عمال قطاف الزيتون يواجهون الموت بريف إدلب الجنوبي

  • 2022/10/30
  • 11:31 ص

ورشة لقطاف الزيتون مكونة من نساء وأطفال يقطفون ثمار الزيتون في كفرعروق بريف إدلب 12 تشرين الأول 2021 (عنب بلدي - إياد عبد الجواد)

عنب بلدي – إدلب

مع بداية قطاف الزيتون في مناطق ريف إدلب الجنوبي، يتحول الموسم من مصدر رزق بالنسبة للعمال وصاحب المحصول إلى مصدر قلق وخوف، وسط استمرار القصف المدفعي من المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، والغارات الجوية الروسية على المنطقة.

ذخائر غير منفجرة ومخلّفات حرب أدوات “موت” إضافية تنتشر بكثرة في المناطق الزراعية القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام، وتشكّل خطرًا آخر يلاحق حياة العمال والفلاحين ويهدد حياتهم.

تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، والبحث عن تأمين قوت يوم العائلة، وظروف النزوح، وقدوم فصل الشتاء، أسباب يراها العمال كافية للعمل في قطاف الزيتون تحت خطر القذائف، وفوق أراضٍ مليئة بمخلّفات قديمة وغير منفجرة.

عمال في مرمى النار

تتعرض مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا لقصف شبه يومي وغارات جوية روسية بوتيرة متفاوتة، وتنال المناطق القريبة من خطوط التماس الحصة الكبرى من حصيلة الاستهداف.

وأصبحت الأراضي الزراعية في مرمى نيران قوات النظام وروسيا، ما جعل عمال جني المحاصيل في هذه المناطق عُرضة للموت.

وتنشط منذ أيلول الماضي عملية قطاف الزيتون في الشمال السوري، وتعتبر شجرة الزيتون مصدر رزق لفئة كبيرة من سكان المنطقة، إذ ينتظر العامل قبل مالك المحصول بداية موسم القطاف ليعمل ويؤمّن قوت يومه وعائلته.

أديب إسماعيل الخطيب صاحب ورشة عمال زراعية، وهو أحد مهجري بلدة كفروما بريف إدلب الجنوبي، أوضح لعنب بلدي أن أخطار القصف، سواء أرضي أو جوي، أصبحت روتينًا اعتاده العمال المجبرون على العمل في هذه الظروف لتأمين احتياجاتهم.

وقال الشاب المقيم في بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي، إن حاجة العمال لتأمين مادة الخبز لعائلاتهم، وقلة فرص العمل، تدفعهم للمخاطرة والعمل في مناطق اعتبرها الخطيب حقولًا لـ”الموت” وليس لجني المحاصيل.

وذكر أديب الذي ينقل العمال بسيارة إلى الأراضي، أنه في حال تعرضت الأرض الزراعية التي يعملون بها للاستهداف، فإنهم يختبؤون في أراضٍ أبعد، وينتظرون حتى يهدأ القصف ويعودون لعملهم بمخاوف مضاعفة، لكن ما ينتظرهم من مسؤوليات من تأمين أدنى احتياجات العائلة يبقيهم في الأرض.

ويحصل العامل على أجرة يومية تبلغ 40 ليرة تركية مقابل تسع ساعات عمل، تبدأ من السابعة صباحًا وتنتهي عند الرابعة عصرًا.

وفي أحدث إحصائية حصلت عليها عنب بلدي من “الدفاع المدني”، فقد استجابت فرقه لـ13 هجومًا جويًا روسيًا، استهدفت منشآت حيوية ومنازل مدنيين وحقولًا زراعية، منذ بداية آب الماضي حتى 15 من تشرين الأول الحالي.

وأدت تلك الهجمات إلى مقتل سبعة مدنيين، بينهم طفل وعمال بمناشر للأحجار، وإصابة 12 مدنيًا.

وتركزت أغلبية الهجمات في ريف إدلب الجنوبي، وفق “الدفاع المدني”، لافتًا إلى أن الهجمات الجوية الروسية لم تتوقف على شمال غربي سوريا خلال الفترة الماضية.

وفي 23 من تشرين الأول الحالي، أًصيبت امرأة بطلق ناري، إثر استهداف قوات النظام وروسيا مجموعة من النساء يعملن بقطاف الزيتون في منطقة الكندة بريف إدلب الغربي، وفق ما ذكره “الدفاع المدني السوري”.

ولفت “الدفاع المدني” إلى أن هذه الاستهدافات الممنهجة تمنع المدنيين من جني رزقهم مع بدء موسم قطاف الزيتون، وتقوّض الاستقرار في عدة مناطق بريف إدلب.

“حقول للموت”.. إجراءات لا تمنع

الأمر لا يقتصر على القصف والاستهداف الحالي من النظام وروسيا، إذ تنتشر آلاف الذخائر غير المنفجرة من مخلّفات قصف سابق في شمال غربي سوريا.

ومنذ بداية العام الحالي وحتى نهاية أيلول الماضي، أتلفت فرق “الدفاع المدني” 652 ذخيرة غير منفجرة في مناطق شمال غربي سوريا، وذكر “الدفاع” أن العمل مستمر بكثافة لإزالتها خلال جني محصول الزيتون، وإنهاء خطرها لحماية المدنيين.

جني أي محصول من الأراضي الزراعية في هذه المناطق، يترافق مع إرشادات وتعليمات وتحذيرات من منظمات محلية بضرورة الحذر والانتباه من أي جسم غريب في الأرض.

كما تعمل المراصد المتخصصة برصد التحركات العسكرية في المنطقة على إطلاق تحذيرات وإيعازات في حال وجود أو إقلاع طيران، سواء استطلاع أو حربي في سماء المنطقة.

دخان يتصاعد من أراضي زراعية إثر غارات شنتها طائرات روسية على أطراف بلدة أورم الجوز جنوبي إدلب- 17 من تشرين الأول 2022 (الدفاع المدني/ فيس بوك)

رغم التحذيرات والإرشادات

لا تزال الأخطار تلاحق عمال الأراضي الزراعية قرب خطوط التماس، رغم التحذيرات والإرشادات، وتوقف العمليات العسكرية في المنطقة بعد اتفاق “موسكو” أو ما يُعرف باتفاق “وقف إطلاق النار”، الموقع بين تركيا وروسيا في 5 من آذار 2020.

كما يعيش معظم سكان الشمال السوري ظروفًا معيشية واقتصادية متردية، وتعتمد 85% من عائلات المناطق في شمال غربي سوريا في دخلها المادي على الأجور اليومية، وتعاني 94% من العائلات عدم القدرة على تأمين الاحتياجات الأساسية.


شارك في إعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في إدلب إياد عبد الجواد

مقالات متعلقة

  1. موسم قطاف الزيتون فرصة عمل مؤقتة لمياومي إدلب
  2. "الزنانة".. أكلة موسمية من تراث محافظة إدلب
  3. شجرة الزيتون.. مصدر رزق للسكان في الشمال السوري
  4. شجر الزيتون بريف إدلب.. أرزاق عالقة خلف القصف

مجتمع

المزيد من مجتمع