تناول فيلم “THE WOMAN KING” (المرأة الملكة) الدور التاريخي الذي لعبته فرقة “أغوجي”، وهي عبارة عن مجموعة مقاتلات دافعن عن مملكة “داهومي”، الإمبراطورية القديمة غرب إفريقيا، والتي أُسست في الربع الأول من القرن الـ17، ولا تزال آثارها في جمهورية “بنين” حتى الوقت الحاضر.
يتتبع الفيلم في خطّه السردي الرئيس بطولة محاربات “الأغوجي”، ويُركّز على قائدة المقاتلات، “نانيسكا”، التي تقوم بتدريب جيل جديد من المحاربات، وتؤدي دورها الممثلة الأمريكية الحائزة على جائزة “أوسكار” فيولا ديفيس.
يركّز الفيلم على قوة المقاتلات وبسالتهن والروح الأخوية التي تجمع بينهن، وما قدمنه مقابل البقاء مرفوعات الرأس بعيدًا عن الذل والعبودية عند الأوروبيين.
قدم الممثلون أداء مدهشًا، خاصة فيولا ديفيس، التي تمكنت من الغوص في أعماق شخصية القائدة القوية الحازمة التي تخفي هشاشتها الداخلية بأداء عميق، ولا سيما كونها قاومت ذكريات شخصيتها القديمة التي تعرضت لاعتداء من أحد رجال “الأويو”، الذي واجهته فيما بعد على أرض المعركة وهو قائد في قومه.
يسخّر الفيلم لغة التفاصيل لخدمة القضية، ويسعى لاختصار قصة “داهومي” في عصر الملك “غيزو” مركزًا على الجنرال “نانيسكا” ضمن ساعتين من العرض السينمائي، للتعبير عما عاشته مملكة في القارة السوداء وما يعيشه سكان القارة في بيع بعضهم بعضًا.
في عام 2010، واجهت مخرجة الفيلم جينا برينس بايثوود سؤالًا مفاجئًا من طفلها البالغ من العمر وقتها 13 عامًا، والذي كان واحدًا من محبي أبطال “مارفيل”، حين سألها عن سبب عدم وجود أبطال خارقين سود البشرة.
تقول بايثوود، إن ذلك السؤال كان لحظة مفصلية في مسيرتها، وبعد مرور أكثر من عشر سنوات، جاء فيلمها الملحمي “The woman king” الذي عُرض للمرة الأولى في مهرجان “تورنتو” السينمائي الدولي في أيلول الماضي، ليحقق نجاحًا فاق توقعات النقاد، وبلغت أرباحه أكثر من 64 مليون دولار.
ورغم النجاح الكبير الذي حققه العمل سواء على المستوى النقدي أو الجماهيري، فإنه واجه موجة جدل منذ إصداره، وصولًا إلى انتشار دعوات مقاطعته على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث انتشر وسم “#Boycottwomanking” بشكل واسع.
وتركّزت الانتقادات بشكل رئيس على تحريف حقائق التاريخ، حيث تعتمد حبكة الفيلم على ثنائية مركزية تقدم مملكة “أويو” الشريرة ضد مملكة “داهومي” البريئة، التي تسعى لإنهاء تجارة الرقيق.
ويظهر الملك “غيزو” في الفيلم ملتزمًا بمحاولة إيقاف هذا النوع من التجارة في مواجهة جشع تجار الرقيق البرازيليين ومملكة “أويو” المنافسة.
وتقدم الوثائق التاريخية حقائق مغايرة، إذ ظلت تجارة الرقيق واحدة من مصادر مجد وثروة مملكة “داهومي”، ولعبت دورًا في ازدهارها، كما أن مقاتلات “داهومي” اللاتي صورهن الفيلم مناهضات للعبودية ومقاتلات من أجل الحرية كنّ مجرد مقاتلات في خدمة مصالح الملك، قمن بالعديد من المذابح الوحشية في سبيل أسر العبيد وبيعهم لمصلحته.
الفيلم يقدم صورة مفعمة بحنين “ميلودرامي” لتبييض الوجه الشاحب لتاريخ العبودية في إفريقيا خلال القرن الـ19، إذ باع الأفارقة أفارقة آخرين عبيدًا، رغم أنه لا يقلل أو يستبعد مسؤولية تجار الرقيق الأوروبيين.