“أعلم أنني لم أحرر فلسطين في العملية، ولكن نفذتها وأنا أضع هدفًا أساسيًا، أن تحرك العملية مئات الشباب ليحملوا البندقية بعدي”.
هذا جزء من وصية الشاب الفلسطيني، عدي التميمي، الذي واصل الاشتباك الليلة الماضية، مع جنود الاحتلال الإسرائيلي حتى اللحظة الأخيرة من حياته، في الضفة الغربية المحتلة.
https://twitter.com/RedaYasen2021/status/1583011621760557057
وعدي التميمي هو منفذ عملية شعفاط، في 8 من تشرين الأول الحالي، مستهدفًا حينها حاجزًا لجنود الاحتلال الإسرائيلي، شمال شرقي القدس، حيث نزل من سيارة كان يستقلها مع شخص آخر، وأطلق الرصاص على الجنود من مسافة قريبة، ولاذ بالفرار.
وأسفرت العملية عن مقتل جندية (نوا لازار 18 عامًا)، وإصابة جنديين آخرين بجروح، وفق ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، التي ذكرت حينها أن الشاب الفلسطيني منفذ العملية لا يزال طليقًا.
رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، هنأ عبر “تويتر“، الجيش و”الشاباك” والشرطة، بالقضاء على “الإرهابي عدي التميمي”، وفق وصفه.
وفي الوقت نفسه، قال لابيد، “لن نرتاح حتى نضع أيدينا على كل إرهابي يضر بالمواطنين الإسرائيليين والجنود الإسرائيليين، وسنعمل بجد ودون تردد ضد الإرهاب”.
عملية ثانية
استهدف الفلسطيني عدي التميمي، مساء الليلة الماضية، تجمعًا لحراس إسرائيليين عند مدخل مستوطنة “معاليه أدوميم” في الضفة الغربية المحتلة، وبعد إطلاقه النار باتجاههم، دخل في اشتباك استمر حتى مقتله برصاص الجنود الإسرائيليين.
وتداولت وسائل إعلام فلسطينية تسجيلًا مصورًا يظهر اشتباك التميمي مع الجنود الإسرائيليين حتى مقتله، في مشهد وصفه ناشطون ومؤثرون فلسطينيون وعرب بأنه بـ”المشاهد الهوليودية”.
https://twitter.com/amansouraja/status/1582833026815651841
https://twitter.com/ahmadibraa3/status/1583066545755869185
إلى جانب ذلك، دخلت البلدة القديمة في القدس وضارع صلاح الدين، وبلدة بيت حنينا، بإضراب شامل حدادًا على التميمي، وفق ما نقلته الوكالة الفلسطينية للأنباء “وفا”.
وجرت مواجهات بين جنود الاحتلال والشبان الفلسطينيين في المدخل الشمالي لبيت لحم، قبل إغلاق الاحتلال بوابة على المدخل الرئيسي لبلدة بيت أمر.
“ثقافة الاشتباك الفردي”
“احذور الموت الطبيعي ولا تموتوا إلا بين زخات الرصاص”.
يتبع بعض الشبان الفلسطينيين، وبشكل متصاعد، الوصية “الكنفانية” السابقة، فاتحين الباب على شكل مختلف في التعامل مع الاحتلال، على اعتبار أن تصعيدًا مؤقتًا تتبعه تهدئة، لا يقدم نتائج على الأرض بالنسبة لهم.
كما أن سنوات الهدوء النسبي التي عاشتها المناطق المحتلة في الضفة الغربية لم تلغِ خطرها بنظر الاحتلال، وهو ما يفسر حملات التفتيش المتكررة بحثًا عن أسلحة فردية في منازل الفلسطينيين.
وفي 9 من آب الماضي، شن الاحتلال هجومًا في مدينة نابلس، قتل خلاله القيادي في كتائب “شهداء الأقصى”، الفلسطيني إبراهيم النابلسي، بصحبة اثنين من رفاقه.
كما يتهم الاحتلال، إبراهيم النابلسي بالتخطيط لعمليات “فدائية” كان ينوي تنفيذها في المدى القريب، إلى جانب المشاركة بعمليات إطلاق نار على قوات إسرائيلية ومستوطنين، وطاردته القوات الإسرائيلية لأشهر، واقتحمت المدينة أكثر من مرة في سبيل اغتياله.
وتداولت شبكات فلسطينية تسجيلًا صوتيًا قالت إنه لإبراهيم النابلسي قبل مقتله، جاء فيه “أنا بحب أمي، حافظوا عالوطن من بعدي (…) ما حدا يترك البارودة، أنا هلأ محاصر ورايح أستشهد”.
وكان الفلسطيني باسل الأعرج، ممن آمنوا أيضًا بهذا الأسلوب، وشددوا على أهميته النضالية، حتى مقتله في 6 من آذار 2017.
والأعرج مدون وباحث في التاريخ الفلسطيني، وحاصل على شهادة صيدلة، قاوم الاحتلال بالقلم والبندقية، وتعرض للاعتقال من قبل السلطة الفلسطينية، والمطاردة على يد القوات الإسرائيلية، وشارك في المظاهرات وتنظيمها، وكان يربط المقاومة بالثقافة، مشددًا على أن قيمة الثقافة بلا مقاومة تكون مفقودة، وهو ما يفسر لقب “المثقف المشتبك” الذي يمنحه الفلسطينيون للأعرج.
واقتحم الاحتلال منزلًا تحصن به الأعرج في بلدة البيرة، قرب رام الله، في الضفة الغربية، وبعد اشتباكات استمرت لساعتين نفدت خلالها ذخيرته، اقتحمت القوات الإسرائيلية المنزل، وقتلت باسل الأعرج واختطفت جثمانه.