“تدريبات الحلفاء” تقابلها صواريخ وقذائف كوريا الشمالية
أطلقت كوريا الشمالية صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات، غير أنه يُعتقد أن إطلاقه قد انتهى بالفشل، نحو البحر الشرقي، بحسب ما نقلته وكالة “يونهاب” الكورية الجنوبية، الخميس 3 من تشرين الثاني، عن الجيش الكوري الجنوبي.
وجاءت هذه التجربة الصاروخية للشمال بعد يوم واحد من إطلاق كوريا الشمالية حوالي 100 قذيفة مدفعية على البحر الشرقي في اتجاه الجنوب متجاوزة خط الحدود الشمالي، الأربعاء الماضي، وتعد المرة الأولى منذ تقسيم الكوريتين عقب إطلاقها ما لا يقل عن 17 صاروخًا باليستيًا وغير باليستي.
وذكرت هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية، أن بلادها بعثت برسالة تحذيرية إلى كوريا الشمالية لتحث الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، على وقف جميع الأعمال الاستفزازية على الفور، بحسب ما نقلته وكالة “يونهاب” الكورية الجنوبية عن هيئة الأركان.
وتعد هذه المرة السابعة التي يطلق الشمال فيها صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات خلال العام الحالي.
وجاء التصعيد الكوري الشمالي ردًا على التدريبات التي بدأتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية، منذ الاثنين الماضي ولغاية اليوم الجمعة.
وأصدر متحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية بيانًا قال فيه، “إذا استمرت الولايات المتحدة في الاستفزازات العسكرية الخطيرة ، فستأخذ كوريا الديمقراطية في الاعتبار إجراءات متابعة أكثر قوة”، بحسب ما نقلته الوكالة الكورية الشمالية “KCNA“.
حرب بالإغاظة
تتبادل الكوريتان الاستفزازات خلال التدريبات العسكرية والتجارب الصاروخية، في شبه الجزيرة الكورية والبحار المحيطة.
وتتشارك كوريا الجنوبية تدريباتها في المنطقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتشترك اليابان بالتدريبات بشكل أخف، وتعد دول الحلفاء عدوًا للجمهورية الاشتراكية كوريا الشمالية، ما يجعل حرب الإغاظة بين الأطراف متبادلة.
ففي تشرين الأول الماضي، استمرت التوترات بين الأطراف بعد تبادل لإطلاق الصواريخ الباليستية على أهداف تدريبية، إذ أطلقت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية عددًا من الصواريخ، ما دفع كوريا الشمالية للرد بإطلاق صاروخ عبر سماء اليابان وصل إلى المحيط الهادئ، كان “الأبعد مدى” في تجاربها منذ 2017.
وعادت أمريكا لإطلاق أربعة صواريخ باليستية قصيرة المدى، بالتعاون مع كوريا الجنوبية، باتجاه بحر اليابان، مع تحليق سرب طائرات هجومية مشتركة في البحر الأصفر.
وقتها، اعتبر مراقبون أن التجربة الكورية الشمالية تهديد لأراضي حلفاء أمريكا، إذ دعت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألبانيا والنرويج وأيرلندا لعقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن لمناقشة التطورات، بحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية.
التنديدات والعقوبات لا تردع الصواريخ
تدرس وزارة الخارجية الكورية الجنوبية فرض عقوبات إضافية أحادية الجانب على كوريا الشمالية، ردًا على تهديداتها الصاروخية والنووية المتزايدة، وأحدثها عمليات إطلاق الصواريخ، بحسب ما نقلته وكالة “يونهاب” الأربعاء الماضي.
وذكرت الوكالة أن المتحدث باسم الخارجية، ليم سو- سوك، قال خلال لقاء صحفي، “مع استمرار استفزازات كوريا الشمالية، ندرس فرض عقوبات إضافية أحادية الجانب”.
وقال ليم، إن كوريا الجنوبية تجري مشاورات مع أمريكا واليابان وحلفاء آخرين بشأن سبل تعزيز العقوبات.
وفي الشهر الماضي، أدرجت العاصمة الجنوبية، سيؤل، 15 فردًا من كوريا الشمالية و16 مؤسسة على قائمتها السوداء، في أول عقوباتها أحادية الجانب ضد العاصمة الشمالية، بيونغ يانغ، منذ ما يقرب من خمس سنوات.
وأعلنت الولايات المتحدة عبر موقع الخارجية الأمريكية، في آذار الماضي، عن فرض عقوبات على كوريا الشمالية بسبب قيامها بأنشطة ذات صلة بانتشار الأسلحة النووية، وأتت هذه العقوبات بسبب برنامج الصواريخ الكوري.
وفشلت الولايات المتحدة، مرتين على الأقل، هذا العام، أحدثهما الشهر الماضي، في فرض عقوبات جديدة بمجلس الأمن على كوريا الشمالية، بسبب معارضة الصين وروسيا، حليفتي الشمالية اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو) كعضوين دائمين في المجلس.
ونددت الولايات المتحدة بإطلاق كوريا الشمالية لصاروخ باليستي عابر للقارات، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في بيان نقلته الخارجية الأمريكية، في 2 من تشرين الثاني الحالي، “هذا الإطلاق انتهاك واضح للعديد من قرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة”.
وأضاف أنه يعكس أيضًا التهديد الذي يشكّله برنامجا كوريا الشمالية غير القانونيين لأسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية.
وتابع أن “هذا الفعل يؤكد حاجة جميع الدول إلى التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، والتي تهدف إلى منعها من الحصول على التقنيات والمواد اللازمة لإجراء هذه الاختبارات المزعزعة للاستقرار”.
ونقلت وكالة الأخبار اليابانية “kyodo” أن رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، انتقد عمليات إطلاق الصواريخ المتكررة من قبل كوريا الشمالية، ووصفها بأنها “عمل همجي وغير مقبول على الإطلاق”، فيما قدمت طوكيو احتجاجًا إلى بيونغ يانغ عبر السفارة اليابانية.
ونقلت الوكالة عن دبلوماسيين كبار من اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وصفت تصرفات كوريا الشمالية بأنها “تهديدات وشيكة” للمنطقة، و”تحديات خطيرة” للمجتمع الدولي.
اقرأ أيضًا: كوريا الشمالية تهدد باستخدام السلاح النووي لمواجهة أمريكا
الكوري الشمالي غير مبالٍ
قالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، إن وزير الخارجية، جو هيون- دونغ، ووزيرة الخارجية الأمريكية، ويندي شيرمان، أجريا محادثة هاتفية، واتفق الجانبان على الحاجة إلى الحفاظ على موقف دفاعي، بالإضافة إلى التعاون بشأن رد الفعل على استفزازات كوريا الشمالية، بما في ذلك من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وسط تكهنات بإجراء الشمالية تجربة نووية، بحسب ما نقلته “يونهاب“، الأربعاء الماضي.
وأدانت الولايات المتحدة القصف الصاروخي في بيان لها على موقع وزارة الخارجية الأمريكية.
وفي حين تنشغل وسائل الإعلامية التابعة لحكومات المنطقة الآسيوية في نقل تفاصيل القصف الشمالي المتتالي على مدى ثلاثة أيام متتالية، وتستمر التدريبات العسكرية الأمريكية والكورية الجنوبية، مع التصعيد الدبلوماسي ضد التهديدات والمخاطر المحتملة، تنشغل وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية “KCNA” بنشر إنجازات رئيس البلاد، كيم جونغ أون، والتهاني المتبادلة مع رؤساء دول صديقة لبلاده، ولا سيما الاحتفالات القائمة بأعياد الشمالية الوطنية.
مفاوضات وتحذيرات
أجرت الولايات المتحدة وكوريا الشمالية مفاوضات دبلوماسية لسنوات، بحثًا في قضية تطوير الأخيرة للسلاح النووي، وأشار كبير الدبلوماسيين الأمريكيين لشؤون شرق آسيا، دانيال كريتنبرينك، في وقت سابق إلى “إحباطه” من السياسة الكورية تجاه الدعوات الدبلوماسية لتقارب العلاقات مع أمريكا، قائلًا إن واشنطن “تعتزم ترك باب الدبلوماسية مفتوحًا”، مع نيتها “الرد بحزم على هذا التهديد المتزايد”.
وحذر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الشهر الماضي، من أن الولايات المتحدة ستستمر في تحميل كوريا الشمالية المسؤولية عن الأعمال “الاستفزازية”، مشددًا على أن بلاده تملك “أدواتها المناسبة” للرد.
وأشار المتحدث إلى أن أي “استفزازات” إضافية من قبل كوريا الشمالية، لن تؤدي إلا إلى مزيد من العزلة، مضيفًا أن التداعيات على الساحة الدولية ستثبت خطأ توقعات البلد الشيوعي.
واختلفت سياسة الرؤساء الأمريكيين في التعامل مع ملف كوريا الشمالية، فبعد تحسن العلاقات في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي عبر عن “إعجابه” بكيم جونغ أون، تراجعت العلاقات الأمريكية مجددًا عند تسلّم بايدن منصبه قبل عامين، وتركيزه على قضايا دولية أخرى، من أهمها الحرب الروسية على أوكرانيا.
وتوقفت المفاوضات النووية بين واشنطن وبيونغ يانغ منذ 2019، بسبب خلافات متعلقة بالتراجع عن العقوبات المشددة التي تقودها الولايات المتحدة بشأن خطوات نزع السلاح من كوريا.
لكن المبعوث الأمريكي الخاص لكوريا الشمالية، كيم سونغ، قال خلال زيارة إلى كوريا الجنوبية، في حزيران الماضي، إن واشنطن أوضحت بشكل مباشر جدًا لبيونغ يانغ أنها منفتحة على الدبلوماسية، مشيرًا إلى أنها على استعداد لمناقشة البنود التي تهم بيونغ يانغ، مثل تخفيف العقوبات.
تضمنت الوتيرة غير العادية التي حققتها كوريا الشمالية في تجارب الأسلحة هذا العام إطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات، كانت الأولى من نوعها منذ عام 2017، وحلّق بعض الصواريخ أعلى وأطول من أي سلاح اختبرته على الإطلاق، ما يدل على إمكانية الوصول إلى كامل البر الرئيس للولايات المتحدة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :