“مجموعة العشرين”.. منبر سياسي لقمة اقتصادية “فاشلة”
هيمنت الحرب الروسية- الأوكرانية على اجتماع قادة “مجموعة العشرين” المنعقد في جزيرة بالي الإندونيسية، مع غياب واحد من أبرز المؤثرين فيها، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
واجتمع قادة الاقتصادات الكبرى لليوم الثاني من محادثات القمة اليوم، الأربعاء 16 من تشرين الثاني، رغم تعطل جدولهم الزمني بسبب اجتماع طارئ لمناقشة تقارير عن سقوط صاروخ في الأراضي البولندية بالقرب من أوكرانيا.
وتبادل القادة، الثلاثاء 15 من تشرين الثاني، الآراء والمواقف في العديد من القضايا من الغذاء إلى التهديدات النووية، التي أشعلها الغزو الروسي لأوكرانيا، بالإضافة إلى زعزعة الاقتصاد العالمي، وإحياء الانقسامات الجيوسياسية في الوقت الذي كان العالم يتعافى من جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
“قمة مسيّسة”
تمثّل الدول العشرون أكثر من 80% من الناتج المحلي الإجمالي للعالم، و75% من التجارة الدولية، و60% من السكان، بحسب وكالة الأنباء “رويترز“.
ورغم أن أوكرانيا ليست عضوًا في المجموعة، استغل الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الحدث الذي يلفت أنظار العالم، لتسليط الضوء على قضية بلاده.
وألقى زيلينسكي خطابًا عبر الفيديو في القمة، محاولًا إقناع “مجموعة العشرين” بمزيد من الإجراءات لعزل روسيا دبلوماسيًا واقتصاديًا.
وكرر عشرة شروط لإنهاء الصراع المستمر منذ تسعة أشهر، من أهمها الانسحاب الكامل للقوات الروسية، واستعادة أوكرانيا السيطرة الكاملة على أراضيها.
وقال، “لا ينبغي أن يُعرض على أوكرانيا إبرام تنازلات مع ضميرها وسيادتها وأراضيها واستقلالها، لطالما كانت أوكرانيا رائدة في جهود حفظ السلام، وقد شهد العالم ذلك”.
وأضاف، “إذا قالت روسيا إنها من المفترض أنها تريد إنهاء هذه الحرب، فلندعها تثبت ذلك بالأفعال”.
كما حث رئيس المجلس الأوروبي، تشارلز ميشيل، القوى العالمية الأخرى على تكثيف الضغط على روسيا، وفقًا لوكالة “أسوشيتد برس“.
وقال، “تؤثر حرب روسيا علينا جميعًا، بغض النظر عن المكان الذي نعيش فيه، من أوروبا إلى إفريقيا أو الشرق الأوسط، وأفضل طريقة لإنهاء الأزمة الحادة في الغذاء والطاقة هي أن تنهي روسيا هذه الحرب التي لا معنى لها، وأن تحترم ميثاق الأمم المتحدة”.
وأفادت مسودة إعلان لقادة “مجموعة العشرين”، الثلاثاء، أن “معظم الأعضاء أدانوا بشدة الحرب في أوكرانيا، ما يسلّط الضوء على معارضة روسيا الشديدة لأي لغة يُنظر إليها على أنها تنتقد أفعالها”.
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إن الدول الغربية حاولت “تسييس” إعلان مشترك في قمة “مجموعة العشرين”، متهمًا إياها بالضغط لإدراج سطر يدين “الغزو” الروسي لأوكرانيا نيابة عن جميع الدول المشاركة.
وأشار إلى أن “تسييس” القمة غير عادل، وأضاف، “نعم، هناك حرب جارية في أوكرانيا، حرب هجينة أطلقها الغرب ويستعد لها منذ سنوات”، وأكد موقف بلاده بأن توسع “الناتو” قد هدد روسيا.
لا يتضمن جدول القمة “الصورة الجماعية” المعتادة للقادة، لتجنب لحظة محرجة محتملة من التفاعل مع لافروف، الذي حضر نيابة عن بوتين لـ”انشغاله”.
الوسيط في الملعب
بشكل منفصل، عقد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اجتماعًا مطولًا مع وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، لمناقشة مبادرة الممر الآمن.
وبحسب ما قالته المتحدثة باسم الأمم المتحدة، فلورنسيا سوتو نينو، فإن الاتفاق سيُجدد في 19 من تشرين الثاني الحالي، بعد أن علّقت روسيا مشاركتها في الاتفاق لاستهداف أسطولها البحري في شبه جزيرة القرم، في 24 من تشرين الأول الماضي.
في القمة، التقى الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي لعب دورًا محوريًا في التوسط لإنشاء ممر آمن لعبور صادرات الحبوب الأوكرانية، لتخفيف نقص الغذاء العالمي.
وبحسب البيان الصادر عن مديرية الاتصالات برئاسة الجمهورية التركية، تباحث الطرفان في العلاقات الثنائية، وخاصة القضايا التجارية والأمنية، وشكر بايدن أردوغان على جهوده لحل مشكلة ممر الحبوب.
من جهته، أوضح أردوغان أن ممر الحبوب بدأ يعمل مرة أخرى بعد جهود مكثفة، وقال إنه يتعيّن على الاتحاد الأوروبي أيضًا القيام بدوره من أجل استمرار الاتفاقية، وفق ما نقلته صحيفة “يني شفق” التركية.
بالمقابل، انتقدت جماعات المجتمع المدني مسودة إعلان “مجموعة العشرين”، لفشلها في اتخاذ إجراءات بشأن الجوع، وتجاهل التزام سابق بتقديم 100 مليار دولار لتمويل المناخ بحلول 2023.
وقالت نائبة رئيس منظمة “Global Citizen” الدولية لإنهاء الفقر، فريدريك رودر، إن “مجموعة العشرين” تكرر فقط الالتزامات القديمة من السنوات السابقة أو تلاحظ التطورات في أماكن أخرى، بدلًا من تولي زمام القيادة.
وأضافت، “هناك 50 مليون شخص على شفا المجاعة بينما نتحدث، ليس هناك وقت لـ(مجموعة العشرين) لإصدار دعوات للعمل، هم الذين يتعيّن عليهم التحرك”.
الأقطاب المتشاحنة
مع إدانة معظم الحاضرين للغزو الروسي، امتنعت الصين ثاني أكبر اقتصاد بالعالم عن الانتقاد العلني لروسيا الحليفة، لكن بكين كانت حريصة على عدم تقديم أي دعم مادي مباشر لموسكو مثل توريد الأسلحة، تجنبًا لعقوبات غربية ضدها.
ورغم العلاقات المتوترة بين بكين وواشنطن، على خلفية الزيارات الأمريكية الأخيرة لتايوان التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها، كما ترى في الزيارات انتهاكًا لسيادتها ووحدة أراضيها، ظهرت بوادر الاتفاق بين الطرفين، خلال اجتماع بايدن بالرئيس الصيني، شي جين بينغ، قبل القمة، إذ ناقشا الحرب وأعادا التأكيد على “الاعتقاد المشترك” بأن استخدام الأسلحة النووية أو حتى التهديد باستخدامها “غير مقبول” تمامًا.
من جهته، قال جين بينغ لزعماء قمة “العشرين”، “يجب أن نعارض بحزم محاولة تسييس قضايا الغذاء والطاقة أو استخدامها كأدوات وأسلحة”.
والتقى بايدن لفترة وجيزة مع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الحليف الآخر لروسيا، الذي يلزم تعاونه لتأمين سقف سعري للنفط الروسي للحد من الأرباح التي تستخدمها موسكو للاستثمار في قاعدتها الدفاعية.
دعا مودي، الذي ستتولى بلاده رئاسة “مجموعة العشرين” بعد إندونيسيا، إلى “مسار وقف إطلاق النار والدبلوماسية” في الحرب الأوكرانية، وتحدث عن الجهود التي بذلها قادة العالم في الحرب العالمية الثانية لاتباع “طريق السلام”.
وقال، “الآن حان دورنا، إن عبء إنشاء نظام عالمي جديد لفترة ما بعد (كوفيد- 19) يقع على عاتقنا”.
انضم للقمة شريكان جديدان مهمان لبايدن، هما رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، ورئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني.
وكان سوناك، الذي تولى منصبه الشهر لماضي، تعهد بمواصلة الدعم الثابت لأوكرانيا، وسيجتمع مع بايدن اليوم، الأربعاء 16 من تشرين الثاني، لوضع استراتيجية حول طرق جديدة لتعزيز دفاعات أوكرانيا على المدى الطويل.
كما تعهدت ميلوني بمواصلة تقديم الأسلحة والمساعدات لأوكرانيا، لكن لا تزال هناك أسئلة حول التزام تحالفها اليميني المتطرف بالوقوف في وجه روسيا.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :