عنب بلدي – غصون أبو الذهب
تستغل عصابات الاتجار بالبشر الأزمات الاقتصادية، وتردي أوضاع السوريين المعيشية، للإيقاع بالمستضعفين منهم، عبر سماسرة ينشطون في سوريا وبلاد اللجوء، للاتجار بأعضائهم البشرية، كالكلى، والخصى، وقرنية العين، وبيعها في السوق السوداء، عبر أساليب احتيال قد تكلف الضحية حياته.
ومع الوضع الاقتصادي الهشّ، ظهرت ما تُعرف بـ”سياحة تجارة الأعضاء”، إذ يتوافد إلى سوريا مرضى يحتاجون إلى تعويض أعضائهم، مع الحديث عن توفر الأعضاء بتكاليف أرخص من “متبرعين” هم في الغالب أشخاص يبيعون أعضاءهم لهدف مادي بحت.
في إطار متابعتها لانتشار ظاهرة الاتجار بالأعضاء البشرية، تواصلت عنب بلدي مع حالات عديدة لأشخاص بينهم من أقدم على بيع كليته، وآخرون عرضوا أجزاء من أجسادهم للبيع، بعضهم وافق على نشر قصته، مع التحفظ على ذكر الأسماء، فيما رفض آخرون التعاون والنشر.
الموت لـ”تأمين” مستقبل الأولاد
باع “سالم” (اسم مستعار، 37 عامًا) كليته، في تشرين الثاني 2021، ويعرض الآن “فص كبده” للبيع على صفحة مختصة ببيع الأعضاء في “فيس بوك”، بالتواصل معه قال لعنب بلدي، “الوضع المعيشي في دمشق صعب جدًا، ولا يوجد عمل، وفي الشتاء تذهب الأمور للأسوأ”، وتابع، “نصف الشعب السوري يريد أن يتبرع”، قاصدًا البيع.
أضاف سالم، “ليست لدي مشكلة بالموت إذا كنت سأضمن مستقبل أولادي، أنا أموت في اليوم ألف موتة لأنني لا أستطيع تأمين طلباتهم”.
يعمل سالم في مجال الكهرباء والسباكة، لكنه ومنذ فترة طويلة بلا عمل، وقال، “أنا عاجز عن تأمين رغيف الخبز، لأن الأجور قليلة، كنت أعمل في محل بأجر يومي عشرة آلاف ليرة سورية، اليوم تحتاج العائلة في دمشق إلى 150 ألف ليرة، بين الطبخ ومصروف البيت، كحد أدنى”.
ليست لدي مشكلة ببيع كل أعضاء جسمي حتى يشبع أولادي “سالم” الذي باع كليته ويريد بيع “فص كبده” لكنه تعرض للاحتيال |
تواصل وسيط مع “سالم” بعد رؤية تعليقه على “فيس بوك”، يعرض من خلاله بيع كليته، اتفق الطرفان على السعر، وأُجريت التحاليل اللازمة، وذهب “سالم” إلى المحكمة ووقّع تنازلًا عن كليته، ثم أُجريت العملية في مستشفى “الأسد الجامعي”.
قبض “سالم” 37 مليون ليرة سورية (نحو تسعة آلاف دولار أمريكي) مقابل كليته، وقال إنه حتى اليوم يعاني من آلام مكان العملية.
الأموال التي قبضها “سالم” ذهب معظمها إلى وسطاء خدعوه بحجة تسفيره إلى خارج سوريا، لبيع “فص كبده” بعدما باع كليته، وعلى حد قوله، “طلبوا مبالغ من أجل إجراء تحاليل وفحوصات، وموافقات بالمستشفيات، وفتح ملف طبي، وتبين لاحقًا أن كل هذا كذب واحتيال”.
تكتم رسمي واتهام لـ”الإرهابيين”
لا تصدر وزارة الداخلية أو المؤسسات الرسمية في سوريا أرقامًا توضح مدى انتشار ظاهرة الاتجار بالأعضاء، وتلقي الرواية الرسمية باللوم على من تصفهم بـ”الإرهابيين”، وتحاول وسم مناطق خارج سيطرة النظام بتهم كهذه.
وفي بحث أجرته عنب بلدي على منصات وزارة الداخلية، لا تذكر قضية الاتجار بالأعضاء سوى في خبر وحيد، عام 2020، قالت فيه الوزارة، إن وحدات الجيش عثرت بالتعاون مع الأهالي على عدد كبير من الأعضاء البشرية محفوظة بمادة “الكلوروفورم” داخل أحد “أوكار” من وصفتهم بـ”الإرهابيين” في قرية الغدفة بمنطقة معرة النعمان جنوبي إدلب.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) حينها أن “أحد الأطباء حوّل منزلًا في قرية الغدفة شرق معرة النعمان إلى مختبر طبي بدائي، حيث عثر بداخله على عدد كبير من العبوات الشفافة تحوي أعضاء بشرية، منها رأس وعيون وقلوب ورئات وأكباد وكلى وأحشاء أخرى محفوظة في محلول (الكلوروفورم)”.
وفي مقابلة عام 2016 مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، ذكر مدير عام هيئة الطب الشرعي في سوريا، حسين نوفل، أن السوق السوداء لبيع أعضاء السوريين عبر العالم طالت 15 ألف سوري خلال السنوات الست الأخيرة.
وتحدث نوفل حينها عن وثائق تؤكد القيام بأكثر من 25 ألف عملية نزع أعضاء، أُجريت منذ بداية عام 2011، لكنه حدد أكثر بأن هذه العمليات تجري خاصة في المناطق الحدودية البعيدة عن رقابة الدولة، إضافة إلى العمليات التي أُجريت في مخيمات اللجوء بالدول المجاورة.
التكتم على المحتوى المتعلق بتجارة الأعضاء، وصل إلى حذف الرقابة تحقيقًا نُشر في صحيفة “البعث” (الناطقة باسم الحزب الحاكم) عن القضية، في تشرين الأول 2020.
وثّق التحقيق المحذوف كيف صارت عملية الحصول على أعضاء السوريين أسهل وأرخص، مع سوء الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة، محمّلًا المسؤولية في بيع الأعضاء لما أسماها “مافيات”، ومنظمات طبية وغير طبية. |
هذا التكتم والرقابة تهرب منه تصريحات تؤكد بشكل غير مباشر انتشار الظاهرة على نطاق واسع، إذ دعا حسين نوفل، في 2020، وصار حينها رئيسًا فخريًا للطب الشرعي، إلى إنشاء بنك مجاني للأعضاء البشرية في سوريا، لجميع الناس دون تحيز، بما فيها الكبد والكلية والبنكرياس والخلايا الجذعية والعظام مثل بنك الدم، وذلك لمكافحة تجارة الأعضاء على غرار ما تملكه الدول الأوروبية.
وأوضح نوفل أن سوء الأوضاع المعيشية يمكن أن تدفع البعض إلى بيع أعضائهم مقابل المال، داعيًا إلى إخبار النيابة العامة بمجرد نشر إعلانات حول ذلك كي تتخذ الإجراءات اللازمة بحق المتاجرين.
وبرر نوفل غياب الإحصاءات الدقيقة عن الظاهرة بأنها جريمة غير قانونية، لا يُصرح عنها بالأساس، لكن يمكن لإدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص أن تراقب صفحات “فيس بوك” وتلاحق المتاجرين بالأعضاء.
معدل الشكاوى قد يعطي أيضًا مؤشرًا على حجم الانتشار، إذ وصلت أكثر من 20 شكوى متعلقة بتجارة الأعضاء البشرية إلى المحكمة في دمشق، بين آذار 2011 وأيلول 2015، ولم تكن تصل شكاوى من هذا النوع إلى المحكمة قبل أن يبدأ الصراع في سوريا، بحسب ما نقله موقع “هنا صوتك” عن المدعي العام في ريف دمشق، أحمد السيد.
وتضمنت هذه الشكاوى أسماء مجرمين، بالإضافة إلى أسماء العديد من الأطباء والمستشفيات، تقدم بها بشكل أساسي أقرباء أولئك الذين ماتوا ضحية هذه التجارة.
وقال السيد، إن من الصعب جدًا، أو حتى من المستحيل، أن يحال هؤلاء إلى المحاكم، نظرًا إلى صعوبة تقفي أثرهم وسط الفوضى التي تعم البلاد.
شبكات عابرة للحدود
تنتشر شبكات الاتجار بالأعضاء في الدول الفقيرة، وبمناطق الفوضى والصراعات، مستغلة فقر الناس وعوزهم، وغياب الرقابة وقصور القوانين، وقد تعاظمت هذه الجريمة مع ازدياد أعداد اللاجئين، والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بحياتهم.
ويتخذ سماسرة التجارة بالأعضاء أساليب عديدة للحصول على الأعضاء وبيعها في السوق السوداء، منها الخطف، والقتل، والاحتيال، والإغراء بالمال، ووضع إعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي.
ورصدت عنب بلدي صفحات عديدة على “فيس بوك”، تنشط بها تجارة الأعضاء، مثل صفحة “التبرع بالكلى والكبد مقابل المال”، وصفحة “التبرع بالكلى بمقابل مادي”، وصفحة “بيع وشراء أعضاء بشرية”، وصفحة “بيع وشراء كلية من جميع أنحاء العالم”.
وبمتابعة التعليقات والمنشورات، رصدت عنب بلدي عشرات التعليقات المتضمنة طلب أعضاء بشرية أو عروضًا لبيعها، كما تابعت عبر منصات التواصل الاجتماعي مجموعة من الوسطاء المتخفين خلف صفحات وهمية، يداخلون في التعليقات، ويطلبون التواصل “على الخاص”، كما تضمنت التعليقات استفسارات عن أسعار الأعضاء البشرية وآليات بيعها.
عبر إحدى صفحات “فيس بوك”، وضع “ناجي” (اسم مستعار، 25 عامًا) تعليقًا يعرض فيه كليته للبيع، وقال لعنب بلدي، “تواصل معي وسيط من المغرب العربي، وطلب مني السفر إلى تركيا، لإجراء العملية. رفضت عرضه، واشترطت إجراء العملية في مكان إقامتي بعمان، ولدى مستشفى وطبيب من اختياري، ولكن الوسيط اعتذر ولم يتم البيع”.
عن أسباب بيع ناجي كليته قال، “خسرنا ما نملك في سوريا، وهُجّرنا من مناطقنا بسبب النظام، كنا عائلة مرتاحة ماديًا، نعيش الآن في الأردن، وأنا الوحيد الذي أعمل في المنزل وأصرف على عائلتي المكوّنة من خمسة أشخاص، مصاريف المعيشة في عمان مرتفعة، والرواتب سيئة، ولا يوجد مستقبل”.
يعمل ناجي نادلًا في مطعم فاخر بعمان، ولكن راتبه المتواضع لا يكفي لإعالة أسرته ومصاريف المواصلات، على حد قوله.
يبني ناجي آمالًا كبيرة على بيع كليته، إذ أشار إلى نيته عدم بيعها بأقل من 50 ألف دولار، حتى يتمكن من الهجرة، وشراء بيت صغير، ومساعدة أخيه على إتمام دراسته، وفتح مشروع صغير.
عند سؤال ناجي حول قانونية بيع كليته في الأردن، ومدى معرفته بالإجراءات، أجاب بعدم معرفته أي معلومات حول ذلك، وبمراجعة القوانين، اتضح أن القانون الأردني لا يسمح للواهب الحي الذي يريد التبرع بكلية أو بـ”فص من الكبد” أن يتبرع لمتلقٍّ خارج إطار العائلة.
“سياحة زراعة الأعضاء”
يسافر المرضى في حالات كثيرة إلى دول مثل الهند ومصر، لزراعة الأعضاء، لتوفر خيارات كثيرة وبأسعار رخيصة، ووجود شبكات وسماسرة تسهّل العملية، ومنذ سنوات، صارت سوريا مقصد المرضى لذات الأسباب السابقة.
تعاني “أم أيمن” (اسم مستعار، 50 عامًا) منذ سنوات من فشل كلوي، دعاها لزراعة كلية بديلة، وتعذر عليها إيجاد متبرع من عائلاتها.
قالت “أم أيمن” المقيمة في السعودية، لعنب بلدي، إن صحتها تدهورت في السنوات الأخيرة، وإنها حاولت أن تخضع لزراعة كلية في المملكة، ولم تستطع بسبب الإجراءات المعقدة، والتكلفة العالية.
بحثت مع أسرتي عن حلول، وبعد السؤال والاستفسار، جرى نصحنا بالتوجه إلى دمشق، لأن التكاليف المالية هناك أقل، لكثرة العرض، وسهولة التواصل مع أشخاص يرتبون كل الأمور، من إيجاد متبرع مقابل المال، إلى ترتيب العملية بالمستشفيات في وقت قصير.
“أم أيمن” تروي قصتها مع التوجه إلى دمشق لزراعة كلية |
توجهت “أم أيمن” إلى دمشق، في بداية العام الحالي، والتقت مع أطباء وسماسرة، وعدوها بزراعة كلية في وقت قريب، بعد إيجاد متبرع مناسب، مقابل المال، وما زالت تنتظر في السعودية على قيد الأمل.
فيما يتعلق بتجارة و”سياحة زراعة الأعضاء”، جاء في “إعلان اسطنبول 2008“، حول تجارة الأعضاء في 2008، أن التطور المهم والإيجابي لزراعة الأعضاء شابته بعض التجاوزات، وورود بعض التقارير حول تجارة الأعضاء، واستغلال الأشخاص المتبرعين، وممارسة “سياحة زراعة الأعضاء” التي تعتمد على سفر المرضى الميسورين لشراء الأعضاء من المتبرعين الفقراء.
ونادت منظمة الصحة العالمية، في عام 2004، بضرورة اتخاذ الوسائل اللازمة لحماية الأشخاص الفقراء والضعفاء من “سياحة زراعة الأعضاء” وبيعها، متضمنًا ذلك الانتباه إلى هذه الظاهرة عالميًا، وإيقاف ممارسة تجارة الأعضاء والأنسجة البشرية.
سوريا أرخص
قدّر الرئيس الفخري للطب الشرعي في سوريا، حسين نوفل، سعر مبيع الكلية الواحدة في الدول الأوروبية بما بين 50 ألفًا و70 ألف دولار، وكلما زاد العرض انخفض السعر، معتبرًا أن الأسعار تنخفض في بلدان مثل سوريا.
كما أوضح أن كثيرًا من اللبنانيين يفضّلون إجراء زراعة الكلى النظامية في المستشفيات السورية الحكومية، فالتكلفة أرخص بمقدار خمسة إلى عشرة أضعاف، بينما تتراوح في المستشفيات اللبنانية بين عشرة آلاف و15 ألف دولار، وقد تصل في الجامعة الأمريكية إلى 50 ألف دولار دون سعر الكلية.
لماذا يبيع الناس أعضاءهم
حول أسباب لجوء الناس لبيع أعضاء من أجسادهم، وتداعيات ذلك على صحتهم النفسية، قالت الدكتورة دعوة الأحدب، اختصاصية علم النفس الاجتماعي، لعنب بلدي، إن الحالة الاقتصادية المتردية في سوريا، والفقر المدقع، يدفعان الناس لبيع أعضاء من أجسادهم، مثل “الكلى، الخصية، جزء من الكبد”.
ترى الاختصاصية الأحدب أن التبرع بعضو لأحد أفراد العائلة يوطد العلاقات الاجتماعية ضمن الأسرة، ويُعتبر من مكارم الأخلاق ونوعًا من الوفاء والبر، ولكن بيع عضو في الجسم، لحاجة مادية، يعكس مدى التردي الاقتصادي الذي تعيشه سوريا.
يشعر المتبرع بعضو من جسده بالفخر لأنه بدافع العطاء والإكرام، ولكن في حالة البيع من أجل تلبية متطلبات عائلته وأطفاله، فهو ينتظر رد الجميل، وإن لم يجد التقدير الذي يتوقعه، يدخل في حالة اكتئاب، فضلًا عن أن بعضهم تصيبه حالة من القلق، جراء اعتقاده أنه سيضطر إلى بيع جزء آخر من جسده لاحقًا، وهناك حالات أخرى يصيبها الاكتئاب واضطرابات نفسية في حال فشل أصحابها بتحقيق الهدف الذي باعوا من أجله، ويعتقدون باتخاذهم قرارًا أحمق، وكذلك قد لا يجدون تعاطفًا أو تفهمًا من المجتمع، الذي قد يرى أنه ليس هناك ما يستأهل أن يبيع الإنسان جزءًا من جسده، وبالتالي يتعرض للوم وعدم المساندة، وفق الأحدب.
الاتجار بالأعضاء في القانون
قال المحامي محمود حمام، لعنب بلدي، إن القانون السوري يجيز التبرع بالأعضاء، بشرط عدم البيع والتكسب المادي والمعنوي، ويسمح بإجراء عمليات زراعة الأعضاء، على أن يحوز الطبيب ترخيص مزاولة المهنة، وأن تنطبق على عمله أصول الطب المهنية، وأن يكون الغرض من التطبيب العلاج، فضلًا عن موافقة المريض أو من يمثله شرعًا، إلا إذا توفرت حالات الضرورة.
أضاف حمام، بحسب المرسوم التشريعي رقم “3” لعام 2010، ينطوي الاتجار بالبشر على عدة جرائم، تبدأ من استدراج الأشخاص أو نقلهم أو اختطافهم أو ترحيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم، لاستخدامهم في أعمال أو غايات غير مشروعة، مقابل كسب مادي أو معنوي أو وعد به، أو بمنح مزايا أو السعي لتحقيق أي من ذلك، أو غيره، إضافة إلى أركان الجريمة ومحل الحماية في هذه الجرائم.
وأشار المحامي إلى أن القانون رقم “3” شمل كل القضايا التي تتعلق بالاتجار بالبشر، وأن الوصف الجرمي فيه لا يتغير باختلاف الأساليب، سواء كان تهديدًا، أو استعمالًا للقوة، أو الإقناع، أو استغلال الجهل، أو الضعف، أو الاحتيال، أو استغلال المركز الوظيفي، أو التواطؤ، وذكر كل وسائل ارتكاب هذا الفعل.
واعتبر القانون، حسب المحامي، أن الاتجار بالبشر جريمة، حتى لو تمت بموافقة الضحية، وعاقب عليها القانون بالسجن المؤقت لمدة لا تقل عن سبع سنوات، وبغرامة مالية تصل إلى مليون ليرة سورية.
أوضح حمام أن الأصل في العمليات الجراحية العلاج، ويجرم القانون استئصال عضو سليم من الجسم، لقاء مال أو مكسب، ويعتبره اتجارًا بالبشر، ويعاقب الجناة حتى لو كانت هناك موافقة من الضحية، ويُستثنى من ذلك التبرع بالأعضاء إذا كان بموافقة المتبرع، بقصد العمل الخيري.
وأكد أن القانون في سوريا لا يطبق إلا في حالات نادرة واستثنائية، لأن المرسوم اتخذ بناء على ضغوطات دولية.
الترويج على الشبكة
تدل منشورات السوريين المتعلقة ببيع الأعضاء البشرية على منصات التواصل الاجتماعي، إلى مدى فقدان الأمل واليأس من تحسن ظروفهم المعيشية في سوريا أو البلاد المجاورة لها، كما تؤكد إعلانات طلب الأعضاء المنتشرة في الشوارع، وعمليات زرع الأعضاء في المستشفيات الحكومية والخاصة، المقرونة بتنازل شكلي عن العضو المتبرع به، هشاشة القانون السوري والرقابة عليه، ويجد البعض في هذا إشارة إلى عصابات منظمة، يتم التغاضي عنها من قبل الجهات المختصة، ما يثير الكثير من التساؤلات والشكوك عن دور الحكومة السورية.
وعن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لعمليات الاتجار بالأعضاء، لفت المحامي حمام إلى أنه يعتبر من رسائل ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر، ويعاقب عليه القانون.
أشار قرار مجلس الصحة العالمية “44025” الموجه لجميع البلدان، إلى تفادي شراء وبيع الأعضاء البشرية، كما منع الإعلانات الترويجية عنها، واعتبر الممارسات التي تعتمد على إغراء الأشخاص المستضعفين أو المجموعات مثل الأميين والفقراء، والمهاجرين غير الشرعيين، والسجناء، واللاجئين السياسيين والاقتصاديين، ليصبحوا متبرعين بالأعضاء، غير مقبولة وتتعارض مع هدف مكافحة تجارة الأعضاء.
وأعلنت الأمم المتحدة، في “بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص“، المكمل لاتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة، أن اتخاذ إجراءات فعالة لمنع ومكافحة الاتجار بالأشخاص، يتطلب نهجًا دوليًا شاملًا في بلدان المنشأ والعبور والمقصد، يشمل تدابير لمنع ذلك الاتجار ومعاقبة المتّجرين وحماية ضحايا ذلك الاتجار بوسائل، منها حماية حقوقهم الإنسانية المعترف بها دوليًا.
وتقضي المادة “5” من البروتوكول بتجريم الاتجار بالأشخاص لأغراض منها نزع أعضائهم، أو الشروع والمشاركة بارتكابها، وتنظيم أو توجيه أشخاص آخرين لارتكابها.
وتشير المادة “3” إلى أنه لا تكون موافقة ضحية الاتجار بالأشخاص محل اعتبار في الحالات المبينة في الفقرة “أ”، التي ورد فيها الاتجار بالبشر بغاية نزع الأعضاء، حيث اعتبر أن السماسرة يستغلون الفئات السكانية المستضعفة، فكثيرًا ما يوافق هؤلاء المانحون على نزع أعضائهم مقابل المال.