“الذاكرة الشفوية لفلسطينيين سوريين”.. “تاريخ من لا تاريخ لهم”
يقوم كتاب “تهجير بعد تهجير.. الذاكرة الشفوية لفلسطينيين سوريين” على سرد أحداث عاشها “فلسطيني أردني” خلال الثورة السورية، دون أن تكون يوميات أو حالة خاصة لا تقبل التعميم، إلى جانب الآلية التي تعامل بموجبها النظام السوري مع الفلسطينيين في سوريا.
ويعود الكتاب في الزمن إلى شرارة انطلاق الثورة من محافظة درعا، جنوبي سوريا، في آذار 2011، حيث يوجد مخيم للاجئين الفلسطينيين، الذين صاروا فلسطينيين سوريين، وشكّلوا خلال الثورة كتيبة تدعمها حملت اسم “طاهر الصياصنة”، أي أنهم اختاروا اسمًا سوريًا لا فلسطينيًا.
ويميّز الكتاب بين “أنواع” من الفلسطينيين، صنعها النظام وراح يتعامل معهم على أساسها، فهناك من أتى من فلسطين إلى سوريا عام 1948، وهؤلاء حصلوا على بعض الحقوق المدنية، كالتوظيف وامتلاك العقارات ضمن حدود معيّنة.
وهناك من أتى بعد عام 1970، وأطلق النظام على هؤلاء اسم “فلسطيني أردني”، أما من أتى من لبنان، فأسماه “فلسطينيًا لبنانيًا”، ويتفاوت مستوى الحقوق بين تلك الأنواع، باعتبار أن “الفلسطيني الأردني” كان محرومًا من حقوق ينالها غيره.
“كنا نخشى دخول أقسام الشرطة، يلقبوننا هناك بالنازحين، ويهددوننا بالتحويل إلى دائرة الهجرة والتسفير إلا إذا كفلنا أحدهم”.
وقبل انطلاق الثورة في سوريا، أخذ فرع “الأمن العسكري” في درعا 40 فلسطينيًا اتهمهم أولًا بالانتماء لتنظيم فلسطيني “يعتبره النظام خائنًا”، كما جرى طرح سؤال مفاده، إذا حدث (في سوريا) ما حدث في مصر (الثورة المصرية وسقوط مبارك) فما موقف الفلسطينيين؟
الكتاب يشير أيضًا إلى مخاوف النظام حينها من تحركات محتملة من الفلسطينيين دون اعتبار لاحتمالية قيام ثورة شعبية، إذ يسود لديه اعتقاد أن الفلسطينيين وحدهم مضطهدون دون فئات الشعب الأخرى.
اقتحام درعا وبداية التسليح في المنطقة، أيضًا مواضيع يشرحها الكتاب، إلى جانب الاقتحام الأول الذي تعرض له مخيم “درعا” في 27 من تموز 2012، وقُتل حينها 11 شابًا.
وليس مخيم “درعا” الوحيد الذي تعرض لعمليات من هذا النوع، فهناك مخيم “اليرموك” الذي شهد سقوط صواريخ ضمن تجمعاته السكنية والحيوية بعد أشهر من الثورة، وفق ما يرويه الكتاب على هامش الحديث عن مساعٍ لتشكيل “جيش تحرير فلسطيني حر” على غرار “الجيش السوري الحر” حينها.
ظروف الفلسطينيين في المخيمات عمومًا حاضرة بقوة، على اعتبار أن المحافظات التي ضمت كثيرًا منها تحولت إلى مصدر قلق قبل تحوّلها لساحة معركة مع النظام، ومنها مخيم “العائدين” في حمص، إلى جانب متغيرات عسكرية غيّرت وجه المشهد على الأرض، ومنها دخول تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى مخيم “اليرموك”، ثم تحويل المخيم إلى ركام تحت هذه الذريعة.
صدر الكتاب ضمن 94 صفحة، عن منظمة “اليوم التالي” و”رابطة المهجرين الفلسطينيين”، ويعرّف عنه في المقدمة بالقول، “التاريخ الشفوي.. تاريخ المهمشين أو تاريخ من لا تاريخ لهم”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :