يصل سعر الكيلو من بعض الأنواع إلى أكثر من 400 ليرة..
هل تبرر الجودة ارتفاع أسعار الحلويات السورية في تركيا
تشكّل الحلويات على اختلاف أنواعها جزءًا من الأطعمة التي يوليها السوريون اهتمامًا كبيرًا يخرجها من سياق الأعياد والمناسبات إلى حد خلق تلك المناسبات، مثل جلسات السهر وزيارات الأصدقاء والأقارب، وحتى زيارة المريض.
ومع لجوء ملايين السوريين إلى تركيا، استجابت السوق اقتصاديًا ومعيشيًا لتلبية حاجات السوريين على المستوى الغذائي، سواء الأساسية أو الكمالية، فافتُتحت لذلك دكاكين ومحال.
وإلى جانب محال البقالة، والمطاعم السورية، توجد محال حلويات ليست غريبة عن السوريين، باعتبار بعضها يشكّل امتدادًا واستمرارية للمحال الأصلية التي عرفوها في سوريا قبل لجوئهم.
ومع مرور الوقت، تمسّك كثير من السوريين، على مستوى الحلويات على الأقل، بعاداتهم الشرائية، رغم غنى المطبخ التركي بأصناف الحلويات، التي تعتبر “البقلاوة” رأس الهرم فيها.
الغنى بالتنوع، واتساع الخيارات، واختلاف المواصفات وجودة المواد الداخلة في التكوين، خلقت بدورها تنوعًا في الأسعار، وإن كانت بأغلبيتها متفقة في الارتفاع.
ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من أصناف بعض الحلويات إلى أكثر من 400 ليرة تركية، في الوقت الذي تحدد فيه الحكومة التركية الحد الأدنى للأجور على مستوى البلاد بـ5500 ليرة تركية.
ويبلغ سعر صرف الدولار 18.6 ليرة تركية، بحسب موقع “Doviz” المتخصص بأسعار الصرف.
تبدو “تازة”
نور الدين، شاب سوري متزوج ومقيم في القسم الأوروبي من اسطنبول، يفضّل شراء الحلويات السورية على التركية، باعتبارها أكثر تنوعًا ولذة، وفق رأيه.
وقال نور لعنب بلدي، إن الحلويات التركية تتفوق بـ”البقلاوة” تحديدًا، رغم ارتفاع أسعارها أيضًا، معتبرًا أن الموازنة تقوم على تخفيض الكمية وشراء ما هو أفضل وعالي الجودة بدل كمية كبيرة من حلويات غير لذيذة.
الشاب ركّز على أن الحلويات السورية غالبًا ما تبدو “تازة”، أي جديدة التحضير، خاصة في المناسبات والأعياد.
وحول أسعارها، أوضح أنها مرتفعة الثمن قياسًا بمتوسط الأجور العام، لكنها في الوقت نفسه ليست أساسية، فيمكن شراء بعضها مرة في الشهر مثلًا، معتبرًا أن الجودة تبرر السعر، بالنظر إلى غنى الحلويات السورية بمواد كـ”المكسرات”، وتقديم حلوى جديدة التحضير، وتغليفها وتسويقها جذاب.
“الحلويات التركية كثيرة القطر لدرجة تفسد طعمها، وبعد تجربة العديد من الأنواع التركية، أفضّل الحلويات السورية بالمجمل، إلى جانب نوعين من الحلويات التركية ربما”، أضاف نور الدين.
الأسعار “مبالغ بها”
أما أيهم، رب أسرة، وموظف يقيم في اسطنبول أيضًا، فأشار إلى قبوله بالحلويات التركية لبُعد محال الحلويات السورية عن مكان إقامته.
أسعار الحلويات السورية مبالغ بها، ولا سيما مؤخرًا، رغم أن جودتها طبيعية، وهو ما يشكّل فارقًا عن أسعار الحلويات التركية، إذ تتخطى الأسعار التركية مثيلتها نسبيًا في هذا الجانب.
أيهم يتحدث عن أسعار الحلويات في اسطنبول |
ولفت، في حديث لعنب بلدي، إلى تنوع الأصناف اللذيذة في الحلويات السورية، على خلاف التركية التي تكمن لذة بعض أصنافها في غناها بـ”المكسرات”، مثل “البقلاوة بالفستق”.
كما تشتهر تركيا، وتحديدًا ولاية غازي عينتاب، بـ”البقلاوة”، وتسمى “بقلاوة عينتابية”، وهي غنية بالفستق العينتابي (الفستق الحلبي).
السكر “مدروس”
يفضّل إياد الحوراني (36 عامًا) الحلويات السورية، لأن معدل السكر فيها مدروس مقارنة بالحلويات التركية، فلا تتعب الأولى الجسم بعد تناولها، إضافة إلى قابلية تناول كميات أكبر منها مقارنة بمثيلتها التركية.
“حلاوة الجبن والكنافة والقطايف بالقشطة، إلى جانب الحلويات العربية من مبرومة وبلورية وغيرها، كلها أصناف لذيذة وبنسبة سكر مناسبة وغير منفّرة بعد القطعة الأولى، لكن الأسعار غير معقولة في الفترة الأخيرة”.
وحول سبله في التعامل مع متغيرات الأسعار، أوضح إياد، الذي يعمل في مجال التسويق للجراحة التجميلية، أن المسألة أثّرت على الكمية لا على النوع نفسه، فعوضًا عن شرائه كيلوغرامًا من أحد الأنواع، اتجه لشراء نصف كيلو فقط، متبعًا هذه الآلية للنجاة من الأسعار.
وبالنظر إلى وجود بعض الأصناف ذات الأسعار الرخيصة نسبيًا في الحلويات السورية، بيّن إياد وفق تجربته أن انخفاض سعرها لا يلغي جودتها، باعتبار أن مبادئ التحضير ذاتها، رافضًا في نفس الوقت ربط الأسعار بالجودة، على اعتبار أن الجودة ثابتة، لكن الأسعار هي التي تغيرت بما لا يتناسب وقدرات المشتري ربما.
“أشتري في بداية الشهر فقط، وأنسى الحلويات بقية الأيام، باعتبار أن لدى الإنسان التزامات أخرى، هناك نوعان فقط بأسعار جيدة، والبقية للمناسبات”، بحسب ما قاله إياد.
رأي البائع
يحيى، شاب يعمل في طبخ وبيع الحلويات في أحد المحال السورية باسطنبول، أوضح أن الحلويات السورية جافة أكثر من التركية، إلى جانب اختلاف مكوّنات العجين نفسه بين المطبخين، ففي الوقت الذي يضع فيه الأتراك البيض في العجين، السوريون لا يفعلون ذلك.
وعلى مستوى السكر، فالحلويات السورية تعتمد على تخفيض نسبته ورفع نسبة “المكسرات”، على خلاف الحلويات التركية.
هذه الخلطة السورية تتحكم إلى حد بعيد بعمر المنتج وفق رأي الشاب، لافتًا إلى أن الحلويات السورية بكثير من أنواعها، ولا سيما “البقلاوة”، يمكنها البقاء صالحة للاستهلاك لثلاثة أو أربعة أشهر، على خلاف البقلاوة التركية، وفق يحيى.
يحيى ربط الأسعار بنوعية المواد الداخلة في تركيبة المادة، وتحديدًا الفستق الحلبي والكاجو، إلى جانب اسم المحل الذي يشكّل “براند” أحيانًا، وهناك متاجر حلويات تركية تستفيد من أسمائها دون تفوق في الجودة، لكن الأسعار السورية بالمجمل أكثر ارتفاعًا.
وعلى اعتبار أن الحلويات السورية تعتمد نسبيًا على التصدير، فمسألة جودة المواد ومقاومتها للزمن لا تعتبر ترفًا أو رفاهية بمقدار ما هي ضرورة.
حركة البيع
“الإقبال جيّد على مستوى المبيعات، والسائحون يهتمون بالحلويات العربية، لكن بعد الجدل والنقاش حول الأسعار، فالزبائن لا يخرجون دون شراء”.
واعتبر يحيى أن السوق خلقت منافسة لا مضاربة، فتتجه المحال لتخفيض قيمة الأرباح رغم الغلاء الذي يراه المشتري، لكن التكلفة الحقيقية مرتفعة بالفعل.
ووفق إحصائيات المديرية العامة لإدارة الهجرة التركية، يقيم في تركيا ثلاثة ملايين و622 ألفًا و486 سوريًا، حتى تاريخ إعداد هذه المادة.
وإلى جانب المواطنين الأتراك، تأثر السوريون بالأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد، من ارتفاع أسعار وانخفاض أجور، إلى جانب تراجع الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رفع، في 1 من تموز الماضي، الحد الأدنى للأجور من أربعة آلاف و250 ليرة تركية إلى خمسة آلاف و500 ليرة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :