الحسكة تعوّض “الحمراء” والدجاج بالأسماك.. “غير شعبية” لكنها رخيصة

camera iconبسطة لبيع السمك في القامشلي في 15 من تشرين الثاني 2022 (عنب بلدي/ مجد السالم)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مجد السالم

قبل أن ينتصف النهار، وعلى خلاف الأشهر السابقة، تكاد الكمية المعروضة للبيع من السمك على “بسطة” البائع حسيناوي البرهو (45 عامًا) أن تنفد، وهو “سعيد بذلك”، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وأوضح الرجل الخمسيني، الذي اتخذ مكانًا لبيع السمك على “بسطة” في مدخل سوق “الهال” بالقامشلي، أن الإقبال زاد على شراء السمك خلال الأيام الماضية، بعد الزيادة “الكبيرة” التي طالت أسعار بقية أنواع اللحوم، إذ كان سابقًا يقضي النهار كله دون أن يبيع كامل كميته، وكان يضطر إلى الاحتفاظ بالقسم المتبقي منها إلى اليوم التالي.

وحاليًا يبيع حسيناوي نحو 90 كيلوغرامًا من السمك في اليوم الواحد، بسعر سبعة آلاف ليرة سورية للكيلو، بينما بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء (أغنام، أبقار) نحو 22 ألف ليرة سورية، والفروج بثمانية آلاف و500 ليرة للكيلو الواحد، ما يجعل الأسماك الخيار “الأفضل والأوفر” للمستهلك، في ظل تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار، بحسب البائع.

وينتشر العديد من باعة السمك على مفارق الطرقات الرئيسة وفي الأسواق المركزية، أو يجوبون أحياء المدينة بسياراتهم و”عرباتهم” الصغيرة، وأحيانًا يتخذ الباعة مكانًا لهم خارج المدينة على الطرقات الواصلة بين مدن المحافظة المختلفة.

ارتفاع الطلب

علوان الحميد، صائد سمك من مدينة الحسكة، قال لعنب بلدي، إن طلب الباعة زاد على لحوم السمك في عموم محافظة الحسكة، وبات صيد السمك مصدر رزق للعديد من سكان المحافظة “أكثر من كونه هواية ومتعة”.

وأوضح علوان أن صيادي السمك في المنطقة يحضرون الكميات المطلوبة من عدة أماكن، منها بحيرة سد الحسكة الجنوبي على بعد 25 كيلومترًا، وسد الحسكة الشرقي والغربي، وسد الجوادية وباب الحديد.

وبحسب علوان، توجد في الأسواق حاليًا عدة أنواع للأسماك، منها “الرومي الأحمر”، ومصدره الأساسي نهر “الفرات” بمحافظتي الرقة ودير الزور، و”الكرب” من أنواع سمك “الشبوط”، و”القراميط”.

واعتبر صائد السمك أن مهنة الصيد “كغيرها من المهن لا تخلو من المتاعب”، كالفوضى في عمليات الصيد التي أثّرت على حجم الثروة السمكية، واتباع طرق صيد جائرة من قبل البعض، كالصيد بالتجريف وأصابع “الديناميت” الصغيرة، والتسميم، واستخدام شبكات صيد بفتحات صغيرة جدًا “تحبس صغار السمك وتمنعها من النضج واستكمال دورة حياتها”، والصيد خلال فترة التزاوج والتكاثر التي تمتد من شهر آذار وحتى أيار من كل عام.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، عملت “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا على تنظيم عمليات الصيد ومنعها خلال فترة التكاثر، ومنحت بطاقة خاصة بالصيادين، الأمر الذي رفضه أغلب الصيادين “الهواة” ومن يقصدون البحيرات بقصد التنزه والصيد خلال الرحلات، ومع ذلك بقيت هذه الإجراءات غير مطبقة “بالشكل المطلوب”.

صحيًا.. أفضل اللحوم

سعدية السلمو (51 عامًا) قالت لعنب بلدي، إن السمك أصبح خيارًا لعائلتها، نتيجة للفرق بين تكلفته وتكلفة اللحوم الأخرى، مضيفة، “بثمن كيلوغرام واحد من اللحوم أشتري نحو ثلاثة كيلوغرامات من السمك تكفي لشهر كامل”.

تعتبر وجبة السمك ذات قيمة غذائية عالية، بحسب ما تحدث به خبير التغذية حارث البليبل، المقيم في مدينة القامشلي، لعنب بلدي، موضحًا أنه عند المقارنة بين أنواع اللحوم المختلفة، البيضاء (الدواجن) والحمراء (الماشية والأبقار) مع لحوم الأسماك، نجد أن لحم السمك يأتي بالمرتبة الأولى من الناحية الصحية، فهو مصدر غني للبروتين عالي الجودة، وقليل بالدهون الضارة، موصيًا بأن يتم تناوله مرتين أسبوعيًا.

لكن الثقافة السائدة في المنطقة، ونمط الاستهلاك المرتبط بالعادات والتقاليد، يجعل الناس يفضّلون لحوم الضأن والفروج على الأسماك، فهي لا تزال لا تعتبر من الوجبات الشعبية، كما أن معرفة السكان بطرق تربية السمك ليست بالمستوى المطلوب، والإقبال الحالي عليها سيغير من أنماط استهلاك اللحوم في المنطقة، بحسب الخبير البليبل.

وأوضح خبير التغذية أن السمك يحتوي على نسبة عالية من حمض “أوميجا 3” الذي يعمل على تحسين عمل الجهاز العصبي، ويمنع الإصابة بمرض ألزهايمر والتهاب المفاصل والروماتيزم، ويقي من السرطان، ويعزز صحة القلب، وهو منجم للعديد من الفيتامينات والمعادن التي يحتاج إليها الجسم بشكل يومي كالكالسيوم، والفوسفور، والحديد، والزنك، واليود، والمغنيسيوم، والبوتاسيوم، والأحماض الأمينية والدهنية.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة