فصيل يخرج مهجرين يسكنون الفوعة وكفريا.. العيش “بكرامة” مطلبهم

  • 2022/11/13
  • 11:11 ص

"أبو عبدالله الشامي" مهجّر من ريف دمشق إلى الشمال السوري خلال مظاهرة رافضة لإخراجه من بلدة الفوعة بريف إدلب الشمالي- 24 من حزيران 2022 (متداول شبكات محلية)

عنب بلدي – إدلب

“وين بدنا نروح؟ بدنا نعيش بكرامة، في مكان لا يقترب منه أي فصيل”، بكلمات ممزوجة بالحزن والخيبة والأسى، تحدث “أبو عبد الله الشامي”، وهو أحد المهجّرين من ريف دمشق إلى الشمال السوري، عن إخراجه من منزل في بلدة الفوعة بريف إدلب الشمالي.

يقيم المهجّر من ريف دمشق مع زوجته وأطفاله الستة منذ حوالي أسبوعين في غرفة صغيرة عثر عليها في بساتين قرب مدينة سرمدا شمالي إدلب، بعد مضايقات تكررت عبر سنوات، وارتفعت حدتها منذ أشهر، انتهت بإخراجه من بلدة الفوعة من قبل فصيل “فيلق الشام”.

واجه “أبو عبد الله” وعائلته، على مدى سبعة أشهر، مضايقات وبلاغات ودعاوى لأجل إخلاء المنزل، بحسب ما قاله لعنب بلدي، وأُجبر على تركه بذريعة أنه غنيمة لفصيل “فيلق الشام” الذي يعتبر أحد مكوّنات “الجبهة الوطنية للتحرير” المنتشرة في مناطق إدلب وحلب.

واعتبر المهجّر، المقيم في الفوعة منذ عام 2018، أن منازل بلدتي الفوعة وكفريا لا تعتبر غنائم لهذه الفصائل، ومن حق المهجّرين أن يسكنوا فيها.

سيطرت الفصائل على كفريا والفوعة باتفاق نص على تهجير سكان البلدتين اللتين كانتا محاصرتين من قبل الفصائل، مقابل تهجير سكان من مدن أخرى كالزبداني ومضايا، إلى الشمال السوري.

ومنذ عام 2018، تقوم الفصائل العسكرية في إدلب بمضايقات لإخراج عشرات العائلات المهجرة من أرياف دمشق وحمص وريفها ودرعا والقنيطرة وغيرها، والموجودة في بلدتي الفوعة وكفريا، والتي سكنت المنطقة محل السكان الأصليين الذين خرجوا باتفاق بين الفصائل العسكرية من جهة، وإيران والنظام السوري من جهة أخرى.

لا حلول ولا “تسوية”

حاول المهجّر اللجوء إلى فصائل أخرى للتدخل والوساطة، وإيجاد حل لمشكلته بطريقة التفاوض، كدفع مبلغ كونه لا يدفع إيجارًا مقابل السكن، وتوقيع عقد مع الفصيل، لكن “فيلق الشام” رفض ذلك وأصر على إخراجه، ونقل “أبو عبد الله” عن لسان أحد قادة الفصيل، أن الأخير لديه 92 منزلًا، وله الحق في طلبها متى شاء.

وأشار “أبو عبد الله” إلى أن “فيلق الشام” أصر على إخراجه، لأنه كان من أوائل الذين خرجوا في مظاهرات رافضة لإخراج المهجّرين من منازل البلدتين.

وفي حزيران الماضي، شهدت بلدة الفوعة مظاهرة لعشرات الأشخاص، احتجاجًا على قرار “فيلق الشام” في المنطقة إخراجهم من منازلهم، رافضين قرار “المحكمة العسكرية” التابعة للفصيل.

ووجّه الفصيل حينها إنذارًا بالإخلاء لحوالي 20 منزلًا خلال مهلة أقصاها أسبوع، وذكرت مصادر لعنب بلدي في البلدة، أن قرار “المحكمة العسكرية” التابعة للفصيل يقضي بإخلاء أكثر من 130 منزلًا.

وانتهت المظاهرات حينها بـ”جلسة صلح” ووعود بعدم إخراج أي عائلة من منزلها، لكن المضايقات عادت بعد ثلاثة أشهر من توقف المظاهرات.

إخلاء دون تعويض أو بديل

اضطرت العائلات المهجّرة، والتي سكنت في كفريا والفوعة منذ سنوات، إلى ترميم المنازل، وامتدت عمليات الترميم لأشهر حسب استطاعة كل عائلة.

وصدر حكم إخراج “أبو عبد الله” وعائلته من المنزل، ومنعه من إخراج أي غرض من أثاثه دون أي تعويض، رغم أنه تكلّف ماديًّا على المنزل من تركيب أبواب ونوافذ وطلاء وإجراءات صيانة عديدة.

عائلة “أبو عبد الله” واحدة من عشرات العائلات التي تعرضت لمضايقات عبر أشهر، منها عائلة مهجّرة من داريا وامرأة أرملة من بلدة كفرومة بريف إدلب الجنوبي، الأمر الذي أجبر جميع العائلات على الخروج والبحث عن أماكن بديلة.

تواصلت عنب بلدي مع مدير المكتب الإعلامي في “الجبهة الوطنية للتحرير” التي ينضوي فيها “فيلق الشام”، سيف أبو عمر، للحصول على توضيح حول إخراج العائلة، لكنها لم تتلقَّ ردًا حتى لحظة نشر هذا التقرير.

وسبق أن شهد عام 2021 إخراج 15 عائلة من البلدتين على يد فصيل “جيش الأحرار” العامل في المنطقة، وتوجّهت العائلات الـ15 المهجّرة من بلدة البويضة في ريف دمشق إلى مدينة الباب بريف حلب الشرقي.

تقع بلدتا كفريا والفوعة في ريف إدلب الشمالي، وتبعدان عن مدينة إدلب من ستة إلى سبعة كيلومترات، ويصل بينهما طريق على مسافة كيلومترين فقط.

وقُسمت إلى قطاعات بعد السيطرة عليها مع عدة فصائل، أبرزها “هيئة تحرير الشام”، وإخراج أهلها من الطائفة الشيعية عام 2018، عقب اتفاق “تحرير الشام” مع إيران التي أولت ملف بلدتي كفريا والفوعة أهمية كبيرة.

وتوصلت “تحرير الشام” مع إيران إلى اتفاق يقضي بخروج جميع المقاتلين من بلدتي كفريا والفوعة، مقابل إخراج معتقلين وأسرى لدى النظام السوري، وكان الاتفاق محصورًا فقط بـ”تحرير الشام”، بعيدًا عن الفصائل العسكرية الأخرى، وتضمّن خروج معتقلين مسجلة أسماؤهم لدى “تحرير الشام”، التي سلّمت أسرى لديها بينهم عناصر من “حزب الله” اللبناني.

وتُتهم الفصائل العسكرية في إدلب باتباع سياسة ممنهجة للتضييق على المهجّرين، لكنها تنفي هذه الادعاءات.

مطالب وواقع معيشي متردٍ

إخراج الفصائل التي تسيطر على البلدتين العديد من العائلات المهجّرة تكرر بوتيرة متفاوتة، تهدأ في حالات الاحتجاجات وسرعان ما تعود بعد أشهر.

وبعد مظاهرات واحتجاجات لعدة سنوات، يناشد “أبو عبد الله”، الذي اعتبر أن القضية أعم وأشمل من حالته، بضرورة عدم تهجير الناس من بيوتها.

وطلب المهجّر كفّ يد الفصائل عن المدنيين، لافتًا إلى أن مكانها الجبهات، داعيًا إلى ضرورة احترامها للناس، وعدم التعدي على حقوق وحرمات المنازل.

وأنهى “أبو عبد الله” حديثه بأنه يريد أن يعيش بكرامة دون الخوف من الملاحقة الأمنية من قبل أي فصيل، لكونه طالب بحقه وحق المهجّرين.

ويأتي إخراج العائلات مع حلول فصل الشتاء، وسط ظروف معيشية واقتصادية متردية تشهدها معظم مناطق الشمال السوري.

وتعتمد 85% من عائلات المناطق في شمال غربي سوريا بدخلها المادي على الأجور اليومية، وتعاني 94% من العائلات عدم القدرة على تأمين الاحتياجات الأساسية.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع