فرقة “الكبتاجون” الرابعة

  • 2022/11/13
  • 3:35 م
الكاتب السوري إبراهيم العلوش

الكاتب السوري إبراهيم العلوش

إبراهيم العلوش

بالإضافة إلى دورها الإرهابي ضد ثورة السوريين، وتحالفها مع “الحرس الثوري الإيراني”، فإن “الفرقة الرابعة” نشرت على أوسع نطاق صناعة وتهريب “الكبتاجون”، بعد أن ابتكرت خدمة “الترفيق” على الحواجز. وعلى طريقة استثمارات رامي مخلوف، تحولت أخيرًا إلى تجارة احتطاب الغابات الساحلية وبيع منتجاتها في ريف دمشق، فهل يوجد تعريف لهذه الفرقة العسكرية التجارية؟

تجددت أخبار “الفرقة الرابعة” إثر نشر وكالة “فرانس برس”، في 3 من تشرين الثاني الحالي، تقريرًا عن تجارتها بـ”الكبتاجون” تداولته وكالات الأنباء العالمية والمواقع الإلكترونية، إذ وثقت الوكالة تحالف “الفرقة الرابعة” مع “حزب الله” في صناعة “الكبتاجون”، وتحالفها مع بعض الفصائل الدينية في الشمال السوري، التي تتعاون معها في تهريب المخدرات إلى تركيا ونشر استهلاكها بين الناس في الشمال السوري، بالإضافة إلى تعاونها في تهريب البشر عبر الحدود وتبادل المنافع من خلف الشعارات الرنانة التي يرفعها الجانبان، مثل محاربة الإرهاب، وادعاءات حماية الإسلام، ونشر الفضيلة، وحماية الوطن، وما إلى ذلك من شعارات لم تعد تقنع أحدًا من ضحاياها الذين تشتتوا في البراري والمخيمات والمعتقلات المتعددة الأشكال والألوان.

في بداية الثورة السورية، هتف عناصر “الفرقة الرابعة” وأنصارهم في تجمهر كبير بدمشق “بشار إلى العيادة وماهر إلى القيادة”، وهذا يذكّرنا بتأسيس هذه “الفرقة” على أنقاض “سرايا الدفاع” التي قادها رفعت الأسد، والتي برزت في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت رأس حربة في صراعه مع أخيه حافظ آنذاك، وكان رفعت يعتبر أخاه حافظ رجلًا مريضًا آن له أن يرتاح ويسلّم القيادة له ليأخذ حصته من هذا البلد، ويوسع استثماراته التجارية العسكرية التي امتدت لاحقًا لتصل إلى الاستثمار في الجزر الإسبانية وعدد من الدول الأوروبية، بما فيها الاستثمار في نفق بحر المانش بين فرنسا وبريطانيا.

هذه “الفرقة” كيان عصي على التعريف، فلا هي كيان عسكري يتبع جيش الأسد مباشرة وفق التراتبية الهرمية، فقادة “الفرقة” وعناصرها يعتبرون أنفسهم وقائدهم فوق “جيش أبو شحاطة” كما كان يردد عناصر “سرايا الدفاع” وقائدها الذي ارتفعت ألقابه إلى لقب “الرب” وبكل صفاقة، ولا هي مجرد تجمع لشبيحة طائفيين ينشرون الكراهية بين السوريين ويحتكرون السلطة لعائلة الأسد، ولا هي مجرد مؤسسة جمركية تجمع الرسوم على البضائع ويذهب ريعها إلى ماهر الأسد بدلًا من خزينة الدولة، ولا هي مجرد مؤسسة صناعة دوائية تحولت إلى صناعة المخدرات ونشرت صناعة “الكبتاجون” إلى درجة أنها حولت البلاد إلى مأوى للمهربين الدوليين.

تحالف ماهر الأسد قائد “الفرقة” مع “اسكوبار” الإيراني حسن نصر الله، ويتعاونان في نشر “الكبتاجون” بجميع أنحاء سوريا، وتهريبه إلى الدول المجاورة، استجابة لنقص التمويل الذي تراجع من الجانب الإيراني بسبب الحصارات الدولية عليه، بالإضافة إلى رغبة إيران الأكيدة بحرث البلاد ونشر المخدرات فيها لتسهيل الهندسة الطائفية التي بشر بها الإيرانيون واعترف بها بشار الأسد وهو يدعي إعادة هندسة البلاد.

كان “الترفيق” من مبتكرات قادة “الفرقة” التي سبقت سطوع نجم “الكبتاجون”، فالحماية الأمنية تحولت إلى سلعة تباع للتجار عبر حماية البضائع التجارية وتهريب البشر، وتسهيل مرور الممنوعات التي استفردت “الفرقة” بجعلها شرعية بعد ابتزاز العابرين وبضائعهم، وقد وصل الابتزاز في معابر دير الزور إلى أخذ الإتاوات عن اللباس الذي يرتديه العابرون إذا كان جديدًا!

حاول الروس الحد من سيطرة “الفرقة الرابعة” على الحواجز، عبر مطالبة النظام بتفكيك حواجزها ومنع “الترفيق” ورسومه التي ترهق التجار وتزيد أسعار السلع على المواطنين، وتوقف عجلة التصنيع الذي تدعي دولة الأسد بأنها تحاول إعادته إلى الحياة. ولكن تلك المساعي وصلت إلى طريق مسدود، فحتى الأعلاف تم منع دخولها قبل أيام إلى دير الزور من قبل حواجز “الفرقة الرابعة”، ولم تنفع الكتب الرسمية لتمرير ذلك، ولا مناشدات مربي المواشي بإنقاذ مواشيهم من الموت.

“الفرقة الرابعة” وعبر صناعة وتهريب المخدرات استحقت لقب “فرقة الكبتاجون الرابعة”، وهذا لن يكون لقبها الوحيد، خاصة أنها وصلت إلى مواطن المعارضة في الشمال، وتتشارك مع بعض قادتها في مجالات مختلفة منها “الكبتاجون” وتهريب البشر، والتنقيب وتهريب الآثار في مناطق تادف وبعض الآثار في الشمال السوري، كما ذكر تقرير لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في نهاية الشهر الماضي.

يومًا بعد يوم، تنتقل سوريا بعد كل المصائب التي حلت بها إلى دولة مخدرات بجهود مكثفة من الإيرانيين وأنصارهم من اللبنانيين والعراقيين، وتبرز “فرقة الكبتاجون الرابعة” في هذه المرحلة كعلامة مميزة تلخص وضع سوريا الذي وصلت إليه في ظل عائلة الأسد.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي