أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرًا، قالت فيه إن السلطات التركية اعتقلت واحتجزت ورحّلت بشكل تعسفي مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين إلى سوريا بين شباط وتموز الماضيين.
وذكرت المنظمة في تقريرها الصادر اليوم، الاثنين 24 من تشرين الأول، نقلًا عن سوريين مرحّلين، أن المسؤولين الأتراك اعتقلوهم من منازلهم وأماكن عملهم وفي الشوارع، واحتجزوهم في ظروف سيئة.
وأضافت أنهم ضربوا معظمهم وأساؤوا إليهم، وأجبروهم على التوقيع على استمارات العودة الطوعية، واقتادوهم إلى نقاط العبور الحدودية مع شمال سوريا، وأجبروهم على العبور تحت تهديد السلاح، رغم امتلاكهم بطاقة “الحماية المؤقتة” (الكملك).
وتابعت المنظمة أن الدلائل تشير مؤخرًا إلى أن تركيا وحكومات أخرى، تفكر في تطبيع العلاقات مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لافتة إلى إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أنه يعتزم إعادة توطين مليون لاجئ شمالي سوريا، رغم أن سوريا لا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أن عمليات الترحيل تشكّل نقيضًا صارخًا لسجل تركيا كدولة استضافت عددًا من اللاجئين أكثر من أي دولة أخرى في العالم وحوالي أربعة أضعاف ما استضافه “الاتحاد الأوروبي” بأكمله، الذي قدم مقابل ذلك مليارات الدولارات لتمويل الدعم الإنساني وإدارة الهجرة.
وقالت الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة ناديا هاردمان، إنه يجب على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه الاعتراف بأن تركيا لا تفي بمعاييره المتعلقة بدولة ثالثة آمنة، وأن يُعلّق تمويله لاحتجاز المهاجرين ومراقبة الحدود إلى أن تتوقف عمليات الترحيل القسري.
وأضافت هاردمان أن تصنيف تركيا كـ”دولة ثالثة آمنة” لا يتماشى مع حجم عمليات ترحيل اللاجئين السوريين إلى شمالي سوريا، ويجب على الدول الأعضاء “ألا تتخذ هذا التصنيف، وعليها التركيز على إعادة نقل طالبي اللجوء عبر زيادة أعداد إعادة التوطين”.
وعلى مدى العامين الماضيين، كان هناك ارتفاع في الهجمات العنصرية والمعادية للأجانب، وخاصة ضدّ السوريين، وفق المنظمة التي ذكرت أن خطابات سياسيين معارضين تغذي المشاعر المعادية للاجئين.
وذكرت المنظمة أن ظروف مراكز الاحتجاز “غير صحية”، منها نقص في الطعام والوصول إلى دورات المياه وغيرها، وتعرّض بعض السوريين في مراكز الترحيل للضرب من قبل المسؤولين الأتراك بالركل أو الضرب بأيديهم أو بهراوات خشبية أو بلاستيكية.
اقرأ أيضًا: ترحيل أم “إعادة توزيع”.. سوريون في مخيم “مرعش” بانتظار “التقييم”
سوريا “غير آمنة للعودة”
أكدت “هيومن رايتس ووتش” أن سوريا لا تزال “غير آمنة للعودة”، مشيرة إلى أن أغلب الأشخاص الذين قابلتهم قالوا إنهم ينحدرون من مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري، وإنهم لم يستطيعوا العبور من الشمال السوري إلى أماكنهم الأصلية خوفًا من أن تعتقلهم أجهزة الأمن السورية تعسفًا أو تنتهك حقوقهم.
وفي تشرين الأول 2021، وثقت المنظمة تعرّض اللاجئين السوريين الذي أعيدوا إلى سوريا بين 2017 و2021 من لبنان والأردن لانتهاكات حقوقية جسيمة، واضطهاد على يد النظام السوري والميليشيات التابعة له.
وذكرت أن النظام السوري استمر في ارتكاب نفس الانتهاكات ضد المواطنين رغم انخفاض الأعمال العسكرية والمعارك عن السابق.
وفي أيلول الماضي، كررت “لجنة تقصي الحقائق في سوريا” التابعة للأمم المتحدة توصياتها بأن سوريا “ليست آمنة للعودة”.
أنهت المنظمة الحقوقية تقريرها بعدة توصيات لتركيا هي:
– إنهاء عمليات الاعتقال والاحتجاز والترحيل “التعسفية” للاجئين السوريين إلى الشمال السوري.
– ضمان عدم استخدام القوى الأمنية ومسؤولي الهجرة العنف ضد السوريين أو غيرهم من المواطنين الأجانب المحتجزين، ومحاسبة أي مسؤول يستخدم العنف.
– التحقيق بشكل مستقل في الإجراءات الرامية إلى فرض أو خداع أو تزوير توقيع أو بصمات المهاجرين على استمارات “العودة الطوعية”.
– السماح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالوصول بحرية إلى مراكز الترحيل، ومراقبة عملية الحصول على إذن من السوريين بإعادتهم إلى سوريا للتأكد من أنها طوعية، ومراقبة المقابلات وإجراءات الترحيل لضمان عدم استخدام مسؤولي الشرطة أو الهجرة العنف ضد السوريين أو غيرهم من المواطنين الأجانب.
وكذلك توصيات إلى المفوضية الأوروبية تضمنت:
– الإيضاح علنًا أن تركيا ليست بلدًا ثالثًا آمنًا بموجب المعايير المنصوص عليها في المادة “38” من توجيه الاتحاد الأوروبي المعني بإجراءات اللجوء.
– الضغط على اليونان لإلغاء القرار الوزاري المشترك الذي يعتبر تركيا بلدا ثالثًا آمنًا، واتخاذ إجراءات قانونية بحقها إذا لم تفعل ذلك في إطار زمني معقول.
– دعوة اليونان علنًا إلى إعادة النظر في جميع قرارات عدم المقبولية المستندة إلى مفهوم البلد الثالث الآمن فيما يتعلق بجميع طالبي اللجوء السوريين.
– الطلب من وكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي إعداد تقرير جديد عن تركيا كبلد منشأ بشأن تصنيفها كبلد ثالث آمن، والتأكد من أن هذا يشمل وضع مواطني البلدان الثالثة في تركيا، بمن في ذلك الأشخاص الذين يعبرون تركيا أو يلتمسون الحماية الدولية فيها.
– ربط أي تمويل من الاتحاد الأوروبي لمراكز الترحيل بالوصول الكامل ودون عوائق لموظفي المراقبة التابعين لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والاتحاد الأوروبي وغيرهم من المراقبين المستقلين، بما في ذلك إمكانية إجراء مقابلات مع المحتجزين لتقييم مدى طوعية العودة.
– إعداد تقييم عام لأثر ما يحدث على حقوق الإنسان، والضغط على تركيا للسماح بآلية إبلاغ مستقلة من أجل ضمان عدم إسهام تمويل الاتحاد الأوروبي لإدارة الحدود ولمراكز الترحيل في تركيا في انتهاكات حقوق الإنسان أو إدامتها.
– الإبلاغ علنًا عن إجراءات السلطات التركية لترحيل اللاجئين السوريين بشكل غير قانوني، والإجبار أو الإكراه على توقيع استمارات “العودة الطوعية “في مراكز الترحيل، بما في ذلك تلك التي تلقت تمويلًا من الاتحاد الأوروبي.
– دعوة تركيا علنًا إلى وقف عمليات الترحيل والسماح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمراقبة ما إذا كان السوريون المحتجزون يرغبون في البقاء في تركيا أو العودة طواعية إلى سوريا.
–