المازوت يرفع تكاليف الحراثة والبذر للموسم المقبل في الحسكة
الحسكة – مجد السالم
يسعى رشيد الصالح (55 عامًا)، وهو مزارع من ريف القامشلي الجنوبي، “جاهدًا” لتوفير ما تحتاج إليه آلاته الزراعية من مادة المازوت، لضمان عدم توقفه عن العمل فجأة خلال موسم الزراعة الحالي، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
لا يمتلك رشيد أرضًا زراعية بمساحة كافية لتأمين دخل لعائلته، لكنّ لديه جرارًا زراعيًا مع محراث و”بذّارة” و”نثّارة”، وغيرها من الأدوات التي تساعد في فلاحة وتسوية الأرض الزراعية، يعمل عليها بمساعدة أولاده لفلاحة وبذر الأراضي الزراعية في منطقته، مقابل أجرة “تتغير كل عام”.
وأوضح رشيد أنه لا معنى لكل هذه الأدوات إذا لم يؤمّن الوقود اللازم للجرار، معتبرًا أن زيادة أسعار المازوت، وتخفيض المخصصات من قبل “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، جعل من الصعب “تحقيق ذلك”، ما سيجبره على شراء كميات من المازوت من السوق السوداء بأسعار مرتفعة تصل إلى ألف و500 ليرة سورية لليتر الواحد.
وسيدفع شراء المازوت بأسعار مرتفعة المزارع رشيد إلى زيادة أجرة فلاحة الدونم من الأرض الزراعية، وهذا سيزيد من الأعباء المادية على الفلاحين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار زيوت المحركات، وأجور الصيانة وقطع الغيار، التي تُحسب أسعارها كلها بالدولار في ظل تدهور قيمة الليرة السورية المستمر.
حراثة مكلفة وبذار مشروطة
يواجه مزارعو محافظة الحسكة تحديات عديدة في التجهيز للموسم الزراعي الحالي، في ظل ارتفاع نسب الجفاف في المنطقة، خصوصًا أصحاب الزراعات البعلية، الذين تعرضوا لخسائر فادحة وديون استنفدت “مدخراتهم من الحبوب والأموال” المخصصة للزراعة، فأصبح العمل في القطاع الزراعي مكلفًا جراء ارتفاع أسعار المواد الزراعية، وتضاعف أجور عمليات “الخدمة الزراعية” من فلاحة وتسوية وبذر.
إبراهيم الحميد (40 عامًا)، وهو مزارع يقيم في ريف القحطانية الجنوبية، يمتلك 12 هكتارًا ينوي زراعتها بالقمح، قال لعنب بلدي، إن أجرة فلاحة الدونم الواحد خلال العام الماضي بلغت نحو 2500 ليرة سورية (الهكتار يكلف نحو 25 ألف ليرة سورية)، بينما طلب أصحاب الجرارات هذا العام مبلغ خمسة آلاف ليرة سورية مقابل فلاحة الدونم الواحد، ما يعني أن فلاحة أرضه فقط ستكلف نحو 600 ألف ليرة سورية، موضحًا أنه لا يزال يبحث عن سعر أقل.
وأضاف إبراهيم أنه لن يستطيع زراعة أرضه إذا لم يحصل على دعم من “الإدارة الذاتية” من خلال الحصول على عقد مع ” المؤسسة العامة لإكثار البذار”، التي تقدم البذار “دينًا” بسعر مليونين و300 ألف ليرة سورية للطن الواحد، أي أنه بحاجة إلى تسعة ملايين ليرة سورية لشراء البذار فقط، بالإضافة إلى الأسمدة التي وصل سعر الطن الواحد منها إلى نحو 650 دولارًا أمريكيًا، وفق قوله.
وبحسب ما علمته عنب بلدي من عدة مزارعين، فإن “مؤسسة إكثار البذار” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” تضع شروطًا “صعبة” لقبول التعاقد مع المزارعين، وتزويدهم بالبذار “دينًا” بسعر مدعوم يبلغ 2300 ليرة لكل كيلوغرام، مع 200 كيلوغرام من السماد للهكتار الواحد، إذ تُمنح العقود للمزارعين الذين لديهم آبار زراعية “حصرًا”، وبسندات كفالة وكفلاء من المتعاقدين ورخصة زراعة مسبقة من “مديرية الزراعة”، إذ من الصعب أن يحصل المزارعون الذي يعتمدون على مياه الأمطار في ري محاصيلهم (زراعة بعلية) على عقود “مؤسسة إكثار البذار”، وزاد من صعوبة الوضع منع “هيئة الزراعة والري” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” المزارعين من حفر الآبار الزراعية السطحية والعميقة في مناطق سيطرتها، اعتبارًا من 1 من تشرين الثاني الحالي، تحت طائلة “المساءلة القانونية وحجز الحفارة” بحجة “الحفاظ على مخزون المياه الجوفية”.
من جانبها، بيّنت “المؤسسة العامة لإكثار البذار” التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، بحسب مواقع تابعة لـ”الإدارة”، أنها تخطط للموافقة على خمسة آلاف عقد لإكثار البذار في مناطق سيطرتها، بمساحة 400 ألف دونم (40 ألف هكتار).
وتعتمد “هيئة الاقتصاد والزراعة” منذ العام الماضي آلية معينة لتوزيع المازوت على المزارعين قياسًا بعمق البئر المرخصة، ويكون منح الكميات المحددة على دفعات، إذ يخصص لـ”الآبار حتى عمق 50 مترًا، 20 ليتر مازوت للدونم الواحد، ومن 51 إلى 100 متر، تخصص كمية 25 ليترًا للدونم الواحد، ومن 101 متر فما فوق تخصص كمية 35 ليترًا للدونم الواحد”، ولكن في كل عام تتكرر معاناة الفلاحين من تأخر توزيع الدفعات، وعدم استكمالها كما هو متفق عليه، وجراء ذلك لجأ بعض المزارعين “المقتدرين” إلى تشغيل آبارهم عن طريق الطاقة الشمسية، وهو حل “مكلف”، إذ تحتاج البئر وسطيًا إلى عشرة آلاف دولار كي تكون جاهزة للعمل.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :