إدلب- محمد نعسان دبل
ضربت عاصفة مطرية غزيرة مدينة إدلب وريفها، الأسبوع الماضي، معلنة قدوم فصل الشتاء بما يحمله من مصاعب وقلق لدى سكان المخيمات بشكل خاص.
الأمطار الغزيرة خلّفت سيولًا سببها انعدام البنية التحتية والمصارف الطرقية، وهو ما ألحق أضرارًا وتسبب بقطع الطرقات داخل عدد من المخيمات والقرى.
وتركزت العاصفة في سهل الروج بريف إدلب الغربي، حيث تضررت خمسة مخيمات هي المحطة، والبرسة، وتلمنس، والبالعة، والسكة، إضافة إلى مخيم “تركمان الزاوية” في ريف جسر الشغور، ومخيم “وادي حج خالد” غربي مدينة إدلب.
ودخلت مياه السيول والأمطار إلى أكثر من 130 خيمة، ويقدّر عدد العائلات التي تضررت بأكثر من 100 عائلة، إلى جانب أضرار جزئية في مخيمات أخرى، بحسب ما نقله “الدفاع المدني السوري” عبر موقعه الرسمي.
أضرار العاصفة المطرية لم تقتصر على المخيمات، بل امتدت إلى المدن والبلدات، وأدت إلى انقطاع عدد من الطرقات في مدينة إدلب، والطرقات الواصلة إليها، وأخرى في قرى وبلدات بالريف الغربي لإدلب.
وتسببت السيول بانجراف سيارة في قرية سيجر، وتهدم جزء من منزل في قرية عري غربي إدلب.
وقال أحد قاطني مخيم “السكة” ثامر محو، لعنب بلدي، إن “عاصفة رعدية ومطرية أدت إلى دخول المياه للخيام”، مطالبًا المنظمات الإنسانية النظر في وضع الخيام الغارقة، وتزويد غير المتضررة منها بـ”شوادر” وعوازل، وإصلاح الطريق الفرعي المؤدي للطريق العام، وتأهيل نظام صرف صحي لتصريف المياه المتجمعة.
لا حلول فعّالة
خلال الشتاء الماضي، خلّفت العواصف المطرية والثلجية أضرارًا بمئات المخيمات، وشردت عشرات آلاف العائلات، في ظل غياب حلول فعّالة لمواجهة تقلبات الطقس وآثارها.
وأعد “الدفاع المدني” دراسة في أواخر عام 2021، عرض فيها احتياجات النازحين الأساسية في 192 مخيمًا شمال غربي سوريا، حيث استعرضت الدراسة تعرض 81% من المخيمات لفيضانات وغرق الخيام، كما عانت 78% منها من عدم وجود وسائل تدفئة مناسبة.
وعانت 69% من المخيمات من تشكّل مستنقعات المياه والوحل نتيجة سوء حالة الطرق والأرصفة، كما شهدت 66% من المخيمات تمزق واقتلاع الخيام نتيجة الرياح القوية والأمطار، وتعرضت 40% من المخيمات لصعوبات نتجت عن عدم قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إليها، بعد سوء حالة الطرق المؤدية للمخيم.
وأظهرت الدراسة أنه على الرغم من تدخل الجهات الإنسانية الفاعلة ضمن قطاع المخيمات، فإن مجموع هذه التدخلات تمكنت من حل نحو 42% من مشكلات المخيمات فقط، في حين أن 58% من هذه الصعوبات ما زالت مستمرة، علمًا أن المشكلة التي لم تُحل كانت في الغالب فتح ممرات لتصريف مياه الأمطار.
ودلّت الدراسة على غياب الحلول الدائمة، واضطرار المنظمات الإنسانية ومتطوعي “الدفاع المدني” لإجراء التدخلات الإسعافية سنويًا لمنع وقوع كوارث إنسانية.
جهود “الدفاع المدني”
وتحدث الإداري في “الدفاع المدني” محمد حاج أسعد لعنب بلدي، موضحًا أن أعمال الفرق مستمرة بشكل دائم صيفًا وشتاء بالنسبة لخدمات تأهيل الطرقات داخل المخيمات، وخدمات المياه والصرف الصحي، إضافة إلى خدمات الوقاية والرعاية الصحية التي تحد من انتشار الأمراض داخل المخيمات.
ومن أهم أعمال الاستجابة لفصل الشتاء، تدعيم محيط المخيمات لمنع وصول مياه الأمطار إليها، بالإضافة إلى فتح قنوات الصرف الصحي وإزالة الأوساخ العالقة فيها لمنع انسدادها، وفق ما قاله حاج أسعد.
وأضاف أن فرق “الدفاع المدني” تكثف في الوقت الحالي خدمات الإصحاح البيئي، وتشمل المحافظة على الأوضاع الصحية من خلال تقديم خدمات جمع النفايات، ومعالجة المياه والحد من عوامل التلوث، وخصوصًا مع تفشي مرض “الكوليرا” الذي تشكّل المناطق الملوثة بالنفايات بيئة مناسبة لانتشاره.
وبيّن حاج أسعد أن قطاع الأعمال الخدمية في “الدفاع المدني” يشكّل القسم الأكبر من مجمل أعماله بنسبة تصل إلى 70%، وهي تساعد على مواجهة الظروف الصعبة التي يمر بها المدنيون في المخيمات، وتلبية جزء يسير من احتياجاتهم.
وحول تشكّل السيول في المخيمات خلال العاصفة الأخيرة قال حاج أسعد، إن سيول الأمطار تغمر الكثير من الخيام كل عام، ولا علاقة مباشرة لموضوع الصرف الصحي بهذه السيول، لكن ما يحصل أن كميات كبيرة من الأمطار تهطل في زمن قياسي ما يتسبب بتشكّل سيول جارفة.
وأضاف أن تخديم المخيمات بقنوات تصريف، وفرش أرضيتها، وتجهيز سواتر ترابية لمنع وصول السيول، خطوات مهمة، لكنها “حلول إسعافية وغير مستدامة”.
ضعف التخطيط
وأرجع الإداري في “الدفاع المدني” قلة وجود حملات أو خطط أو مشاريع خاصة في المخيمات لضعف إمكانيات المنظمات العاملة في المجال الإنساني، وضعف الدعم الأممي، وخصوصًا مع وجود 1500 مخيم يقطنها أكثر من مليون ونصف مليون إنسان داخل تجمعات قماشية لا تقي حر الصيف أو برد وأمطار الشتاء، وهو السبب في تكرار المأساة صيفًا وشتاء.
وبحسب “منسقو الاستجابة“، فإن “ادعاء” المنظمات العاملة في المنطقة تنفيذ مشاريع عاجلة للمخيمات هو “أمر غير واقعي” مقارنة بالأضرار الحاصلة، وإن الهطولات المطرية الفعلية لم تبدأ بعد، كما أن مشاريع “التعافي المبكر” المنفذة في المخيمات غير عادلة قياسًا بما ينفذ في مناطق سيطرة النظام السوري.