تستمر المطالب بالكشف عن نتائج التحقيق مع الضالعين في قضية اغتيال الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته الحامل، بعد 25 يومًا من اغتيالهما في مدينة الباب بريف حلب الشرقي.
توجّهت المطالب إلى السلطات التركية، صاحبة النفوذ بالمنطقة، والمؤسسات الرسمية وعلى رأسها “الشرطة العسكرية” في ريف حلب، بالإعلان عن نتائج التحقيق وتنفيذ الوعود التي قُطعت من قبل المؤسسات الأمنية لإيجاد حل جذري للتجاوزات والاختراقات الأمنية.
تأخير إعلان نتائج التحقيق فيه مماطلة ولا يمكن تفسيره إلا محاولة للتشويش عن الآمر الرئيس بالجرائم، وفق ما جاء في بيان صادر الاثنين 31 من تشرين الأول، عن “الشارع الثوري” في الباب الذي يضم وجهاء ونقابات واتحادات وطلابًا و”تنسيقيات”.
والدة “أبو غنوم” طالبت، عبر تسجيل مصوّر في 26 من تشرين الأول الماضي، بالقصاص من قتلة ابنها وزوجته الحامل.
واستنكرت حضور قيادات بعض الفصائل للتعزية باغتيال ابنها، رغم أنهم يشرفون ويترأسون عناصر ارتكبوا عملية الاغتيال.
وتوجهت إلى كل حر شريف في المنطقة، وحمّلتهم مسؤولية المطالبة بحق دماء ابنها، وكل دماء هُدرت في أي مظلمة.
وفي 7 من تشرين الأول الماضي، اغتال مقاتلون يتبعون لمجموعة “أبو سلطان الديري” ضمن “فرقة الحمزة” (الحمزات) التابعة لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، الناشط محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته الحامل.
وفي 10 من الشهر نفسه، ألقى “الفيلق الثالث” التابع لـ”الجيش الوطني” أيضًا، القبض على ثلاثة متهمين باغتيال الناشط، وسلّموا إلى “الشرطة العسكرية” في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي للتحقيق معهم.
وفتحت الحادثة باب اقتتال بين “الفيلق الثالث” من جهة، وفرقتي “الحمزة” و”السلطان شاه” مدعومتين بـ”هيئة تحرير الشام” في الجانب المقابل.
هدف آخر للاغتيال
أحدث المستجدات حول مقتل “أبو غنوم” وزوجته الحامل، هي اعترافات أحد الضالعين باغتياله، بتلقي منفذي عملية اغتيال “أبو غنوم” أوامر من قيادتهم (أبو سلطان) برصد ومتابعة أحد أطباء مدينة الباب تمهيدًا لاغتياله.
وفي 23 من تشرين الأول الماضي، اعترف محمد العكل (أبو هيثم) أحد الضالعين الرئيسين بقضية اغتيال الناشط “أبو غنوم” بأن هدف الخلية التالي كان الطبيب محمود السايح من مدينة الباب.
وفي تسجيلات صوتية نُشرت عبر قنوات “تلجرام” (واسعة النشاط في المنطقة)، للطبيب السايح، ذكر أن “أبو هيثم العكل” اعترف بتلقيه أوامر من “أبو سلطان”، بمتابعة الطبيب وتعقبه بهدف اغتياله من مجموعة أخرى يحددها “أبو سلطان”.
ونفى السايح معرفته بـ”أبو سلطان”، مرجعًا أسباب متابعته لأجل اغتياله إلى أوامر أو تعليمات من أشخاص ورتب أعلى.
وطالب الطبيب السايح، في التسجيل، “الشرطة العسكرية” بمعرفة الأسباب والدوافع لوضعه هدفًا آخر لعملية اغتيال، ونشر نتائج التحقيق في اغتيال الناشط “أبو غنوم”.
عمل الطبيب محمود السايح لسنوات في الشمال السوري ضمن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وفقد أطفاله السبعة بقصف روسي استهدف مسكنه في مدينة إدلب، الذي انتقل إليه بعد سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على مدينة الباب حينها.
وكانت الكتيبة الأمنية التابع لـ”فرقة الحمزة” اعتقلت الطبيب محمود السايح من منزله في مدينة الباب بطريقة غير قانونية، في 27 من نيسان 2017 ، بسبب انتقاده لتصرفات الفصائل والحكومة التركية، بحسب ناشطين من المنطقة، وأفرجت عنه بعد أسابيع.
تواصلت عنب بلدي مع مدير إدارة “الشرطة العسكرية”، العميد أحمد الكردي، لمعرفة أين وصلت إجراءات التحقيق مع الضالعين والمتهمين بعملية اغتيال الناشط “أبو غنوم”، لكنه تحفظ على الإجابة في الوقت الحالي، وقال إنها قضية رأي عام ولا يريد أن يدخل بأي سجال.
شرارة اقتتال
يعتبر “أبو غنوم” أحد أبرز الناشطين الإعلاميين في الشمال السوري، ويُعرف عنه كثرة ظهوره في الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات وتنظيمها والدعوة إليها بتعدد أسبابها ومطالبها.
انتقد الناشط حالة الفساد المنتشرة في جميع مفاصل الحياة بالمنطقة سواء خدمية، أو اقتصادية، أو عسكرية، أو أمنية، أو اجتماعية، عبر منشوراته على وسائل التواصل أو حتى بمظاهرات على الأرض.
مساء 10 من تشرين الأول الماضي، انتشر تسجيل مصوّر عرضه ناشطون وصفحات محلية لـ”الفيلق الثالث”، تضمّن اعترافات عناصر “الخلية” المسؤولة عن عملية اغتيال الناشط “أبو غنوم” وزوجته الحامل.
ومع اتساع دائرة تداول هذه التسجيلات، زادت حدة التوتر الأمني بين “الفيلق الثالث” و”فرقة الحمزة”، ليتحول إلى صدام عسكري بين الطرفين واقتتال في المنطقة.
وعقب ارتفاع حدة الاشتباكات في الباب، حشدت “تحرير الشام” قواتها شرقي مخيمات أطمة ودير بلوط، استعدادًا للمشاركة في العمليات.
ودخلت “تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب عدة مدن وبلدات استراتيجية بريف حلب، منها عفرين وجنديرس، ووصلت إلى كفر جنة غربي اعزاز، بعد تحالفها مع “الحمزات” و”فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات).
هدأت المنطقة بعد اقتتال استمر لمدة تسعة أيام، بتدخل تركي غير مباشر عبر “هيئة ثائرون للتحرير” التابعة لـ”الجيش الوطني” أيضًا، ودفعت تركيا بعدها بقوات عسكرية إلى المنطقة، لكن لا تزال أذرع “تحرير الشام” الأمنية موجودة في عفرين.
–