“زينة العروس”.. هموم إضافية على طقوس الزواج في درعا
درعا – حليم محمد
أسهم ارتفاع تكاليف الزواج في دفع بعض الشباب بمحافظة درعا، جنوبي سوريا، للعزوف عن فكرة الارتباط العاطفي والاجتماعي، فرغم المتطلبات الملقاة على كاهل الشاب، والتي لا تبدأ بتأمين المسكن وتجهيزه، ولا تنتهي بظروف المعيشة، فإن حفل الزفاف أو “العرس” كطقس اجتماعي، ولحظة يسجلها الزوجان في أرشيف ذكرياتهما، صار مصدر إرهاق مادي لا غنى عنه بحكم عادات وتقاليد المنطقة.
ويترافق هذا الطقس بمجموعة أنشطة والتزامات لا بد من تطبيقها قبل اللحظة الموعودة، وتتجلى بالظهور في أبهى حلّة ممكنة، من خلال ثلاث خطوات تقصد فيها النساء برفقة العروس صالون الحلاقة النسائي، للتزين ليوم الخطوبة، ويوم “الحنة”، ثم يوم “الزفة” أخيرًا، دون إلغاء التكاليف المترتبة على الزيارات الثلاث للصالون.
وتتراوح التكاليف عادة بين مليون ومليون ونصف ليرة سورية، لقاء تزيين العروس في كل مناسبة من تلك المناسبات، وفق ما نقله مراسل عنب بلدي في درعا.
لا ضوابط
حسين (25 عامًا) شاب من أبناء ريف درعا الغربي، مقبل على الزواج، ويعمل في حقل زيتون، اعتبر أن تكاليف صالون الحلاقة النسائي بحد ذاتها عبء مالي مرهق، رابطًا الأمر في الوقت نفسها بما قال إنه “غياب رقابة”.
وقال الشاب لعنب بلدي، “التسعيرة في صالونات الحلاقة النسائية بلا ضوابط، ولا توجد تسعيرة موحدة، فلكل صالون أسعار يضعها بمعزل عن أسعار الصالونات الأخرى، لقاء الخدمات التي يقدمها”.
وتشهد أسعار هذه الخدمات في مدينة درعا ارتفاعًا أكبر بالضرورة، عند مقارنتها بالأسعار في الأرياف التي تنتشر فيها أيضًا صالونات من هذا النوع.
“العروس تحدد الصالون الذي تريده، ما يحرم الشاب من البحث عن صالون ذي تكلفة وأسعار أقل”، أضاف حسين الذي دفع مليون ليرة سورية (الدولار الأمريكي الواحد يساوي 5220 ليرة تقريبًا) لتجهيز عروسه في يوم الخطبة فقط، وينتظره دفع ضعف هذا المبلغ في يوم الزفاف، وفق حديثه.
وكانت أجور هذه الخدمات تتراوح بين 300 ألف و400 ألف ليرة سورية، خلال العام الماضي، لكن ارتفاعها خلال العام الحالي تخطى الضعف.
يوسف (28 عامًا) شاب من أبناء ريف درعا الغربي، يعمل في مجال الزراعة وفق نظام المياومة، بأجر 15 ألف ليرة سورية لليوم الواحد، أوضح لعنب بلدي أنه يرغب بتأمين مستلزمات الزواج قبل أن يخطو بهذا الاتجاه، بما في ذلك التكاليف الجانبية غير القليلة أيضًا، كأجور الصالونات وغيرها.
واعتبر يوسف “الزواج بعيد المنال، في ظل غلاء تكاليف المعيشة وتأمين مسكن، وكذلك تكاليف الزفاف”.
في المقابل، ترى دانة (21 عامًا) أن حفلات الخطوبة والزفاف من أبرز أمنياتها وتصوراتها لزواجها مستقبلًا، معتبرة أنها فرحة وحيدة من نوعها تأتي مرة في العمر فقط.
وأوضحت لعنب بلدي أن ارتفاع الأجور والمعوقات وموجات الغلاء لن يدفعها للتخلي عن هذه الطقوس.
التكاليف باهظة
عضو الجمعية الحرفية في دمشق سعيد قطان، قال لصحيفة “تشرين” الحكومية، في تموز الماضي، إن تسعيرة الحلاقة الرجالية والنسائية تختلف باختلاف درجة تصنيف الحلاق من قبل الجمعية الحرفية، مشيرًا إلى صعوبة ضبط التسعيرة بسبب اختلاف أنواع الشعر والبشرة لدى الزبائن.
وأشار قطان إلى ما اعتبره “تخبطًا بأجور الحلاقة”، إذ وصلت إلى مليون ونصف المليون ليرة في بعض صالونات دمشق للحلاقة النسائية، ما يخالف التسعيرة الرسمية ويهدد مالك الصالون بالإغلاق، أو سحب ترخيص مزاولة المهنة.
وتشمل هذه التكاليف أيضًا، بحسب وفاء (33 عامًا) التي تعمل في صالون حلاقة نسائي، المكياج الذي تتفاوت أسعاره بالضرورة بحسب أنواع المستحضرات، وهي مستوردة بكثير منها، إلى جانب تكاليف عمل الصالون نفسه كالكهرباء الغائبة التي يُستعاض عنها بالمولدات.
ويعتبر فستان الزفاف جزءًا من “منظومة الزينة” هذه، فرغم استخدامه الفريد الذي يتلخص بساعات قليلة يُطوى بعدها في الخزائن، فإن تكلفة استئجار المستعمل منه يمكن أن تصل إلى مليون ليرة، بينما يمكن أن يصل سعر الجديد منه إلى مليوني ليرة سورية.
وكانت عنب بلدي أعدت، مطلع تشرين الأول الماضي، تقريرًا بعنون “ليس فقط لأسباب اقتصادية.. شباب سوريون لا يريدون الزواج“، تناولت خلاله ظاهرة العزوف عن الزواج في سوريا، وأسبابها التي لا تتلخص بما هو اقتصادي، إلى جانب التأثيرات الاجتماعية لهذه الحالة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :