تتوالى الانتهاكات والتجاوزات في مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري”، المدعوم من تركيا، وما إن تغيب حادثة عن الأذهان قليلًا حتى تعود أخرى لتفتح الباب واسعًا أمام حالة الفوضى والفساد في المنطقة.
عمليات اغتيال، اعتقالات “تعسفية”، إدارة خطوط تهريب البضائع والبشر، فرض الإتاوات، اغتصاب الممتلكات، حالات أصبحت ظاهرة ترتكبها وتُتهم بها فصائل في “الجيش الوطني”، غير مقتصرة على حالات فردية أو أشخاص، إنما تُرتكب هذه الانتهاكات والتجاوزات من مجموعات وفصائل وكتائب وقياديين.
تحقيقات وتقارير صحفية كشفت مؤخرًا عن حالات فساد جديدة طالت رأس الهرم في بعض فصائل “الجيش الوطني”، بإشرافهم على إدارة “المخدرات” في المنطقة، وعمليات حفر وتنقيب عن الآثار بالتعاون والتنسيق مع قوات النظام السوري، وخاصة مع قوات “الفرقة الرابعة”.
تجارة “كبتاجون”
في 3 من تشرين الثاني الحالي، كشف تحقيق لوكالة “فرانس برس“، عن تعاون بتصنيع وتهريب “الكبتاجون” بين “الفرقة الرابعة”، التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري، وبعض فصائل “الجيش الوطني” ومجموعات عشائرية.
وقال مهرب يعمل في ريف حلب للوكالة، إن “الجيش الوطني” دخل “بقوة” في تجارة “الكبتاجون” مؤخرًا، وإن المسؤول عن “الكبتاجون” في المنطقة هو القيادي “أبو وليد العزة”.
ولدى القيادي المذكور “علاقات جيدة للغاية مع (الفرقة الرابعة)”، وفق ما قاله المهرب، مضيفًا أنه “يجلب له حبوبًا ممتازة”، في حين نفى الفصيل للوكالة أي علاقة له بالتجارة.
وذكر المهرب أن “الفرقة الرابعة” تزوّد فصائل المعارضة في الشمال السوري بحبوب “كبتاجون”، مشيرًا إلى أن وظيفته (المهرب) توزيع الحبوب أو التنسيق مع الفصائل لإرسالها إلى تركيا.
وأضاف المهرب أنه باع حبوب “كبتاجون” لقادة من “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، وأن “الجيش الوطني” دخل “بقوة” في تجارة “الكبتاجون” مؤخرًا.
“أبو وليد العزة” هو عدنان الخويلد قائد “لواء العزة” (اللواء 211)، المنضوي ضمن صفوف “فرقة السلطان مراد” تحت مظلة “الجيش الوطني”.
وطالت القيادي اتهامات عديدة بالفساد وإدارة خطوط وعمليات تهريب البشر والبضائع والمخدرات، وتجاوزات عديدة، إضافة إلى ظهور أولاده بمظاهر الترف والرفاهية والبذخ، ما خلق حالة غضب وجدل في المنطقة.
تنقيب “غير مشروع”
في 25 من تشرين الأول الماضي، كشف تقرير لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” عن وجود عمليات حفر وتنقيب “غير مشروعة” عن الآثار في عموم مدينة تادف بريف حلب، التي يتقاسم السيطرة عليها كل من النظام (عناصر من “الفرقة الرابعة”) من جهة، وعناصر من “فرقة الحمزة” التابعة لـ”الجيش الوطني” من جهة أخرى، بوجود نوع من التنسيق بين الطرفين.
ووثّقت المنظمة في تقريرها، تنقيب إحدى ميليشيات “الدفاع الوطني” الموالية للنظام عن القطع الأثرية وتهريبها، بالتنسيق مع قياديَين في “فرقة الحمزة” من عائلة “النجّار”، وهما المسؤولان بشكل رئيس عن عمليات التنقيب في المنطقة.
وبدأت عمليات التنقيب عن الآثار في أواخر 2021، واستمرت حتى منتصف العام الحالي، وتمت بشكل أساسي في محيط الكنيس اليهودي الأثري الموجود في مدينة تادف، بحسب شهادات وأدلة ورصد أجرته منظمة “سوريون”
وأجرى عناصر من “فرقة الحمزة” (الحمزات) التي يقودها سيف بولاد (أبو بكر) عمليات حفر وتنقيب قرب موقع الكنيس اليهودي وفي محيطه، إضافة إلى ثلاثة مواقع مختلفة داخل المدينة على الأقل، وموقع آخر في قرية الكريزات الملاصقة (واقعة ضمن سيطرة فصائل المعارضة).
وجرت عمليات التنقيب من قبل عناصر في “فرقة الحمزة” ومعهم عدد من عناصر فصيل “أحرار الشرقية”، لوجود نقاط تمركز مشتركة بينهما في المنطقة، والمسؤول عن العملية بشكل كامل قيادي في “فرقة الحمزة”.
وتتم عمليات التنقيب باستخدام أدوات بدائية، وتبدأ عادة في حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل وتستمر حتى الفجر، ووصلت إلى “الشرطة العسكرية” التابعة لـ”الجيش الوطني” بلاغات عديدة، وتأكدت من وجود عمليات تنقيب، وحاولت دخول المنطقة لكن منعها أحد الحواجز العسكرية التابعة لـ”فرقة الحمزة”، بحجة أعمال التحصين العسكرية الخاصة بالفصيل، وفق المنظمة.
وتتكرر الانتهاكات والاعتداءات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية التابعة لفصائل أو جهات ومؤسسات عسكرية تنشط في مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، حتى أصبحت حالة عامة تعيشها المنطقة.
اقرأ أيضًا: منظمة حقوقية تكشف مصادر لكسب “أبو عمشة” المال بطرق غير شرعية
–