“كل رجال الرئيس”.. فيلم فضيحة “ووترغيت”
“اكسب وده وتجنب نقده”، مبدأ يطبقه سياسيون في الدول الغربية خلال تعاملهم مع الصحفيين ووسائل الإعلام.
وإن كنت مدركًا لقواعد اللعبة السياسية بالاستفادة من منبر الإعلام، وقانعًا بسلطة الصحافة على تجييش الجمهور ضدك، فإنك لن تغامر بتجربة قد تنهي حياتك السياسية.
وكما أن للسياسة دورًا في خدمة المجتمع، تقوم الصحافة أيضًا بنقل الوقائع والأحداث بشكل موضوعي، لتجعل من الجمهور فاعلًا في سير المنظومة الاجتماعية ورقيبًا على السلطة.
الصوت المنبعث من أروقة البيت الأبيض، متسببًا باستقالة الرئيس الأمريكي الـ37، ريتشارد نيكسون، في 8 من آب 1947، بتسريباته للصحافة، لم يكن، هذه المرة، آبهًا بأخلاقيات المهنة، أو مؤمنًا بحق الحصول على المعلومة، بل بما يخدم مصالحه، في واحدة من أشهر الفضائح السياسية في تاريخ الولايات المتحدة “ووترغيت”.
إنه مارك فليت، أو كما عُرف قرابة الـ30 عامًا بـ”الحنجرة العميقة”، وكان يطمح، آنذاك، لتولي إدارة مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد وفاة مديره السابق، الذي كان مستقلًا إلى حين تدخل البيت الأبيض بشؤون المكتب وتعيين مدير آخر فوقه، ما أفقده استقلاليته.
كان ذلك أزعج فليت ودفعه لتسريب معلومات أُثبتت ضلوع الرئيس نيكسون بعملية تجسس على الحزب “الديمقراطي”، ما أدى إلى الإطاحة بالحزب “الجمهوري” الحاكم ورجاله.
يتحدث فيلم “الرجل الذي أسقط البيت الأبيض” عن مساعد مدير المكتب الفيدرالي، مارك فليت، الذي جسد شخصيته الممثل الأمريكي ليام نيسون، وعن تسريبه معلومات لصحفيين في صحيفة “واشنطن بوست” بشأن تجسس الرئيس نيكسون على الحزب “الديمقراطي” عام 1972.
صوّر الكاتب والمخرج الأمريكي بيتر لانديسمان الفيلم الذي عُرض عام 2017 بألوان خضراء ورمادية قاتمة، أظهر فيها العاصمة السياسية للولايات المتحدة على أنها عش من الأفاعي، تعج بالمؤامرات، وتقود الأشخاص إلى جنون العظمة.
وبالتساؤل عن الصحفيَّين اللذَين كانا وراء أكبر قضية تحقيق شهدتها الولايات المتحدة في القرن الـ20، يأتي فيلم “كل رجال الرئيس” (All The President’s Men) لتسليط الضوء على جهود صحفيَي “واشنطن بوست”، كارل برينستين وبوب ودور، لكشف القضية والبحث عن الحقيقة.
بدأت القصة في 17 من حزيران 1972، بملاحظة أحد حراس مبنى “ووترغيت” (Watergate) في العاصمة الأمريكية واشنطن، وجود أشرطة لاصقة على أبواب بعض المكاتب في المبنى، ليزيلها ويلاحظ خلال جولاته لتفقد أمن المكان، فيما بعد، معاودة وضعها مرة أخرى.
أثار ذلك الشبهات لدى الحارس، ودفعه لاستدعاء الشرطة للتحقق من الوضع، وبقدوم الشرطة، تبين أن خمسة أشخاص يضعون أجهزة تنصت على المكالمات الهاتفية للجنة القومية للحزب “الديمقراطي”، فألقت الشرطة القبض عليهم متلبسين.
ولمتابعة القضية، كلّفت صحيفة “واشنطن بوست” الصحفي الشاب حديث العهد بوب ودورد (Bob Woodward)، لاعتقاد المحرر التنفيذي بن برادلي (Ben Bradlee) بأن القضية ليست ذات أهمية بالغة.
وبمتابعة ودورد لأبعاد القضية، وجد أن هناك علاقة وثيقة بين المتهمين الخمسة وبعض أعضاء مكتب الاستخبارات المركزية (CIA)، الذين حاولوا التعتيم على القضية.
تبين للمحرر التنفيذي برادلي أن الأمر ليس مجرد تنصت عادي، فكلّف الصحفي كارل برنستين (Carl Bernstein) بمشاركة ودورد في تحقيقه الصحفي.
لم يقف الصحفيان أمام محاولات الاستخبارات المركزية بالتعتيم على القضية، بل توصلا إلى معلومات تفيد بوجود علاقة ممتدة من وزارة العدل ومكتب التحقيق الفيدرالي (FBI)، وصولًا إلى عتبة البيت الأبيض.
تُوّجت هذه القصة بتأليف الصحفيين ودورد وبرنستين، عام 1974، كتابًا تضمن جميع مجريات الأحداث والتحقيقات التي عملا عليها تحت اسم “كل رجال الرئيس”، لتبنى عليه قصة الفيلم الذي يحمل نفس الاسم والذي صدر بعده بعامين في نيسان 1976.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :