شارك البث يا عين عمك

  • 2022/11/13
  • 2:32 م
خطيب بدلة

خطيب بدلة

خطيب بدلة

برأيي المتواضع، إن الازدياد المطّرد لمنصات التواصل الاجتماعي، واتساعها، وانتشارها السريع، وارتفاع حدة المنافسة فيما بينها، له إيجابية عظيمة، هي إتاحة الفرصة للمثقفين التنويريين، المخلصين لأوطانهم، لكي يكسروا احتكار الصحف والإذاعات والفضائيات من قبل السلطات المستبدة، والجماعات المؤدلجة، ويساعدهم على تفنيد آراء أصحاب الفكر الاستبدادي، والتكفيري المتشدد، وإنارة عقول الناس التي أقفلت منذ زمن بعيد، وألقي المفتاح في البحر، وحتى الآن لم يفتح أحد بطن سمكة، ويعثر على المفتاح فيه!

ولكن هذه الحالة التنافسية الهستيرية، أوجدت إعلاميين لا تيسَ لهم في الإعلام، ولا سخلة، فهم لم يدرسوا الإعلام في أكاديمية، أو جامعة، أو معهد، ولم يمارسوه كهواية، والمؤهل الوحيد الذي يملكونه، هو أنهم يعرفون كيف يكون فتح البث المباشر على “فيسبوك” أو “يوتيوب” أو “تيك توك”، وكيف تتم دعوة المشاركين، ومشاركة البث هنا وهناك، ولذلك لا يهمهم سوى الحصول على أكبر عدد ممكن من المتابعين والمشاهدين، فهذه الأعداد هي التي تفيد، أو يأتي منها أسئلة في الفحص، كما يقول أهل إدلب، ويتبعون قولهم باليمين المثلث “علي الطلاق بالثلاثة”.

ولأنه لا توجد لدى إعلاميي الغفلة هؤلاء قضية، غير اللايكات والشيرات وكبس زر الجرس، فقد راحوا يبحثون عن قضايا حامية، من شأنها أن تأتيهم بالتفاعلات المطلوبة، وقد ألهمهم ذكاؤهم “السوشيال ميدياوي” إلى أن المرء، أو الزول، أو كما يقول لقمان ديركي: النفر، كلما تمسح بقضية كبيرة، جذب إلى بثه المباشر اهتمامَ السوريين الغلبانين، المشتتين في كل أنحاء المعمورة، فترى واحدًا منهم يتحدث عن سقوط نظام بشار الأسد، والفترة الزمنية المتوقعة لسقوطه، وماذا يجب على الفصائل الجهادية المقاتلة أن تفعل ابتداء من لحظة السقوط، وما إن يبدأ البث حتى يبدأ الخرط والمرط، فتسمع واحدًا يريد، بعد سقوط الأسد، أن يحارب إسرائيل، ويُخرج إيران وحزب زميرة من المنطقة، ويلغي اتفاقات النظام مع روسيا، ويطردها من “حميميم” شر طردة، وينط الثاني ليقول إن الأفضل أن نجري عملية تبويس شوارب مع إسرائيل، وبذلك نأمن شرها، ثم ننطلق لتطبيق شرع الله ورسوله، وهذا ما سيساعدنا، بعون الله، على التطور، وتشكيل إمبراطورية عظيمة، على غرار ما فعله أجدادنا العظماء، رحمهم الله.

ويحكي ثانٍ، في بثه المباشر، عن مشاركة المرأة في الثورة، ويشيد معظم المشاركين بأخلاقها، وحفاظها على حجابها، ونقابها، ووصول ثوبها إلى ما بعد كاحليها، ويتدخل ثالث متحدثًا عن ضرورة محاربة الإلحاد الذي أخذ يتعاظم في مصر والسعودية، وينذر ثالث نفسه لحماية المسلمين الذين يعانون اضطهاد الدولة السويدية المتعصبة للمسيحية، ويدعوهم لأن يصبروا قليلًا حتى يحصلوا على الجنسية، ثم يغادروا إلى بلاد أخرى، ويخطئ أحد المشاركين فيقترح على هذا المتحدث أن يذهب الإخوة المسلمون من السويد إلى أفغانستان، حيث يقيم المجاهدون الطالبان العدلَ بين الناس، فتنهمر عليه الألسنة متهمة إياه بالتهكم، والسخرية، وترتفع نسبة الغضب عند أحدهم، ويصيح من قحف رأسه: لا أسمح لك بالتهكم على إخوتنا في أفغانستان، هذا خط أحمر!

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي