أصدرت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” الحقوقية تقريرًا رصدت فيه وجود عمليات حفر وتنقيب “غير مشروعة” عن الآثار في مدينة تادف بريف حلب الشرقي، بالتنسيق بين قوات النظام السوري وعناصر من “فرقة الحمزة” التابعة لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.
وذكر التقرير أن عمليات الحفر والتنقيب عن الآثار بدأت في أواخر 2021 واستمرت حتى منتصف العام الحالي، في عموم مدينة تادف التي يتقاسم السيطرة عليها كل من النظام (عناصر من “الفرقة الرابعة”) من جهة، وعناصر من “فرقة الحمزة” المعارضة من جهة أخرى، بوجود نوع من التنسيق بين الطرفين.
كما وثّقت المنظمة في تقريرها، الصادر الثلاثاء 25 من تشرين الأول، تنقيب إحدى ميليشيات “الدفاع الوطني” الموالية للنظام عن القطع الأثرية وتهريبها، بالتنسيق مع قياديَين في “فرقة الحمزة” من عائلة “النجّار”، وهما المسؤولان بشكل رئيس عن عمليات التنقيب في المنطقة.
تمت عمليات التنقيب عن الآثار بشكل أساسي في محيط الكنيس اليهودي الأثري الموجود في مدينة تادف، بحسب شهادات وأدلة ورصد أجرته منظمة “سوريون”.
يطلق على الكنيس اليهودي الأثري اسم “كنيس عزرا” أو “ضريح عزرا”، لأن عزرا الكاتب توقف فيه بطريقه إلى القدس لكتابة الكتب المقدسة هناك. تم اكتشاف الكنيس على يد ماكس فرايهر فون أوبنهايم عام 1899.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية المأخوذة خلال فترة سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على المدينة هدم الكنيس اليهودي، ثم أظهرت في عام 2019 وجود علامات حفر، وزوال الكنيس بشكل تام.
من يدير التنقيب وكيف؟
أجرى عناصر من “فرقة الحمزة” عمليات حفر وتنقيب قرب موقع الكنيس اليهودي وفي محيطه، إضافة إلى ثلاثة مواقع مختلفة داخل المدينة على الأقل، وموقع آخر في قرية الكريزات الملاصقة (واقعة ضمن سيطرة فصائل المعارضة).
وجرت عمليات التنقيب من قبل عناصر في “فرقة الحمزة” ومعهم عدد من عناصر فصيل “أحرار الشرقية”، لوجود نقاط تمركز مشتركة بينهما في المنطقة، والمسؤول عن العملية بشكل كامل قيادي في “فرقة الحمزة”.
وتتم عمليات التنقيب باستخدام أدوات بدائية، وتبدأ عادة في حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل وتستمر حتى الفجر، وفق تقرير المنظمة.
وعُثر على عدد من العملات النقدية التي تعود للسكان اليهود القدامى، ويجري العمل على بيعها وإخراجها إلى تركيا، وأحيانًا تباع إلى أشخاص مرتبطين بالنظام السوري.
ولفت تقرير المنظمة إلى أن الشرطة العسكرية التابعة لـ”الجيش الوطني” وصلتها عدة بلاغات وتأكدت من وجود عمليات تنقيب، وحاولت دخول المنطقة لكن منعها أحد الحواجز العسكرية التابع لـ”فرقة الحمزة”، بحجة أعمال التحصين العسكرية الخاصة بالفصيل.
استمرت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على مدينة تادف من مطلع عام 2014 حتى شباط 2017، قبل أن تنقسم المدينة إلى قسمين يخضعان لسيطرة كل من النظام السوري و”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.
وتعتبر المدينة خط تماس بين الطرفين، ويُمنع سكانها المدنيون من العودة إليها.
انتهاكات بالجملة
تتكرر الانتهاكات والاعتداءات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية التابعة لفصائل أو جهات ومؤسسات عسكرية تنشط في مناطق سيطرة “الجيش الوطني”، حتى أصبحت حالة عامة تعيشها المنطقة.
أحدث هذه الانتهاكات ضلوع مقاتلين في “فرقة الحمزة” بعملية اغتيال الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته الحامل، في مدينة الباب بريف حلب الشرقي في 7 من تشرين الأول الحالي.
وأشعلت عملية الاغتيال فتيل اقتتال بين فصائل ومكوّنات داخل “الجيش الوطني” وخارجه، حتى هدأت بتدخل تركي عبر فصيل “هيئة ثائرون للتحرير” التابع لـ”الجيش الوطني” أيضًا.
وفي أيلول الماضي، جرى اتهام ثلاث منظمات إنسانية، سورية ودولية، بعمليات توطين غير قانونية لمقاتلين في “الجيش الوطني” خلال بناء مشاريع وحدات سكنية في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، لقاء حصول مقاتلي الفصيل على 16% من البيوت في المشروع، قوبلت بنفي من قبل المنظمات.
اقرأ أيضًا: عفرين.. منظمة إنسانية تنفي بناء تجمعات سكنية “غير قانونية”
وفي أواخر آب الماضي، تعرضت أحراش وأشجار حرجية في ناحية شران بمدينة عفرين لعمليات قطع و”احتطاب” من قبل عناصر في فصيل “لواء شهداء السفيرة” التابع لـ”فرقة السلطان مراد” في “الجيش الوطني”.
–