عنب بلدي – اعزاز
يحمل حسين (13 عامًا) على كتفه كيسًا كبيرًا يفوقه حجمًا، ويسير في طرقات مدينة اعزاز بحثًا عن النفايات القابلة لإعادة التدوير.
فقد حسين والده جرّاء القصف على منزلهم في ريف حلب، ما أجبرهم على النزوح إلى مخيم “الريان” في اعزاز، برفقة والدته وإخوته الخمسة.
وقال حسين لعنب بلدي بصوت متعب، “من هون بلشت معاناتنا”، واصفًا صعوبة ما يعيشه يوميًا.
ظروف قاسية
أُجبر حسين على ترك المدرسة في المرحلة الابتدائية بعد مقتل أبيه، ليحمل مسؤولية العائلة باعتباره الأخ الأكبر.
“أذهب إلى مكبات النفايات يوميًا بحثًا عن الكرتون والتنك”، قال حسين، مضيفًا أنه كان خيار العمل الوحيد الذي وجده بسبب صغر سنه.
تابع حسين، “بتحمل الريحة السيئة والتعب بس لأمّن لأهلي حق أكل”.
يعيش محمد (12 عامًا) وشقيق له يكبره بثلاث سنوات ظروفًا مشابهة، إذ يغادران منزلهما قبيل شروق الشمس، ولا يعودان إلا بعد مغيبها، بحثًا عن النفايات القابلة لإعادة التدوير.
وقال محمد لعنب بلدي، إن لديه 12 أخًا، يعمل أربعة منهم بجمع “التنك والكرتون والنايلون”.
“إخوتي صغار، ونحن الأربعة المسؤولون عن البيت”، هذا ما قاله محمد مفسرًا السبب الذي أجبرهم على هذا العمل وظروفه الصعبة المرهونة بوضع الطقس.
وأوضح محمد أن الشتاء يزيد عملهم صعوبة، خصوصًا في حال تساقط الأمطار أو الثلوج التي تعوق وصولهم إلى مكبات النفايات.
دخل محدود
تتراوح الأجرة اليومية لمحمد وإخوته بين 25 و30 ليرة تركية لكل منهم، وفق قوله.
وهو دخل يقع، في أفضل الحالات، دون حدّ الفقر الذي يقدّره بيان لفريق “منسقو استجابة سوريا”، بالاعتماد على التصنيفات الدولية، بحوالي 1.9 دولار أمريكي يوميًا للفرد الواحد.
من جهته، قال الخمسيني “أبو سعدو”، وهو صاحب مركز لبيع وشراء النفايات القابلة لإعادة التدوير، إنه يقابل يوميًا عشرات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية و15 عامًا، يقوم معظمهم بجمع “التنك”.
“إذا بدو يشيل الولد على ضهرو شوال كرتون ما رح يزيد وزنه فوق السبع كيلوات”، هذا ما قاله “أبو سعدو” ليصف محدودية دخل الأطفال مقابل صعوبة عملهم.
وأوضح “أبو سعدو”، الذي تحفظ على ذكر اسمه الصريح لأسباب اجتماعية، أن التجار يشترون النفايات بالوزن، ويقدّر سعر كيلو الكرتون بليرة تركية واحدة، بينما يبلغ سعر كيلو التنك ليرة ونصفًا.
في المقابل، قال الأطفال الذين قابلتهم عنب بلدي، إن أصحاب المراكز يشترون كيلو الكرتون بنصف ليرة و”التنك” بليرة تركية.
ويبيع أصحاب المراكز النفايات القابلة لإعادة التدوير لتجار ينقلونها إلى تركيا، حيث يعاد تدويرها، وفق ما قاله “أبو سعدو”.
يأتي ذلك في ظل تردي الأوضاع المعيشية، إذ بلغت نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر 87.1%، وفقًا للأسعار الأساسية وموارد الدخل، بحسب أحدث بيان لفريق “منسقو استجابة سوريا” حول مؤشر حد الجوع والفقر والتكاليف الاقتصادية للعائلات بشمال غربي سوريا في تشرين الأول الماضي.
بينما بلغت نسبة العائلات الواقعة تحت حد الجوع 39.15% من إجمالي العائلات الواقعة تحت خط الفقر، وذلك لعدة اعتبارات، أهمها عدد أفراد العائلة العاملين، وأسعار الصرف المتغيرة.