فاز وزير المالية البريطاني السابق، ريشي سوناك، برئاسة حزب “المحافظين” الحاكم في بريطانيا بعد انسحاب منافسته الوحيدة المتبقية، بيني موردنت، وهو ما يؤهله ليكون رئيس الوزراء البريطاني المقبل.
وأعلنت الوزيرة في الحكومة الأخيرة، بيني موردنت، في بيان صدر اليوم، الاثنين 24 من تشرين الأول، انسحابها من ترشيح نفسها لزعامة الحزب، ودعمها الكامل لسوناك، في سبيل “التوحد والعمل معًا من أجل خير الأمة”.
ويأتي انسحاب موردنت بعد حصول سوناك على تأييد أكثر من 190 عضوًا من أعضاء حزب “المحافظين” الحاكم في مجلس العموم للترشح لانتخابات الزعامة، أي بزيادة 90 عضوًا على الأقل على الحد الأدنى المطلوب لخوض السباق، بينما لم تحصل موردنت سوى على دعم 90 نائبًا.
وبعد استقالة رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، أعلن رئيس الوزراء السابق، بوريس جونسون، نيته الترشح لرئاسة الحزب، وأن عودته لرئاسة الحكومة البريطانية هي عبارة عن “مصلحة وطنية”.
لكن جونسون أعلن انسحابه من السباق مساء الأحد، لأنه لن يكون قادرًا على “الحكم بفعالية والحزب غير موحد”، مع التأكيد على أنه يؤمن بقدرته على الفوز في الترشح.
وكتب سوناك في حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي بإعلان ترشحه، الأحد، “بريطانيا بلد عظيم، ولكن الأزمة الاقتصادية التي تواجهها عميقة”.
وقال، “أريد إصلاح اقتصادنا، وتوحيد حزبنا، وإنجاز المهمة لبلدنا”، وعلى الرغم من أن “التحديات التي نواجهها أكبر” من تلك التي فرضتها علينا الجائحة، فإن “الفرص المتاحة لنا عظيمة إذا اتخذنا الخيارات الصائبة”.
وتعهد ثالث رئيس وزراء لبريطانيا في غضون سبعة أسابيع، بإنجاز الوعود الانتخابية التي أطلقها حزبه في 2019، وأكسبته 43.6% من أصوات الناخبين، قائلًا إنه سيضفي على رئاسته للوزراء “النزاهة، والاحترافية والمسؤولية في كل المستويات”.
وجدد حزب “العمال” المعارض دعوته إلى إجراء انتخابات عامة، عبر رئيسه، كير ستارمر، قائلًا إن من حق الناخبين التصويت على مستقبل البلاد، واصفًا ما يجري في حزب “المحافظين” بأنه “تهريج سخيف”، بينما يفترض إجراء الانتخابات العامة في بداية 2025.
وجاءت استقالة تراس بعد ستة أسابيع فقط من توليها المنصب، بسبب الاضطرابات التي سببتها سياساتها في الأسواق المالية.
وقال سوناك في مناسبات سابقة، إنه سيقود الاقتصاد البريطاني إلى بر الأمان في هذه الظروف الصعبة، متعهدًا “بالاحترافية والمسؤولية في العمل الحكومي”.
تيار يرفض اللاجئين
يشابه سوناك سابقته ليز تراس في سياسة الحد من اللاجئين، ولم تسهم أصوله الهندية في اتخاذه قرارات أفضل للاجئين، إذ صوّت سوناك، في أيار 2016، ضد الإسهام في حل أزمة اللاجئين بأوروبا، بعد ازدياد موجة اللاجئين القادمة للدول الأوروبية هربًا من العنف والاضطهاد من دول مثل سوريا وجنوب السودان.
كما صوّت سوناك أيضًا في ذات العام ضد منح طالبي اللجوء إذنًا للعمل، إذا استغرق القرار بشأن طلبهم أكثر من ستة أشهر، وصوّت في عام 2015 لتقييد الدعم المتاح لطالبي اللجوء المرفوضين والمهاجرين غير الشرعيين.
وكان سوناك دائمًا ما يصوّت لمصلحة نظام لجوء أكثر صرامة في كل تصويت حضره فيما يتعلق بالموضوع، وشمل ذلك تصويته، في عام 2020، لإلغاء مطلب للوزراء بالسعي للتفاوض على اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لتمكين اللاجئين الأطفال غير المصحوبين بذويهم من الانضمام إلى أقاربهم.
وفي حملته الأخيرة، وعد سوناك بأنه سيفعل “كل ما يتطلبه الأمر”، لبدء عمليات ترحيل اللاجئين غير النظاميين إلى رواندا، وهو المخطط العالق في نزاع قانوني.
كما تضمنت خطة سوناك المكوّنة من عشر نقاط بشأن الهجرة، تشديد تعريف اللجوء، ووضع حد أقصى لعدد اللاجئين السنوي.
وفي عام 2015، صوّت سوناك بالموافقة لتفويض بريطانيا بدء عمل عسكري ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق.
وبعد تورط المملكة المتحدة في ضربات ضد التنظيم في كلا البلدين، كشفت جماعات حقوقية أن العديد من المدنيين قُتلوا نتيجة الهجمات العسكرية الدولية في جميع أنحاء سوريا.
وصرح التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة، أن هناك أدلة موثوقة على أن الغارات الجوية البريطانية في العراق وسوريا قتلت العديد من المدنيين، بحسب ما ذكرته صحيفة “The Times” في آذار 2020.
من ريشي سوناك؟
سيصبح ريشي سوناك أول رئيس وزراء لبريطانيا ذي أصول آسيوية بعد فوزه في السباق اليوم على زعامة حزب “المحافظين”.
ويعتبر سوناك البالغ من العمر 42 عامًا أحد أغنى السياسيين في بريطانيا، وأصغر زعيم لرئاسة وزراء البلاد في العصر الحديث.
هاجرت عائلة سوناك إلى بريطانيا في الستينيات، وهي الفترة التي انتقل فيها العديد من المستعمرات البريطانية السابقة إلى المملكة لمساعدتها في إعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية.
ولد سوناك في مدينة ساوثهامبتون عام 1980، وتلقى تعليمه في مدرسة داخلية خاصة، ثم التحق بجامعة “أكسفورد” البريطانية وجامعة “ستانفورد” الأمريكية، حيث التقى بزوجته أكشاتا مورثي، والدها الملياردير الهندي نارايانا مورثي، مؤسس شركة “إنفوسيس” العملاقة في تكنولوجيا المعلومات.
وعمل سوناك محللًا في بنك “غولدمان ساكس” من عام 2001 إلى عام 2004، ثم أصبح وزيرًا صغيرًا في حكومة تيريزا ماي، حتى تولى منصب وزير المالية في حكومة جونسون.
ومن المتوقع أن يعيّن الملك تشارلز ريشي سوناك رئيسًا للوزراء غدًا، الثلاثاء، بعد تقديم تراس استقالتها بشكل رسمي.
–