حذرت منظمة “أطباء بلا حدود” الدولية من تفشي العنف، والاستغلال، وانعدام القانون، داخل مخيم “الهول” شمال شرقي سوريا، الذي يحوي عشرات الآلاف من النساء والأطفال المتهمين بارتباطهم بتنظيم “الدولة الإسلامية”.
وجاء في التقرير المطول الصادر عن المنظمة، الاثنين 7 من تشرين الثاني، أن الدول التي لديها مواطنون محتجزون في مخيم “الهول” بمحافظة الحسكة، لم تتحمل مسؤولية حمايتهم، وقد لوحظت انتهاكات متكررة لحقوق الإنسان، وأنماط متكررة من العنف في المخيم.
وقالت منظمة “أطباء بلا حدود”، التي تدير عيادات متنقلة، منها عيادة للمرضى المصابين بأمراض مزمنة في المخيم، إن “سياسات مكافحة الإرهاب حاصرت آلاف المدنيين في المخيم ضمن دائرة من الاحتجاز والخطر وانعدام الأمن إلى أجل غير مسمى”.
وأوضح التقرير أنه إلى جانب جرائم القتل في المخيم، فإن دائرة العنف هذه “تتغلغل في كل جانب من جوانب حياة المقيمين اليومية، وتحرمهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية”.
وذكر التقرير أن أعضاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي قاتل تنظيم “الدولة”، لا يزال رعاياها محتجزين في “الهول” وغيره من السجون والمعسكرات في شمال شرقي سوريا، وأن هذه الدول “أجّلت أو رفضت” إعادة جميع مواطنيها إلى بلادهم، وفي بعض الحالات جردتهم من جنسيتهم، وجعلتهم عديمي الجنسية.
ونقلت المنظمة وصف السكان في المخيم أنفسهم بأنهم محاصرون “بين نارين”، في إشارة إلى عنف المتطرفين داخل المنشأة من جهة، والعمليات الأمنية التي تنفذها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة داخل “الهول” من جهة أخرى.
وانتقدت المنظمة التحالف الدولي لتركه الوضع في أيدي “الإدارة الذاتية” بشمال شرقي سوريا، وحثته للضغط عليهم لاتخاذ “خطوات فورية لضمان رفاهية الناس وحماية حقوقهم الإنسانية الأساسية” في المخيم.
قنبلة موقوتة
جاء تقرير المنظمة في وقت أعادت فيه دول غربية عشرات من النساء والأطفال خلال الأسابيع الماضية، وبدأت عمليات الإعادة إلى الوطن من مخيم “الهول” في أعقاب عملية أمنية واسعة لـ”أسايش” (قوات الأمن) في المنشأة، ودعوة من قائد عسكري أمريكي لإعادة الأجانب إلى الوطن.
وتدير “قسد” حاليًا أكثر من 20 مركز احتجاز متوزعة في شمال شرقي سوريا، تحتوي حوالي عشرة آلاف معتقل من التنظيم، من بينهم نحو ألفي أجنبي رفضت بلدانهم الأصلية إعادتهم، بمن فيهم حوالي 800 أوروبي.
وفي مخيم “الهول”، احتشد حوالي 50 ألف سوري وعراقي، 20 ألفًا منهم من الأطفال، ومعظم الباقين من النساء وأرامل مقاتلي التنظيم.
وضمن قسم منفصل من المخيم، الذي يخضع لحراسة مشددة ويُعرف باسم “الملحق”، يوجد عشرة آلاف محتجز، وهم عبارة عن ألفي امرأة من 57 دولة مختلفة، ونحو ثمانية آلاف من أطفالهن.
ومنذ عام 2019، أعيد حوالي ألف طفل و500 امرأة إلى بلادهم، بحسب ما قاله المسؤول المحلي خالد إبراهيم للمنظمة، موضحًا أن السلطات لا تستطيع السيطرة على الأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين ما زالوا في المخيم، واصفًا وضع المخيم بـ”القنبلة الموقوتة”.
وفي 5 من تشرين الثاني الحالي، زار وفد أمريكي برئاسة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي، إيثان غولدريتش، شمال شرقي سوريا، لمناقشة عمليات إعادة محتجزين أمريكيين إلى الوطن والمساعدة في تلبية الاحتياجات الأمنية بالمنطقة مع “الإدارة الذاتية”.
وشجع الوفد جميع البلدان التي لديها مواطنون في المنطقة على العمل مع الإدارة الأمريكية من أجل إيجاد “حلول دائمة”، إذ إنهم يضعون خططًا طويلة الأمد لمكافحة “الإرهاب”، وخصصوا ميزانية لدعم الاستقرار في المنطقة.
وفي منتصف تشرين الأول الماضي، أعادت فرنسا 15 امرأة و40 طفلًا، ثم زار مسؤولون من ألمانيا وهولندا وكندا وأستراليا شمال شرقي سوريا، حيث سلمت “الإدارة الذاتية” عشرات النساء والأطفال للعودة إلى ديارهم.
–