عادت فرقتا “السلطان سليمان شاه” (العمشات) و”الحمزة” (الحمزات) للانضمام إلى “الفيلق الثاني” في “الجيش الوطني السوري”، بعد أربعة أشهر من انشقاقهما عنه.
مصدر في “الجيش الوطني” أوضح لعنب بلدي أن فرقة “العمشات” بقيادة محمد الجاسم (أبو عمشة)، و”الحمزات” بقيادة سيف أبو بكر، انضمتا إلى “الفيلق الثاني” الذي تولى قيادته فهيم عيسى منذ يومين.
ولم يصدر بيان رسمي حول عملية الانضمام، سواء من “الفيلق الثاني” أو من قيادات الفصائل.
انضمام “الحمزات” و”العمشات” يأتي بعد يومين من تعيين فهيم عيسى قائدًا لـ”الفيلق الثاني” في “الجيش الوطني” عقب استقالة العميد أحمد عثمان من قيادة “الفيلق”، في 11 من تشرين الثاني الحالي.
وتأتي عملية الانضمام بعد عمليات عديدة أجرتها الفرقتان من اندماج وانشقاق وتعليق عمل ضمن تشكيلات عسكرية متعددة الرايات والأسماء في “الجيش الوطني”.
وفي 17 من أيلول الماضي، أصدر “الفيلق الثاني” بيانًا أعلن فيه فصل كل من “العمشات” و”الحمزات” من مرتبات “الفيلق”، لعدم التزامهما بالقرارات الصادرة عن قيادته، رغم أنهما أعلنا الانشقاق عنه قبل شهرين من بيان فصلهما، وذلك في 19 من تموز الماضي.
خطة بدفع تركي؟
عملية الانضمام تأتي بعد أن أطلقت “الحكومة السورية المؤقتة”، المظلة السياسية لـ”الجيش الوطني”، خطة لتفعيل دور المؤسسات وتوحيد الفصائل، في 27 من تشرين الأول الماضي.
وكذلك تأتي بعد اجتماع قادة “الجيش الوطني” مع مسؤولي الملف السوري في تركيا، الذي عُقد في ولاية غازي عينتاب جنوبي تركيا في نهاية تشرين الأول الماضي.
الباحث السياسي في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، نشر عبر “تويتر“، أن عودة “فرقة السلطان سليمان شاه” و”فرقة الحمزة” إلى صفوف “الفيلق الثاني”، تأتي ضمن إعادة تنظيم فصائل “الجيش الوطني” ضمن الفيالق الثلاثة التابعة لوزارة الدفاع في “الحكومة المؤقتة”.
الباحث عبد الرحمن الحاج يرى أن “الحكومة المؤقتة” لا تملك السلطة ولا القوة الكافية لتنفيذ ذلك، وتعتمد على ضغط الحكومية التركية، ومن الصعب تخيّل أن الخطة الطموحة المعلنة ستأخذ طريقها للتنفيذ.
وقال الحاج لعنب بلدي، إن الوضع الراهن ربما يساعد على حدوث بعض التغييرات فيما يتعلق بالفصائل المتهمة بالفساد والمقربة من تركيا، ولكن موضوع المحاسبة والتوحيد وضبط الأمن بحكومة “منزوعة المخالب أمر بعيد المنال”.
بقيت مخرجات الاجتماع مقتصرة على التسريبات دون أي توضيح رسمي.
وفي 3 من تشرين الثاني الحالي، تواصلت عنب بلدي مع الناطق الرسمي لوزارة الدفاع في “الحكومة المؤقتة”، العميد أيمن شرارة، لكنه تحفظ على تأكيد أو نفي التسريبات، وطلب مزيدًا من الوقت للتوضيح.
صفحات محلية، ومواقع إخبارية، ومعرفات مقربة من كل فصيل، نشرت التسريبات في الاجتماع الذي حضره قادة الفيالق الثلاثة المكوّنة لـ”الجيش الوطني” وقادة فصائل مثل قائد “فرقة الحمزة”، وقائد “العمشات”، وقائد “هيئة ثائرون للتحرير”.
تسريبات بنود الاجتماع
– توحيد فصائل “الجيش الوطني” وإنهاء حالة الفصائلية، ودمج الفصائل الصغيرة التي تعدادها أقل من لواء مع الفصائل الأكبر والأكثر عددًا.
– توحيد إدارة جميع المعابر عبر فريق اقتصادي مختص يتم الاتفاق عليه، وإنشاء صندوق مالي موحد.
– تسليم جميع الحواجز لإدارة “الشرطة العسكرية” في وزارة الدفاع التابعة لـ”المؤقتة”، وإخراج عناصر الفصائل منها.
– حل جميع الأجهزة الأمنية ضمن الفصائل، وإنشاء جهاز أمني واحد لكل المنطقة.
– خروج مقار وثكنات جميع الفصائل من المدن والبلدات، وإلغاء وجودها ضمن المدن.
– إغلاق جميع السجون التابعة للفصائل العسكرية.
– منع الاقتتال بين الفصائل، ومحاسبة أي فصيل يحاول الاشتباك أو الاعتداء على فصيل آخر.
– محاسبة قائد الفصيل وتحميله المسؤولية في حال ضلوع فصيله أو أحد القيادات فيه أو عناصره بأي انتهاك أو جرم.
– حل جميع المشكلات في المنطقة من خلال المؤسسات أو الفيالق، ولا يجوز الاحتكام لأي لجنة أخرى.
– اعتبار “المجلس الإسلامي السوري” مرجعية للجميع دون أن يتدخل بين الفصائل.
– إخراج “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب من المنطقة (ريف حلب الشمالي) بشكل كامل.
– محاسبة ومعاقبة بعض قادة الفصائل التي أسهمت في الاقتتال بين مكوّنات “الجيش الوطني” مؤخرًا بشكل سلبي.
– تأخذ “الحكومة المؤقتة” دورها بإدارة المنطقة عبر مؤسساتها ووزاراتها دون تدخل الفصائل العسكرية في عملها.
تحالف بسجل “أسود”
القادة الثلاثة، “أبو عمشة”، سيف أبو بكر، فهيم عيسى، متهمون بارتكاب انتهاكات عديدة في الشمال السوري.
ووُجهت اتهامات لـ”أبو عمشة” وفصيله تشمل إتاوات، وعمليات ابتزاز وخطف، وبيع سلاح، واتجار بالمخدرات، واستيلاء على الأراضي، ومقاسمة الناس محاصيلهم، وانتهاكات متعددة للحقوق من قضايا اغتصاب واتهامات باطلة لأشخاص، لدفع مبالغ مقابل الحصول على البراءة.
وجرى تشكيل لجنة “ثلاثية حيادية” للتحقيق فيها، ومثُل “أبو عمشة” أمام لجنة التحقيق في شباط الماضي مستعينًا بقائد “فرقة السلطان مراد”، وهو فهيم عيسى، برفقة رتل عسكري من أجل الضغط على عمل اللجنة والتشويش على التحقيق.
وفي 16 من شباط الماضي، أُدين محمد الجاسم (أبو عمشة) وعدد من إخوته وفصيله من قبل اللجنة، وأصدرت بيانًا تضمّن عدة أحكام بحق الفصيل وشخصيات قيادية فيه، من فصل وعزل وفرض مبالغ وإحالة إلى القضاء.
وبعد إدانة “أبو عمشة” والحديث عن الجهة التي ستحاسبه وتحويل ملفه إلى القضاء، ظهر، في 15 من آذار الماضي، بمنصب عضو في مجلس قيادة “هيئة ثائرون للتحرير” التي شُكّلت لاحقًا ويقودها فهيم عيسى، دون أن تتم محاسبته.
وكشفت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” عن أن حجم الدخل السنوي الذي يحققه “أبو عمشة” يصل إلى أكثر من 30 مليون دولار أمريكي سنويًا، من خلال عدة طرق “غير شرعية”.
اغتيال وتنقيب.. من “المعلم”؟
في 7 من تشرين الأول الماضي، اغتال مقاتلون يتبعون لمجموعة “أبو سلطان الديري” ضمن “فرقة الحمزة”، الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته الحامل في مدينة الباب بريف حلب الشرقي.
واعترف أنور محمد سلمان الملقب بـ”الحوثي”، في 10 من تشرين الأول الماضي، وهو أحد المسؤولين عن اغتيال الناشط الإعلامي، قائلًا “هيك بدو المعلم”، وأن عملية الاغتيال جرت بأوامر من قياديين في “فرقة الحمزة”.
ولا تزال المطالب مستمرة بالكشف عن نتائج التحقيق ومعرفة “المعلم” ومن الذي أعطى الأوامر باغتيال الناشط، ومن وضع هدفًا آخر للاغتيال بعد “أبو غنوم”، وفق تسريبات كشف عنها أحد منفذي عملية الاغتيال.
اقرأ أيضًا: ما إمكانية تحويل قضية “أبو غنوم” إلى محكمة الجنايات الدولية
في 25 من تشرين الأول الماضي، كشف تقرير لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” عن وجود عمليات حفر وتنقيب “غير مشروعة” عن الآثار في عموم مدينة تادف بريف حلب، التي يتقاسم السيطرة عليها كل من النظام (عناصر من “الفرقة الرابعة”) من جهة، وعناصر من “فرقة الحمزة”، بوجود نوع من التنسيق بين الطرفين.
ووثّقت المنظمة في تقريرها تنقيب إحدى ميليشيات “الدفاع الوطني” الموالية للنظام عن القطع الأثرية وتهريبها، بالتنسيق مع قياديَين في “فرقة الحمزة” من عائلة “النجّار”، وهما المسؤولان بشكل رئيس عن عمليات التنقيب في المنطقة.
اقرأ أيضًا: “كبتاجون” وآثار.. شراكة بين “الفرقة الرابعة” وقيادات في “الجيش الوطني”
وأجرى عناصر من “فرقة الحمزة” (الحمزات) التي يقودها سيف أبو بكر عمليات حفر وتنقيب قرب موقع الكنيس اليهودي وفي محيطه، إضافة إلى ثلاثة مواقع مختلفة داخل المدينة على الأقل، وموقع آخر في قرية الكريزات الملاصقة (واقعة ضمن سيطرة فصائل المعارضة).
“تحطيب” وتهريب
يُتهم فهيم عيسى بتهريب مادة القمح للشركات التركية الخاصة من خلال معبر “الراعي” الحدودي رغم قرار “المؤقتة” بمنع تصدير القمح للحفاظ على سعر مادة الخبز في المنطقة.
كما يُتهم بإدارة عمليات “تحطيب” الأشجار، وفي أواخر آب الماضي، تعرضت أحراش وأشجار حرجية في ناحية شران بمدينة عفرين لعمليات قطع واحتطاب من قبل عناصر في فصيل “لواء شهداء السفيرة” التابع لـ”فرقة السلطان مراد” التي يقودها فهيم عيسى.
تربط فهيم عيسى علاقات وطيدة مع الأتراك، ويتنافس مع “أبو عمشة” وسيف أبو بكر على نشر عبارات إثبات الولاء والاحتفال بالمناسبات والأعياد في تركيا.
ومن أكثر تغريداته التي أثارت جدلًا، حين كتب في يوم تعاون الدول الناطقة بالتركية بأنه يأمل سقوط النظام السوري وأن تصبح “سوريا الحرة” دولة تتحدث التركية وتنضم للمجلس التركي.
ويسيطر “الجيش الوطني” على ريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة.
وكان قد أُعلن، في تشرين الأول 2019، بمدينة شانلي أورفة جنوبي تركيا، عن تشكيل “الجيش الوطني” من قبل مجموعة من القادة العسكريين في المعارضة السورية، بقيادة وزير الدفاع في “الحكومة المؤقتة”، ورئيس هيئة الأركان حينها، سليم إدريس.
–