أمريكا.. انتخابات “التجديد النصفي” صفعة على وجه الرئيس

  • 2022/11/02
  • 3:34 م
midterm elections

مبنى الكونجرس يظهر تمثيل الجمهوريين في اللون الأحمر والديمقراطيين في اللون الأزرق في انتخابات التجديد النصفي (Harvard Kennedy School)

تجذب الانتخابات الأمريكية كل أربع سنوات أنظار العالم، لما تحمله من أهمية على صعيد السياسات الدولية، ولا تقل انتخابات “التجديد النصفي” أهمية في تحديد اتجاه البلاد داخليًا.

وتتركّز الانتخابات النصفية، التي تأتي بعد عامين من ولاية الرئيس، على مجلسي “الكونجرس” (الشيوخ، والنواب).

وأُجريت الانتخابات النصفية الماضية في 2018، خلال السنة الثانية للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.

ويبدأ الناخبون في جميع أنحاء الولايات المتحدة بالتوجه إلى مراكز الاقتراع، في 8 من تشرين الثاني الحالي، لانتخاب أعضاء مجلس النواب لمدة عامين، بالمقابل يُنتخب أعضاء مجلس الشيوخ لفترات متداخلة مدتها ست سنوات.

ويُطرح ثلث المقاعد الـ100 لمجلس الشيوخ، وتُحدد جميع المقاعد البالغ عددها 435 خلال الانتخابات، وفقًا لموقع القنصلية الأمريكية “U.S. Embassy & Consulates“.

انقلاب ديمقراطي

تعد هذه الانتخابات حربًا داخلية، يكثر فيها تداول المعلومات السياسية المضللة لكسب الحملات الانتخابية، “فمن يسيطر على مجلس النواب أو الشيوخ يتحكم في جدول الأعمال”، وفقًا لأستاذ السياسة في جامعة “جورج واشنطن” جاري نوردلينجر.

ويحدد حزب الأغلبية (الديمقراطي أو الجمهوري) من يقود لجان “الكونجرس” المهمة، بحسب نوردلينجر، موضحًا أن قدرة الرئيس على إنجاز أجندته متعلقة بالسيطرة على مجلسي “الكونجرس”.

من الناحية الأخرى، توفر الانتخابات النصفية فرصة للناخبين لتغيير الحزب الحاكم، وسياسات الدولة مثل حق “الإجهاض” الذي حُظر مؤخرًا، بحسب صحيفة “واشنطن بوست“.

وكانت المحكمة العليا الأمريكية ألغت الحكم التاريخي لعام 1973 في قضية “رو ضد وايد” الذي اعترف بالحق الدستوري للمرأة في الإجهاض وشرّعه في جميع أنحاء البلاد، في 24 من حزيران الماضي، ما أعطى انتصارًا بالغ الأهمية لـ”الجمهوريين” والمحافظين الدينيين الذين أرادوا تقييد أو حظر الإجراء.

وبعد تعرض الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وهو “ديمقراطي”، لضغوط من حزبه لاتخاذ إجراء بعد القرار، وقّع أمرًا تنفيذيًا، في 8 من تموز الماضي، لتسهيل الوصول إلى الخدمات لإنهاء الحمل، واصفًا قرار المحكمة العليا بإلغاء الحق في الإجهاض بممارسة في “سلطة سياسية خام”.

وقال، “لا يمكننا السماح بخروج المحكمة العليا عن السيطرة، والعمل جنبًا إلى جنب مع العناصر المتطرفين من الحزب الجمهوري، لانتزاع الحريات واستقلالنا الشخصي”.

اقرأ أيضًا: ردود فعل دولية بعد إلغاء المحكمة العليا الأمريكية حق الإجهاض

سلطة على المحك

تؤثر الانتخابات النصفية على تمثيل الدولة وتحديد السلطة في “الكونجرس”، إذ يعتبر الأخير هيئة تشريعية تملك سلطة سنّ القوانين، كما هو منصوص عليه في الدستور الأمريكي.

ونظرًا إلى أن مشروع القانون يصبح قانونًا فقط بموافقة كل من مجلسي النواب والشيوخ، يوافق على تشريع الحزب السياسي الذي يتمتع بالأغلبية في مجلسي “الكونجرس”.

ويُحدد الفائزون في الانتخابات من خلال تصويت شعبي، على عكس نظام الهيئة الانتخابية المستخدم لانتخاب الرئيس.

وللسيطرة على مجلس الشيوخ، يحتاج الحزب السياسي إلى 51 مقعدًا لتمثيل الأغلبية، ولتحقيق أغلبية في مجلس النواب يلزم الحصول على 218 مقعدًا.

وبينما يشغل “الجمهوريون” حاليًا 50 مقعدًا من أصل 100، يسيطر “الديمقراطيون” على 48 مقعدًا، سيطرح منها 14 لإعادة الانتخاب.

يعني ذلك أن “الديمقراطيين” سيحتاجون إلى الحفاظ على عدد مقاعدهم الحالي، بالإضافة إلى الفوز بثلاثة مقاعد أخرى لتحقيق أغلبية مطلقة.

بالمقابل، يحتاج “الجمهوريون” إلى الفوز بمقعد ديمقراطي واحد فقط لاستعادة السيطرة على مجلس الشيوخ لمدة عامين على الأقل.

وتعتبر أغلبية “الديمقراطيين” في مجلس الشيوخ أكثر هشاشة مما هي عليه في مجلس النواب.

يوجد حاليًا عضوان مستقلان في مجلس الشيوخ يجتمعان مع “الديمقراطيين”، ويمكن أن تكون نائبة الرئيس، كامالا هاريس، بمنزلة تصويت كسر التعادل، بحسب مجلة “Teen Vogue” الأمريكية.

تاريخيًا.. “الحمار” مقابل “الفيل”

على مدى عقود، “كان الحزب الحاكم يتوقع عادة جرس إنذار في التجديد النصفي، إذ يميل الأمريكيون إلى التصويت في حكومة منقسمة كصفعة على وجه الرئيس الحالي”.

أحد أكثر الاتجاهات تأكيدًا في السياسة الأمريكية هو أن الحزب الذي يتولى البيت الأبيض، يخسر مقاعد في انتخابات “التجديد النصفي”، وفقًا للمؤرخة الرئاسية في جامعة “أكسفورد” لورا سميث.

في أيلول الماضي، أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “واشنطن بوست“، أن بايدن لا يحظى بشعبية كبيرة، إذ يلقى معارضة من 53% من الأمريكيين.

بينما يريد 51% من الناخبين المستقلين من “الجمهوريين” المسؤولين عن “الكونجرس” العام المقبل أن يتصرفوا كضابط على بايدن.

تاريخيًا، تُرجمت عدم شعبية الرئيس بخسارة عشرات المقاعد في مجلس النواب بانتخابات “التجديد النصفي”، ما قد يقلب الطاولة على بايدن.

يشغل “الديمقراطيون” حاليًا مجلس النواب بهامش عشرة مقاعد فوق النصف من أصل 435، وهذه الأغلبية هي الأقل في مجلس النواب منذ 1955.

وليس لديهم أغلبية على الإطلاق في مجلس الشيوخ الذي ينقسم بالتساوي (50- 50)، ويعتمدون على كسر التعادل بصوت نائبة الرئيس، كامالا هاريس.

يمكن أن يكون مجلس الشيوخ أكثر تفضيلًا لـ”الديمقراطيين”، رغم أن “الجمهوريين” يحتاجون إلى مقعد واحد فقط لقلبه، ويحتاج “الجمهوريون” إلى قلب خمسة مقاعد فقط “للديمقراطيين” لاستعادة أغلبية مجلس النواب.

“الجمهوريون” كأغلبية

إذا فاز “الجمهوريون” الذين يتخذون من الفيل رمزًا لهم في مجلس النواب، فسيضعون بسرعة حدًا للجنة التي تحقق بأحداث الشغب في 6 من كانون الثاني 2021، عندما اقتحم أنصار ترامب مبنى “الكونجرس” في أثناء الانتخابات الرئاسية السابقة.

ومع تحرك “الديمقراطيين” الذين يتخذون من الحمار رمزًا لهم، لاستدعاء ترامب نفسه كجزء من هذا التحقيق، يخطط “الجمهوريون” لإجراء تحقيقات انتقامية ومذكرات استدعاء، بحسب شبكة “The Conversation“.

كما تحدث زعيم الأقلية “الجمهوري” في مجلس النواب، كيفين مكارثي، مؤخرًا مع صحيفة “Punchbowl News” السياسية، حول خطط الحزب إذا سيطر على مجلس النواب.

وهدد مكارثي الرئيس المحتمل لمجلس النواب بأنه سيحقق مع المدعي العام، ميريك جارلاند، بشأن مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي، في آب الماضي، مقر إقامة ترامب، متهمين إياه بحيازة وثائق سرية من البيت الأبيض بشكل غير قانوني.

وقال إن الحزب سيستخدم المعركة المستقبلية حول رفع سقف الديون لإجبار الحكومة على إجراء تخفيضات في الإنفاق، وأشار إلى وضع قيود على المساعدات لأوكرانيا.

بالمقابل، لم يقدم “الجمهوريون” صياغة أجندة سياسية في حال استعادوا السلطة بمجلس الشيوخ.

وكان زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، قال إنه سينتظر حتى يستعيدوا المجلس بالفعل، رغم أن قادة الحزب الآخرين يدفعون بالمناقشات حول إجبار “الكونجرس” على إعادة تفويض برامج شبكات الأمان مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.

“الديمقراطيون” كأغلبية

وجد بايدن صعوبة كافية لدفع أجندة تشريعية حتى مع سيطرة ديمقراطية موحدة على “الكونجرس”، إذا خسر “الديمقراطيون” أيًا من المجلسين، فسيؤدي ذلك إلى جعل أي تشريع رئيس آخر شبه مستحيل بسبب حق “النقض” في كلا المجلسين.

من المرجح أن يزيد “الديمقراطيون” أغلبيتهم في مجلس الشيوخ، كما أن لديهم أصواتًا كافية لاختراق مماطلة “الجمهوريين” لتمرير بعض التشريعات بشأن القضايا الرئيسة لحزبهم، من حقوق التصويت إلى السيطرة على السلاح، بالإضافة إلى تشريع حقوق الإجهاض والزواج من نفس الجنس على مستوى جميع ولايات البلاد، وهو ما أشار إليه بايدن في إحدى حملاته، قائلًا “إذا أعطيتني عضوين آخرين في مجلس الشيوخ، أعدك، سنشرع الإجهاض في كل البلاد”.

اقرأ أيضًا: أمريكا.. قانون تاريخي لتقييد حيازة السلاح مع ازدياد حالات العنف الجماعي

لكن العواقب الأكثر أهمية قد تكون بالنسبة للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024، إذ يواصل ترامب الادعاء بأن انتخابات 2020 “سُرقت” منه بطريقة احتيالية، وردد مئات المرشحين “الجمهوريين” في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 هذه المزاعم، وقالوا إن عليهم عزل بايدن.

مقالات متعلقة

دولي

المزيد من دولي