يتناول الفيلم المصري “مولانا” واحدًا من أبرز الموضوعات حضورًا في واقع المجتمعات العربية، عبر التركيز على دور رجال الدين، وعلاقتهم بالسلطة، اقترابًا أو ابتعادًا عنها، بما سيحكم لاحقًا شكل علاقة الشارع بهم.
في الفيلم الذي يمتد لنحو ساعتين من الزمن، يبدو الشيخ “حاتم الحناوي” بطل الفيلم، على صلة جيدة بالنخبة الحاكمة، إلى جانب حضوره الإعلامي بشكل متكرر عبر أحد البرامج التلفزيونية، ما حوّله إلى نجم شاشة معروف بين الناس.
هذه الشخصية تقدم الخطاب الديني والنص بتأويل ورؤية مختلفة لا تحابي السلطة، وتحافظ على مسافة أمان تجعل من الشيخ “حاتم” رجلًا صعب الترويض، لكن السلطة لا تقبل منطقًا من هذا النوع، فتنصب له مكيدة في سبيل تطويعه وتحريك خطابه، بما ينسجم مع الموضوعات التي تسعى لإيصالها إلى الشارع.
في الوقت نفسه، تطفو الكثير من الرسائل التي تنتقد الشروحات الدينية التقليدية، والتمسك بحرفية النص، والتسليم دون البحث أو مجرد الشك باحتمالية تحريف النص الديني الأصيل، على مستوى الحديث النبوي.
كما يناقش العمل علاقة المسلمين بالأقباط، الذين يشكّلون مكوّنًا اجتماعيًا حاضرًا في المجتمع المصري، وذلك عبر ميل “حسن”، ابن أحد المسؤولين المتنفذين، للتحول من الإسلام إلى المسيحية، لكن حقيقة الأمر مخالفة لذلك كليًا، وهو ما تفسره الأحداث.
والقضية أن عائلة الشاب، وحرصًا على مكانتها في هرم السلطة، تطلب من الشيخ “حاتم” إقناع ابنها بالعدول عن الفكرة، تخوفًا من إثارة الجدل الاجتماعي في الشارع المصري.
وبموازاة ذلك، فإن الشيخ “حاتم”، رجل الدين الشاب ذا الخطاب المنفتح، ينتقد الكثير من الفتاوى الاجتهادية التي أطلقها رجال دين تقليديون، دون وجود صلة بين تلك الفتاوى وأي نص ديني.
سلوك رجل الدين ومظهره، وعلاقته بالمحيطين، كطفله وزوجته، وجمهوره أيضًا، كل ذلك يضيء الفيلم عليه دون مبالغة، وبما لا يفقد العمل بوصلته، التي تشير نحو فهم جوهر الدين والتفكر، لا مجرد الاتباع الأعمى.
السلطة، المتمثلة في أجهزة المخابرات، التي تعتبر رقيبًا على المساجد وما يدور فيها، تحرق “كرت” أحد المشايخ لخروج خطابه عن المسار المحدد، فتتهمه بـ”التشيّع” وتجنيد الشبان في منظمة إرهابية، باعتبار أن الرجل، وهو معلم الشيخ “حاتم”، يملك بعض الوثائق التي لا ترغب السلطة بخروجها للعلن، وفي سبيل طيها، تسحب الرجل للظلام.
العمل مقتبس عن رواية تحمل الاسم نفسه، للكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، والسيناريو لمخرج العمل نفسه مجدي أحمد علي، الذي أخرج عام 2010 فيلم “عصافير النيل” المقتبس عن رواية لإبراهيم أصلان.
وتشارك بطولة “مولانا” كل من عمرو سعد، ودرّة، وريهام الحاج، وبيومي فؤاد، ولطفي لبيب، وأحمد راتب.