عامان على السواد في "عاصمة الخلافة"
حملات ممنهجة للاستيلاء على أملاك جديدة في الرقة
سيرين عبد النور – عنب بلدي
“وين الإسلام؟، كيف يكون مسلم اللي بيخلي امرأة وصغارها بالشارع”، سؤالان حيّرا مهجري مدينة الرقة، بعد أن استولى تنظيم “الدولة” على أملاكهم في المدينة، بحجج مختلفة، منها: ردة المالكين، ووجودهم في الخارج، أو انتمائهم إلى فصائل معادية له.
خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، كثّف التنظيم من حملات الاستيلاء على المنازل، محاولًا توطين عناصره فيها، وجعلها ضمن الميزات التي يحصلون عليها، كعامل مشجع للانضمام إليه.
آخر الحملات جرت قبل عدة أيام، إذ استولى التنظيم على عشرات البيوت في قرى الحمرات بريف المدينة وطرد نازحين منها، ومنهم مدرّسة نازحة من دير الزور (رفضت كشف اسمها خوفًا على أمنها)، وقالت لعنب بلدي إنها عاشت قرابة سنة داخل إحدى الدوائر العامة في المدينة مع عدد من النازحين، قبل أن تُطرد وأطفالها، بذريعة “حاجة الإخوة المهاجرين للمكان”.
وطبّق التنظيم هذه السياسة على جميع مراكز إيواء النازحين تباعًا، في ظل تزايد أعداد المهاجرين الواصلين إلى المدينة، التي لجأ إليها غالبية عناصر التنظيم، بعد انسحاباتهم المتكررة من ريفي الرقة والحسكة والجنوب السوري، وفق مشاهدات الأهالي في المنطقة.
عشرات النازحين رفضوا الحديث عن معاناتهم وفضلوا الصمت، إلا أن سمر، وهي إحدى النازحات من ريف حلب، طردها التنظيم من السكن الشبابي في المدينة، وصفت وضعها بـ “المتعثر”.
وتعمل سمر حاليًا في حياكة الصوف وخياطة الملابس، لكنها رغم ذلك تعاني من مشكلة كفاية ما تجنيه لسداد أجرة منزل استأجرته لأهلها، داخل حارة شعبية في مدينة الرقة، وفق ما نقلته لعنب بلدي.
“ما ضل نخوة”
عصام، أحد سكان حي رميلة، ومتطوع سابق في الهلال الأحمر، وصف أوضاع النازحين بـ “المأساوية”، وقال لعنب بلدي “ما ضل مروّة.. ما ضل نخوة بروس الزلم”.
شهد عصام الكثير من المبادرات الأهلية، لمساعدة النازحين الذين أخرجهم التنظيم من مراكز الإيواء والدوائر العامة، ومنها توفير منازل مجانًا، أو تخفيض الإيجارات “بنسب متفاوتة”، واعتبرها مبادرات فردية، لا تكفي لمساعدة جميع النازحين الذين اضطر قسم منهم إلى النزوح مرة أخرى نحو مناطق جديدة.
تشديد التنظيم وتضييقه الخناق على الأهالي سبّب رد فعل “سلبية”، لدى عاملي المجال التطوعي، الذين يحاولون مساعدة النازحين، وفقًا لعصام، إذ يصبح العامل موضع مراقبة ورصد من قبل التنظيم وربما يتعرض للاعتقال والسجن.
مبادرات “لم تكتمل”
وضمت الرقة أكثر من 12 مركزًا للإيواء، استمر أغلبها بالعمل لأكثر من أربع سنوات، منها السكن الشبابي، وخمس مدارس، وبعض دوائر الدولة ومراكز النقابات، إلا أن التنظيم استولى عليها لتسيير شؤونه، وفق ما ينقله الأهالي.
واستقبلت المدينة أكثر من مئتي ألف نازح من مختلف المناطق السورية، بين عامي 2012 و2013، لكن هذه الأمور تغيرت مع بداية النزاعات بين الفصائل المختلفة التي شاركت في السيطرة على المدينة وهي: أحرار الشام، والجيش الحر، وجبهة النصرة، والدولة الاسلامية.
ويؤكد حسن، أحد المشرفين على مراكز النازحين في المدينة سابقًا، أن أعداد المراكز تضاءلت بعد سيطرة قوات المعارضة على الرقة، في آب 2013، بينما تفاقمت الأوضاع سوءًا، مع تفرد التنظيم بالسيطرة على المدينة.
“لقد قاسموا الناس أرزاقهم، وصادروا حصصًا للنازحين”، هكذا وصف حسن تصرفات التنظيم مع النازحين، مشيرًا إلى أن العديد من الفعاليات الخيرية ماتزال مستمرة بعملها “سرًا وعلنًا”، نظرًا لحاجة الناس المتزايدة وتضاعف عدد المحتاجين.
رغم ما سبق إلا أن النازحين الذين استطلعت عنب بلدي آراءهم، توافقوا على أن حياتهم اليوم في مدينة الرقة، أهون مما عاشوه داخل مناطقهم السابقة، التي مايزال الكثير منها ساحات حرب، وليس استيلاء التنظيم على منازلهم أمرًا جديدًا، فقد عمل منذ سيطرته على مدينة الرقة، كانون الثاني 2014، على حجز أملاك معارضيه، واعتبارها “غنائم” يحق له امتلاكها والتصرف بها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :