“السجاد” الأوروبي المستعمل يسيطر على أسواق إدلب

  • 2022/10/30
  • 11:58 ص

عنب بلدي – أنس الخولي

استطاع عبد الله الشيخ (33 عامًا)، المقيم في مدينة إدلب شمالي سوريا، أن يشتري سجادة أوروبية مستعملة تقي أطفاله برد الشتاء بسعر يتناسب مع إمكانياته المادية، بعد أن بحث كثيرًا عن طلبه في المدينة، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وأضاف عبد الله أن “السجاد” الجديد المتوفر في الأسواق هو من النوع الرديء، وفيه نسبة كبيرة من النايلون الذي لا يقي من البرد، بالإضافة إلى أسعاره المرتفعة.

ويعتمد الشاب على اقتناء البضاعة المستعملة (البالة) في مختلف المستلزمات المنزلية، مثل أواني المطبخ والأجهزة الكهربائية والألبسة والأثاث، لعدم قدرته على شراء الجديد منها.

بلال الرافع (40 عامًا)، يقيم في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إنه يتابع باهتمام البضائع المستعملة المعروضة على وسائل التواصل الاجتماعي، بحثًا عن شيء رخيص “لقطة” ومناسب، ولا سيما “السجاد” والأثاث المنزلي المستعمل.

“السجاد” الأوروبي المستعمل المعروض في الأسواق أفضل من الجديد، بسبب نوعيته الجيدة وانخفاض سعره ومتانته العالية، كما أنه يحتوي على مادة صوفية مقاومة للبرد، على حد تعبير نهلة مصطفى (47 عامًا)، وهي ربة منزل تقيم في إدلب.

محل لبيع السجاد المستعمل في إدلب في 18 من تشرين الأول 2022 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

تجارة “السجاد” الأوروبي تزدهر في إدلب

منذ نحو عامين، ازدهرت تجارة الأثاث المنزلي المستعمل عمومًا و”السجاد” خصوصًا، وذلك لعدة أسباب، منها أسعاره المناسبة، أو جودة البضاعة الأوروبية المستعملة.

محمد العبد الله، بائع “سجاد” يملك متجرًا في إدلب، قال لعنب بلدي، إنه يملك في متجره أصنافًا مختلفة من “السجاد” الجديد، صناعة تركية ووطنية، ومن المستعمل توجد أصناف ألمانية وإيرانية عجمية وصناعة وطنية قديمة من الصوف.

وبحسب ما أوضحه التاجر، يتجه الطلب اليوم على البضاعة المستعملة التي تشهد إقبالًا كبيرًا، لجودتها العالية وأسعارها المنخفضة.

وحول أسعار “السجاد” قال محمد العبد الله، إن سعر السجادة التركية من النوع الثالث وبجودة منخفضة يصل إلى 100 دولار أمريكي، أما “السجاد” المستعمل من النوع الثاني أو الأول فتتراوح أسعاره بين 20 و30 دولارًا أمريكيًا، ما يبرر “شبه انعدام” الإقبال على “السجاد” الجديد.

ويرى التاجر أن أفضل أنواع “السجاد”، بحسب خبرته في هذا المجال، “سجاد” الصوف السوري، إلا أن إنتاج هذه الأنواع “شحيح جدًا” حاليًا، بسبب توقف عدد كبير من المعامل، وعدم توفر الصوف، واستبدال صوف أردني أقل جودة بالصوف السوري، موضحًا أن هذه الأنواع موجودة في الأسواق، لكنها غالبًا ما تأتي من قبل الأهالي الراغبين ببيع أثاث منزلهم فقط.

وحول ارتفاع أسعار “السجاد” في العام الحالي مقارنة بعام 2021، عزا محمد العبد الله أسباب ذلك إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية، وارتفاع تكاليف الاستيراد.

وشهدت الليرة التركية تدهورًا في قيمتها، وانخفضت لمستويات قياسية غير مسبوقة خلال الأشهر الماضية، ووصل سعر صرف الدولار إلى 18.6 ليرة تركية.

محل لبيع السجاد المستعمل في إدلب في 18 من تشرين الأول 2022 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

تدهور الطلب على “السجاد” الجديد

نتيجة لزيادة الإقبال والطلب على البضائع الأوروبية المستعملة، تدهور الطلب على البضائع الجديدة منها المصنعة محليًا، ما ينذر بتهديد الصناعة الوطنية.

تاجر “السجاد” محمد الأسود، من أهالي مدينة إدلب، يملك متجرًا لبيع “السجاد والموكيت” في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إن العديد الزبائن قبل عامين تقريبًا، كانوا كل عام يحدثون فرش المنزل بشراء سجادة جديدة مع بداية فصل الشتاء، أما اليوم فلا توجد حركة بيع لـ”السجاد”، والأهالي يتمسكون بـ”السجاد والموكيت” الموجود لديهم في منازلهم لعدة أسباب، منها أن البضاعة القديمة أفضل من المعروضة في الأسواق، وارتفاع الأسعار، وضعف القدرة الشرائية للمواطن.

ويصل سعر المتر المربع الواحد من “السجاد” الصوف إلى 40 دولارًا أمريكيًا إن وجد، أما “السجاد الأكروليك” فيصل سعر المتر المربع الواحد منه إلى 25 دولارًا، و”السجاد البوليستر” (خيط المخمل) يتراوح سعر المتر المربع الواحد منه بين ستة وعشرة دولارات حسب السماكة.

وأضاف التاجر محمد الأسود، أن الأسعار المرتفعة والأوضاع المعيشية القاسية، جعلت المواطنين يتجهون إلى البضائع المستعملة، ما أدى إلى توقف الطلب على البضائع الجديدة، مؤكدًا أن موسم البيع لهذا العام “ضعيف جدًا”، ولا يوجد إقبال على لوازم الشتاء، سواء بالنسبة لـ”الموكيت أو الحصر أو السجاد”.

وبحسب محمد، كان تجار “السجاد” في أسواق إدلب يبيعون قبل عامين (قبل دخول السجاد الأوروبي المستعمل) قرابة عشرة آلاف متر مربع من “السجاد والموكيت” بداية فصل الشتاء، أما اليوم فلا تتعدى المبيعات ألف متر مربع، وهو “طلب قليل يهدد الأسواق، ويهدد صناعة وتجارة السجاد في المنطقة”، بحسب رأي محمد.

ولا توجد في مدينة إدلب أي معامل لتصنيع “السجاد” محليًا، ما يضطر التجار إلى استيراد “السجاد” السوري الصنع من مناطق النظام السوري إلى لبنان ثم تركيا، ثم إلى الشمال السوري، ما يجعل تكلفته أعلى نتيجة أجور النقل، فضلًا عن ارتفاع أسعار صناعته بالأساس.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع