عقد مجلس الأمن الدولي جلسة لبحث الأوضاع السياسية والإنسانية في سوريا، أكد فيها المبعوث الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، أن الحل السياسي هو “السبيل الوحيد” لتحقيق سلام مستدام في سوريا، معربًا عن أسفه بقوله، “بعيدون جدًا عن هذا الهدف في الوقت الحالي”.
وأوضح بيدرسون، خلال الجلسة المنعقدة مساء الثلاثاء 25 من تشرين الأول، أن التحديات الدبلوماسية والحقائق على الأرض تجعل التقدم نحو حل شامل “أمرا صعبًا”، واستدرك قائلًا، “لكنّ ثمة سبلًا للمضي قدمًا”.
وذكر بيدرسون أن العملية السياسية التي يقودها ويملكها السوريون تهدف للوصول إلى حل سياسي تفاوضي لتنفيذ قرار مجلس الأمن “2254”، مشددًا على ضرورة أن يرتكز هذا الحل على سيادة سوريا ووحدتها.
وعن لقاءاته التي أجراها خلال الأسابيع الماضية في الولايات المتحدة، وألمانيا، وسويسرا، وسوريا، والأردن، أكد بيدرسون أنه سيواصل ذلك خلال الفترة المقبلة، لدفع جميع أصحاب المصلحة للمشاركة في تدابير بناء الثقة حول مقاربة “خطوة مقابل خطوة”، بهدف المساعدة في تحقيق تقدم وفق القرار “2254”.
وحول اللجنة الدستورية، أشار بيدرسون إلى أنه ناقش استئناف انعقادها مع نظرائه الروس والسويسريين، ومع وزير الخارجية السوري، ورئيس اللجنة المشارك من قبل النظام السوري، لافتًا إلى أنه حتى مع افتراض استئناف الجلسات في جنيف، لن يكون هذا كافيًا لاستعادة “مصداقية اللجنة” في نظر معظم السوريين وأصحاب المصلحة الدوليين.
وحذر بيدرسون من استمرار “الجمود الاستراتيجي” مع استمرار الصراع في جميع أنحاء سوريا، مشيرًا إلى أن تنظيم “الدولة الإسلامية” لا يزال يشكّل “تهديدًا خطيرًا”.
كما جدد دعوته إلى جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، والحفاظ على قنوات فض الاشتباك واتفاقات “خفض التصعيد” والبناء عليها، من أجل وقف إطلاق النار الكامل على الصعيد الوطني.
وأشار بيدرسون إلى الاقتتال الداخلي بين فصائل المعارضة المسلحة في عفرين بريف حلب الشمالي في الأسابيع الأخيرة، والغارات الجوية لحكومة النظام السوري في الشمال الغربي، وأعمال العنف في الشمال الشرقي، والحوادث الأمنية في الجنوب الغربي، وتطرق أيضًا للغارات الإسرائيلية على مطاري “دمشق” و”حلب”.
ما الوضع الإنساني
قال بيدرسون، إن “الليرة السورية فقدت قدرًا هائلًا من قيمتها في الأسابيع الأخيرة، ما أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود إلى مستويات قياسية أعلى”، وحذر من أن الأزمة الاقتصادية “ستزداد سوءًا بالنسبة للأغلبية العظمى للسكان”، مع اقتراب فصل الشتاء والحاجة الماسة إلى تمويل إضافي.
من جانبها، حذرت مديرة قسم العمليات والمناصرة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، رينا غيلاني، من أن “السكان في سوريا عالقون وسط أزمة أمنية وصحية واقتصادية متصاعدة”، تركت الكثيرين “يكافحون من أجل البقاء”.
وقالت غيلاني، “تم الإبلاغ عن أكثر من 24 ألف حالة اشتباه بـ(الكوليرا)، وتم تأكيد الحالات الآن في جميع المحافظات الـ14، ولقي ما لا يقل عن 80 شخصًا مصرعهم حتى الآن”، مشيرة إلى أن من المرجح أن تزداد الأزمة الصحية سوءًا، وفق توقعات احتمال هطول الأمطار دون المستوى الطبيعي، وارتفاع درجات الحرارة فوق المعدل، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم أزمة المياه.
ولمواجهة “الكوليرا”، طالبت غيلاني بـ34.4 مليون دولار لخطة استجابة مدتها ثلاثة أشهر، وقالت إن هذه الأموال مطلوبة لمساعدة أكثر من 160 ألف شخص بالخدمات الصحية، وخمسة ملايين آخرين بالمياه والصرف الصحي وخدمات النظافة.
ومع اقتراب فصل الشتاء، أشارت غيلاني إلى ازدياد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة للتصدي لبرودة الشتاء بنسبة بلغت 30% في جميع أنحاء البلاد مقارنة بالعام السابق.
ونوهت غيلاني إلى النقص الشديد في التمويل، حيث بلغ تمويل قطاع المأوى والمواد غير الغذائية بنسبة 10% فقط، محذرة من أن العائلات لن تحصل على التدفئة والوقود والبطانيات والملابس الشتوية التي هي بأمس الحاجة إليها للتدفئة، في حال عدم سد هذه الفجوة في التمويل.
وتدعو خارطة طريق الأمم المتحدة لعام 2012 للسلام في سوريا، التي وافق عليها ممثلو الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وتركيا والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، إلى صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة مع جميع السوريين، بمن في ذلك المقيمون في الخارج.
وفي مؤتمر “السلام السوري” الذي استضافته روسيا في كانون الثاني 2018، تم التوصل إلى اتفاق لتشكيل لجنة من 150 عضوًا لصياغة دستور جديد، واستغرق تشكيل اللجنة حتى أيلول 2019، وبعد ثماني جولات من المحادثات لم يتحقق تقدم يذكر حتى الآن.
–