته الحامل.
وأفاد مراسل عنب بلدي في ريف حلب، أن المتظاهرين أعطوا مهلة لكشف النتائج حتى يوم الجمعة المقبل، 18 من تشرين الثاني الحالي، بعد أن شهدت المظاهرة هجومًا من عناصر “الشرطة المدنية” على بعض المتظاهرين، واشتباكًا بالأيدي، عقب محاولة المتظاهرين إقامة خيمة للاعتصام.
وانتشر عناصر “الشرطة المدنية” و”العسكرية” قرب دوار “السنتر” (دوار الشهيد أبو غنوم) في مدينة الباب منذ الصباح، ووصلت تعزيزات عسكرية بعد ظهر اليوم.
المدوّن والناشط الإعلامي معتز ناصر قال لعنب بلدي، إن عناصر الشرطة و”الأمن العام” في مدينة الباب تهجموا على خيمة الاعتصام وحاولوا فضه بالقوة، وضربوا المعتصمين ورشوا على بعضهم “رذاذ الفلفل”.
ووجّه بعض العناصر بندقياتهم لمحاولة “إرهاب” وإخافة المتظاهرين، مهددين بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر.
مطالب مؤجلة
الناشط الإعلامي عمار نصار قال لعنب بلدي، إن المتظاهرين خرجوا تحت عنوان “يوم الحقيقة” للمطالبة بأمرين، الأول وضع خطة أمنية محكمة، وتنفيذها بأسرع وقت من قبل المؤسسات الأمنية الموجودة في المدينة.
وكذلك طلب التنسيق بين الأجهزة الأمنية لفصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، وبين “الشرطة “المدنية” و”العسكرية” في المنطقة، لضبط الوضع الأمني المتردي الذي تعيشه المدينة منذ سنوات.
والمطلب الثاني هو كشف التحقيقات عن قتلة الناشط “أبو غنوم” وزوجته الحامل، وتنفيذ القصاص العادل بحقهم، بحسب نصار، لافتًا إلى أن المتظاهرين انتظروا ومنحوا مهلة سابقة للكشف عن نتائج التحقيق وضبط الواقع الأمني، وتلقوا وعودًا لكن دون تطبيق.
وتنتهي اليوم المهلة التي منحها وجهاء ونقابات واتحادات وطلاب و”تنسيقيات” في مدينة الباب، وفق بيان صادر عنهم في 31 من تشرين الأول الماضي، حمل مطالب الكشف عن نتائج التحقيق.
وتداول الناشطون خلال الفترة الماضية صورًا وتسجيلات مصوّرة لأشخاص كانوا ضحايا عمليات اغتيال وتفجير عديدة في مدينة الباب، مرفقة مع وسم “#يوم_الحقيقة”.
40 يومًا على اغتياله
وفي 7 من تشرين الأول الماضي، اغتال مقاتلون مجهولون تبيّن لاحقًا أنهم يتبعون لمجموعة “أبو سلطان الديري” ضمن “فرقة الحمزة” (الحمزات) التابعة لـ”الجيش الوطني”، الناشط محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته الحامل.
وفي 10 من الشهر نفسه، ألقى “الفيلق الثالث”، التابع لـ”الجيش الوطني” أيضًا، القبض على ثلاثة متهمين باغتيال الناشط، وسُلّموا إلى “الشرطة العسكرية” في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي للتحقيق معهم.
وفتحت الحادثة باب اقتتال بين “الفيلق الثالث” من جهة، وفرقتي “الحمزة” (الحمزات) و”السلطان شاه” (العمشات) مدعومتين بـ”هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب من جهة أخرى.
وفي 23 من تشرين الأول الماضي، اعترف محمد العكل (أبو هيثم) أحد الضالعين الرئيسين بقضية اغتيال الناشط “أبو غنوم”، بأن هدف الخلية التالي كان الطبيب محمود السايح من مدينة الباب.
وعبر تسجيلات صوتية نُشرت في قنوات “تلجرام” (واسعة النشاط في المنطقة) للطبيب السايح، ذكر أن “أبو هيثم العكل” اعترف بتلقيه أوامر من “أبو سلطان” بمتابعة الطبيب وتعقبه، بهدف اغتياله من مجموعة أخرى يحددها “أبو سلطان”.
شروط قبل “يوم الحقيقة”
في 15 من تشرين الثاني الحالي، أصدر المجلس المحلي في مدينة الباب تعميمًا ذكر فيه أن إقامة المظاهرات والتجمعات لأي غاية كانت، هي حق أساسي من حقوق أي فرد في المنطقة، على ألا يُستخدم بها السلاح، أو يُعتدى بها على الآخرين.
ووضع المجلس المحلي في تعميمه بندين غير مسموح القيام بهما خلال المظاهرات وهما:
- إقامة التجمعات في الشوارع والطرقات العامة، أو في المساجد والمباني والمرافق التي تقدم خدمات عامة للمواطنين، وفي المناطق التي تقع ضمن مسافة كيلومتر مربع عن مبنى المجلس المحلي لمدينة الباب.
- حرق الإطارات وتعطيل حركة المرور.
وذكر التعميم أنه يحق لرئيس المجلس المحلي تأجيل هذه التجمعات، أو اتخاذ قرار بمنعها، إن كان هناك خطر وشيك وواضح بارتكاب جريمة أو تهديد للأمن العام .
ويحق لجميع المواطنين القيام بالتجمعات والمظاهرات في حديقة “الشعب” (المنشية) بمدينة الباب، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أي شخص يخالف هذه التعليمات، وفق تعميم المجلس.
واعتبر بعض الناشطين أن التعميم تمهيد لتشريع “التشبيح” على المتظاهرين، وليس إلا تحديًا للشعب.
وعود متأخرة “تحت الضغط”
بعد أربعة أيام من اغتيال الناشط، أعربت وزارة الدفاع في “الحكومة السورية المؤقتة” المظلة السياسية لـ”الجيش الوطني”، عن أسفها للأحداث في مدينة الباب، وذكرت أنها مع المطالب الشعبية المنادية بتطبيق الأحكام العادلة على المجرمين الذين ارتكبوا جريمتهم “البشعة”.
بيان الوزارة، الصادر في 11 من تشرين الأول الماضي، جاء بعد أن أشعلت عملية اغتيال الناشط فتيل اقتتال داخلي بين مكوّنات “الجيش الوطني”، لم يتوقف حتى تدخلت تركيا بشكل غير مباشر لوقف الاقتتال، في 17 من الشهر نفسه، عبر “هيئة ثائرون للتحرير” التابعة لـ”الوطني” أيضًا.
ومع تسارع الحديث عن اقتراب انتهاء المهلة التي أعطاها ما يُعرف ببيان “الشارع الثوري”، أصدرت وزارة الدفاع في “المؤقتة” بيانًا، في 10 من تشرين الثاني الحالي، قالت فيه “إن الاعتداء على الناشطين هو اعتداء على الثورة”
وأضافت أن التحقيق لا يزال جاريًا مع منفذي عملية اغتيال “أبو غنوم” وزوجته الحامل، وتوعدت بأنهم سينالون جزاءهم “العادل”.
وفي 10 من تشرين الثاني الحالي، قال مدير إدارة “الشرطة العسكرية”، العميد أحمد الكردي، لعنب بلدي، إن ملف قضية اغتيال “أبو غنوم” أحيل إلى القضاء العسكري.
شارك في إعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في ريف حلب ديان جنباز
–