تعرضت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، لانتقادات بشأن وصفها وصول طالبي اللجوء للسواحل البريطانية بأنه “غزو”، حيث حذر نواب بريطانيون من مختلف الأطياف السياسية من أخطار استخدام “لغة تحريضية”.
وقالت برافرمان، الاثنين 31 من تشرين الأول، أمام البرلمان البريطاني، في إشارتها إلى طالبي اللجوء، “يستحق الشعب البريطاني أن يعرف أي حزب جاد في وقف الغزو على ساحلنا الجنوبي وأي حزب ليس كذلك”.
وأضافت، “دعونا نتوقف عن التظاهر بأنهم جميعًا لاجئون في محنة، البلد كله يعرف أن هذا غير صحيح، نحن بحاجة إلى أن نكون صريحين مع الشعب”، واصفة نظام اللجوء البريطاني بـ”المعطل”، والهجرة غير الشرعية بأنها “خارجة عن السيطرة”.
ورفض عضو البرلمان ووزير الهجرة البريطاني، روبرت جينريك، اللغة التي استخدمتها وزيرة الداخلية، بحسب التصريحات التي أدلى بها اليوم، الثلاثاء، لوكالة “سكاي نيوز” البريطانية.
وفي سؤال حول ما إذا كان سيصف الموقف بنفس الطريقة، قال، “في وظيفة مثل وظيفتي، عليك أن تختار كلماتك بعناية شديدة، ولن أشيطن الأشخاص الذين يأتون إلى هذا البلد في السعي وراء حياة أفضل”.
وبرر جينريك لوزيرة الداخلية وصفها، بأنها قصدت من ورائه “إظهار حجم التحدي”، موضحًا أن عدد الأشخاص الذين يعبرون القوارب الصغيرة عبر القناة الإنجليزية قد يصل إلى أكثر من 50 ألفًا بحلول نهاية العام الحالي.
واتُّهمت برافرمان بالفشل في الاستماع إلى المشورة القانونية بشأن الاحتجاز المطول للمهاجرين في مركز معالجة آخر، والفشل في تأمين سكن مناسب، لكنها نفت ذلك.
ووصف الأسبوع الماضي كبير المفتشين المستقلين لشؤون الحدود والهجرة، ديفيد نيل، الأوضاع في أحد مواقع مراكز استقبال طالبي اللجوء في مدينة مانستون البريطانية بأنها “بائسة للغاية”، وأن الأشخاص كانوا ينامون على الأرض، ولم يُسمح لبعضهم باستخدام الهواتف، أو إغلاق أبواب الحمامات بالكامل.
انتقادات من المؤيدين والمعارضين
صرح النائب البريطاني والعضو في حزب “المحافظين” الحاكم سير روجر غيل اليوم، الثلاثاء، بأنه “لا يقبل ولا يثق” بكلام وزيرة الداخلية، وأنها مهتمة فقط بلعب دور الحزب اليميني، وحول مشكلات مراكز الهجرة، أوضح النائب أن أسلاف وزيرة الداخلية وجدوا أماكن إقامة بديلة مثل الفنادق، لكن ذلك توقف عندما تولت الوزيرة المنصب.
وأعاد رئيس الوزراء البريطاني الجديد، ريشي سوناك، تعيين برافرمان وزيرة للداخلية الأسبوع الماضي، بعد ستة أيام من استقالتها من المنصب لخرقها القواعد الوزارية بإرسال وثيقة حكومية حساسة عبر بريدها الإلكتروني الشخصي.
من جانبه، قال حزب “العمال” المعارض، إن لغة السيدة برافرمان عرّضت المجتمعات والشرطة والأجهزة الأمنية “للخطر”، مشيرًا إلى هجوم بالقنابل الحارقة الأحد الماضي على مركز للهجرة تابع لقوات الحدود في مدينة دوفر الإنجليزية.
وأشارت وزيرة الثقافة في حكومة الظل (عبارة عن حكومة غير موجودة على الخريطة التنفيذية يرأسها زعيم المعارضة)، لوسي باول، إلى أن تصريحات وزيرة الداخلية تضع الأجهزة الأمنية تحت ضغط أكبر من خلال “لغة حارقة”، وهو أمر “غير مسؤول على الإطلاق”.
ونبهت المتحدثة باسم الشؤون الداخلية لحزب “العمال” المعارض، إيفيت كوبر، إلى أن خطاب وزيرة الداخلية “تدهور تماشيًا مع أداء الحكومة”، مضيفة أنه “لن يستخدم أي وزير للداخلية كان جادًا بشأن السلامة العامة أو الأمن القومي لغة شديدة التحريض في اليوم التالي لهجوم خطير بقنبلة حارقة على مركز المعالجة الأولية لطلبات اللجوء”.
من سويلا برافرمان
تعود أصول وزيرة الداخلية، المولودة عام 1980 في لندن، لأبوين من أصل هندي هاجرا إلى بريطانيا في ستينيات القرن الماضي، من كينيا وموريشيوس.
عمل والدها موظفًا في جمعية إسكان تابعة للبلدية في المملكة المتحدة لنحو 16 عامًا، أما والدتها فكانت ممرضة لمدة 45 عامًا، كما كانت إلى جانب زوجها منخرطة في الحياة السياسية المحلية، ونشطت في الدفاع عن حقوق السكان في حيّها.
درست القانون في كوينز كوليدج ضمن جامعة “كامبريدج”، ثم حصلت على الماجستير في القانون الأوروبي والفرنسي من جامعة “سوربون” في باريس، قبل أن تصبح محامية في نيويورك.
ووفقًا لتقرير صادر عن صحيفة “الجارديان”، كانت برافرمان طموحة وتأمل أن تصبح نائبة في البرلمان منذ سن مبكرة، وحضرت المناسبات الخاصة بحزب “المحافظين” في حي هارو، غربي لندن حيث نشأت.
وبعد محاولات عديدة، نجحت برافرمان في الانتخابات العامة لعام 2005، حيث جرى انتخابها ممثلة عن مدينة كنت، جنوب شرقي المملكة المتحدة.
كما عُيّنت وكيلة لوزارة “البريكست” (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) في عام 2018، من قبل رئيسة الوزراء حينها، تيريزا ماي، حيث كان أول منصب وزاري لها.
ولم يدم عملها طويلًا، حيث استقالت بعد تنحي دومينيك راب، وزير “البريكست”، عن منصبه بسبب خلافه مع ماي حول اتفاق “البريكست” الذي اقترحته.
وأعادها رئيس الوزراء السابق، بوريس جونسون، للمناصب الوزارية من خلال تعيينها وزيرة للعدل في عام 2020، ثم تسلمت برافرمان منصب وزيرة الداخلية خلفًا لبريتي باتيل التي استقالت مع انتهاء نهاية حقبة بوريس جونسون في رئاسة الحكومة.
وفي تموز الماضي، رشحت برافرمان نفسها لانتخابات قيادة حزب “المحافظين”، لكنها خرجت من السباق بعد الجولة الثانية من التصويت.
–