انحسار سيطرة المعارضة جنوب حماة.. وربع مليون نسمة في خطر شمال حمص

  • 2016/01/17
  • 4:09 ص

المعارك الجارية في ريف حماة الجنوبي 14 كانون الثاني 2016 )عنب بلدي

جودي عرش/ عمر عبد الرحيم – عنب بلدي

أحرزت قوات الأسد والميليشيات الموالية تقدمًا كبيرًا في ريف حماة الجنوبي، من محوريه الغربي والشرقي، وانحسرت فيه سيطرة فصائل المعارضة لتقتصر على عدة قرى تواجه بدورها خطر “الاجتياح”، لكن الحملة العسكرية، ورغم اقتصارها حتى الآن على بلدات وقرى حموية، إلا أنها تستهدف إلى درجة أكبر ريف حمص الشمالي “المحرر”.

مجريات المعارك شرقًا

في 31 كانون الأول الماضي، استطاعت قوات الأسد فرض سيطرتها على قرى جنان، والرملية، وحنيفة، والجرنية، وزور السوس، وزيادي، والشيخ عبد الله، تلاها بأيام اقتحام قرى تل تقسيس والقنطرة، وجميعها في ريف حماة الجنوبي الشرقي، واعتمدت هذه القوات على ميليشيات أجنبية ومحلية في معركتها، إلى جانب تغطية نارية برية من مراكز النظام العسكرية في جبل البحوث، وغطاء جوي روسي، اعترف الإعلام الروسي بتوفيره للنظام.

مناطق مدنية بامتياز، تلك التي اجتاحتها قوات الأسد، حيث لا وجود لفصائل المعارضة فيها، ودخلها النظام عدة مرات خلال الأعوام الماضية، لكن بزخم وتكتيك أقل، بحسب “أبو ماهر الحموي”، عضو مركز حماة الإعلامي، مشيرًا في حديث إلى عنب بلدي إلى أن “المقاومة اقتصرت على الاشتباكات بالأسلحة الخفيفة، إلى جانب العبوات الناسفة، وقصف بقذائف محلية لمناطق تمركز القوات المهاجمة”.

واعتبر الحموي أن النظام السوري حقق ثلاثة أهداف من العملية “أمّن النظام خط دفاع بعيد عن مدينة حماة، بعد أن كان الثوار قريبين جدًا منها، واستطاع تأمين طريق حماة- سلمية والقرى المحيطة به (تل درة والكافات) المواليتين، والأهم من ذلك أنه قطع طريق الإمداد بشكل شبه كامل عن ريف حمص الشمالي المحرر وحاصره”.

وأوضح أن كلًا من ميليشيات الدفاع الوطني، وكتائب البعث، ونسور الزوبعة، شاركت في المعارك إلى جانب قوات الأسد وأجهزته الأمنية، بتغطية من الكتائب والمراكز العسكرية في اللواء 47 وجبل البحوث ورحبة سريحين، وجرت عمليات نهب وسرقة للبيوت في المناطق التي دخلتها قوات الأسد، لم تسلم منها حتى صنابير المياه، على حد تعبيره.

قوات المعارضة ردت على عمليات النظام بقصف كتيبة زور السوس التابعة لها في المنطقة، إضافة إلى استهداف قرى الكافات وتل الدرة وقبة الكردي وشكاوي وخنيفيس، ذات الغالبية الموالية، بالصواريخ  وقذائف الهاون والأسطوانات المتفجرة، عدا عن زراعة ألغام في محيط القرى التي دخلتها، ما تسبب بمقتل وجرح عدد من قوات الأسد وتدمير آليات لهم، بحسب غرفة عمليات ريف حمص الشمالي.

وأوضحت الغرفة في صفحتها عبر “فيسبوك” أن الهدف الأساسي لقوات الأسد هو إنشاء خط دفاعي يمتد من قرية بريغيث حتى قرية الجومقلية جنوب حماة، لقطع كافة طرق إمداد المعارضة نحو الشمال السوري، وبالتالي فرض حصار على ربع مليون نسمة يقطنون الريف الشمالي لحمص، كذلك تهدف إلى إعادة فتح طريق دمشق- حلب، من خلال السيطرة على المناطق المحيطة به، بما فيها مدينة الرستن.

المعارك الجارية في ريف حماة الجنوبي – 14 كانون الثاني 2016 – (عنب بلدي)

جنوب غرب حماة.. معارك أخرى

بدأت الحملة العسكرية على الريف الجنوبي الغربي لمحافظة حماة في 11 كانون الثاني الجاري، واستطاع النظام في ذلك اليوم إحكام سيطرته على قرية جرجيسة بعد قصف محيط القرية، وذكر إعلام النظام أن ما حدث هو “مصالحة” مع الأهالي، في حين أكد أحد النازحين عنها أن مقاتلي القرية انسحبوا إلى بلدة حربنفسة المجاورة ليعززوا دفاعاتهم هناك.

ومع انتهاء يوم الخميس 15 كانون الثاني، اقتحم النظام قرية دير الفرديس القريبة من حربنفسة، بعد انسحاب مقاتليها، جراء القصف الجوي والبري العنيف الذي تعرضت له خلال أربعة أيام، تزامنًا مع محاولات اقتحام متكررة لقرية حربنفسة، رافقه قصف جوي عنيف على قرية طلف المحاذية.

محاولات اقتحام حربنفسة باءت بالفشل، حتى لحظة إعداد التقرير، وتتركز من محور قريتي جدرين والزارة المواليتين، واستطاعت فصائل المعارضة إعطاب وتدمير عدد من الآليات العسكرية وقتل عناصر من القوات المهاجمة، واعتبر الناشط الإعلامي حكم أبو ريان، الموجود في ريف حماة الجنوبي، أن “اقتحام حربنفسة لن يكون كدخول جرجيسة، وقدمت تعزيزات عسكرية من فصائل حمص للمساندة في المعركة التي تعد مفصلية للمنطقة”.

وللوقوف حول أهداف النظام السوري من هذه الحملة، تحدثت عنب بلدي إلى ناصر النهار، قائد فيلق حمص، أحد أبرز الفصائل المعارضة في المحافظة، والذي اعتبر أن عمليات النظام في المنطقة هي محاولة منه لكسب أوراق جديدة قبيل جلوسه على طاولة المفاوضات.

وأوضح النهار أن ما يحاول النظام فعله هو قطع كافة خطوط الإمداد عن الريف الشمالي “هي مغلقة بالأصل، باستثناء حالات تهريب بعض الحاجيات، فالقرى الواقعة في الريف الجنوبي لمدينة حماة، والتي قام باقتحامها، فهي تقع تحت سيطرته فعلًا، لكن ما يحاول فعله هو  كسب الوقت لإطالة عمره داخليًا، وضخ انتصارات مزيفة إعلاميًا”.

رفضٌ جذري من قبل قوات المعارضة في ريف حمص الشمالي لأي اتفاقية أو هدنة يمكن أن تطرح بين طرفي النزاع مستقبلًا رغم التصعيد العنيف الذي تشهده المنطقة، كما أكد النهار، وتابع “لا يوجد حديث عن هذا الآن، ولا نقبل بأي حل جزئي أو اتفاق لا ينص على وقف إطلاق نار في جميع المناطق السورية”.

يختلف الريف الشمالي جغرافيًا عن أحياء مدينة حمص، فهو شهير بغناه الزراعي والثروة الحيوانية، ما يجعل خطة النظام المتمثلة بالتصعيد والتجويع صعبة التحقيق، كما يرى قائد فيلق حمص، المتحدر من حي بابا عمرو، وقال “افتقرت أحياء مدينة حمص للاكتفاء الذاتي فنجح النظام في حصارها، لكن الريف الشمالي يتميز بخيراته، ما يجعل من تكرار سيناريو حمص القديمة مستحيلًا”.

المدنيون بين النار والحصار

مع استمرار الحملة العسكرية على المنطقة، نزح الآلاف من سكان القرى التي شهدت عمليات عسكرية،  ورصد ناشطون نزوح ثمانية آلاف مدني من قرى حربنفسة وطلف وديرالفرديس إلى منطقة سهل الحولة في ريف حمص، وسط حالة إنسانية قاسية ونقص في المستلزمات الأساسية.

واعتبر الناشط أبو ماهر الحموي أن ملامح الحصار في ريفي حماة وحمص بدأت بالظهور، نظرًا لقطع معظم الطرقات بين الريفين، واقتصار جلب البضائع على منافذ صغيرة لا تلبي حاجة سوى عشرة بالمئة من الأهالي، وتابع “احتكار البضائع وارتفاع الأسعار في المنطقة ظهرت مؤخرًا، بداية من مادة البنزين التي ارتفع سعر الليتر منها لـ 400 ليرة سورية بعد أن كان 300 ليرة”.

“ثلاثة منافذ أغلقها النظام في ريف حمص الشمالي، ابتداءً من عام 2013، في مسعى لترسيخ الحصار فيها”

أبو أسامة الحمصي، أحد ناشطي الريف الشمالي لحمص، أوضح أن ثمانية آلاف نازح توجهوا إلى منطقة الحولة التي تعاني بالأصل من حصار وشح في المواد الأساسية،  لا سيما بعد اقتحام قوات الأسد لقرية جرجيسة جرجيسة التي تعتبر نقطة وصل يتم من خلالها مد منطقة الحولة بالمحروقات، ما ينذر بكارثة إنسانية في المنطقة بالتزامن مع موجة البرد التي تشهدها سوريا.

شهد الريف الشمالي لمدينة حمص إغلاقًا لثلاثة منافذ حيوية من قبل قوات النظام، كان أولها منفذ بلدة الدار الكبيرة، والذي تم إغلاقه في عام 2013، ومنفذ بلدة تيرمعلة وأغلق مع الحملة العسكرية عليها أواخر العام الماضي، ليعمد النظام إلى إغلاق منفذ حماة، في مسعى لترسيخ الحصار فيها.

مقالات متعلقة

سياسة

المزيد من سياسة