لا تزال الاتهامات بـ”نقض اتفاق الهدنة، والبغي على الفصائل، ومنع توحيد مناطق شمال غربي سوريا” حاضرة بين فصائل المنطقة، رغم حالة الهدوء التي تشهدها، عقب اقتتال استمر ثمانية أيام بين “الفيلق الثالث” التابع لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا و”هيئة تحرير الشام” بتحالفها مع فصائل أخرى في “الوطني” أيضًا.
اتهامات تقابَل بنفي من الطرفين، وتتداولها المعرفات المقربة من كل فصيل، رافقتها استعانة بتصريحات وخطابات سابقة من روسيا والنظام السوري، ووسائلهما الإعلامية، تتهم الفصائل من الطرفين بـ”العمالة والخيانة”.
مصدر مسؤول في “تحرير الشام”، صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، قال عبر مراسلة إلكترونية لعنب بلدي، إن “الهيئة” حاولت مرارًا التفاهم مع “الفيلق الثالث” حول تنسيق الواقع العسكري والأمني في المنطقة، لحماية المدنيين، وتنظيم المؤسسات العسكرية بعيدًا عن المؤسسات المدنية.
وذكر المصدر أن هناك علاقات “مشبوهة” تربط “الفيلق الثالث” بجهات خارجية معادية لقوى الثورة، وتحفّظ على ذكرها في الوقت الحالي، وهي السبب في منع مبادرات توحيد المنطقة بشكل مستمر.
وعن تدخل “تحرير الشام”، والاقتتال الذي حصل في ريف حلب، أضاف المصدر أن “الفيلق الثالث” حاول شن حملات عسكرية ضد فصائل “الجيش الوطني”، بغية السيطرة على مناطقها، وأن “تحرير الشام” وقفت إلى جانب الفصائل الثورية في حملتها الدفاعية ضد “الفيلق الثالث” وتم إفشال مخططه، على حد تعبيره.
من جهته، مدير المكتب الإعلامي في “الفيلق الثالث”، سراج الدين عمر، رد على هذه التصريحات، بأن “هيئة تحرير الشام” لا علاقة لها بالمبادرات التي جرت في ريف حلب الشمالي، لافتًا إلى أن “الفيلق الثالث” وافق على جميع المبادرات التي عملت على جمع الساحة، وآخرها مبادرة القيادة الموحدة التي طرحها وأشرف عليها عدد من المستقلين.
وسبق أن دار الحديث، في أيلول الماضي، عن مبادرة لـ”جسم عسكري واحد” يجمع فيالق “الجيش الوطني” الثلاثة، تحت قيادة موحدة تشمل جميع الفصائل والمكوّنات، تضم مستقلين وقياديين، لكنها لم تنجح.
ونفى عمر لعنب بلدي وجود أي خطوات “حقيقية” سابقة لـ”تحرير الشام” مع “الفيلق الثالث”، مشيرًا إلى أن منطقة إدلب كانت تعتبر منطقة مستقلة عن ريف حلب الشمالي، وأن “تحرير الشام” أقامت معبرين لا يُسمح بالدخول إلا من خلالهما لريف حلب.
وأوضح عمر أن “الفيلق الثالث” لم يعرقل أي اتفاق، وإنما بادر بالتنفيذ، ولكن المبادرة لم تقابَل بمبادرة من قبل “تحرير الشام” التي حشدت واقتحمت باتجاه مناطق سيطرة “الفيلق” مؤخرًا.
وتسود حالة هدوء في المنطقة حاليًا، بعد اقتتال بدأ مساء 10 من تشرين الأول الحالي، عقب الكشف عن ضلوع مقاتلين من “فرقة الحمزة” (الحمزات) بقتل الناشط محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته الحامل في مدينة الباب، وهو ما أدى إلى استنفار من “الفيلق الثالث”، الذي تشكّل “الجبهة الشامية” نواته، لتفكيك الفصيل (الحمزات).
وتدخّلت “تحرير الشام” بتحالفها مع “فرقة الحمزة” و”فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات) التابعتين لـ”الوطني” أيضًا، وسحبت “تحرير الشام” قواتها من ريف حلب الشمالي، في حين لا يزال عناصر “جهاز الأمن العام” العامل في إدلب موجودين في ريف حلب.
حالة عدم التوافق والتنسيق والانسجام في العلاقات بين فصائل “الجيش الوطني” مع “تحرير الشام” ليست جديدة، إنما بدأت منذ انقسمت المنطقة عسكريًا وخدميًا عام 2017.
وسبقتها خلافات عديدة منذ عام 2014، حين وقعت اشتباكات بين “تحرير الشام” (جبهة النصرة حينها) وعدة فصائل أخرى.
اقرأ أيضًا: تدخل تركي عبر “هيئة ثائرون” يجمد الاقتتال في ريف حلب
–