مخيم “اليرموك”.. عودة خجولة وحكومة النظام لا تفي بوعود الخدمات

  • 2022/10/16
  • 4:07 م

الأبنية المدمرة في أحد أحياء مخيم اليرموك-17 من تشرين الثاني 2021)Xinhua News Agency)

عنب بلدي – لجين مراد

في بيوت نوافذها من البطانيات وأبوابها من النايلون، تعيش العديد من العائلات العائدة إلى مخيم “اليرموك” هربًا من “شبح” الإيجارات، وسط غياب شبه كامل للخدمات الأساسية.

“منسمع حكي عالفيس بوك بس ما منشوف شي”، هذا ما قاله “خالد” الذي عاد إلى المخيم بعد ترميم منزل على حسابه الشخصي.

“خالد” (47 عامًا)، اسم وهمي لأسباب أمنية، وهو أحد أهالي المخيم الذين تحدثت إليهم عنب بلدي، يصف واقع المخيم مع عودة مئات العائلات، ومضي حوالي عام على الوعود بالإصلاح، حيث لا تزال مشاهد الركام تملأ “اليرموك” منذ تهجير الأهالي عام 2018، بعد سيطرة قوات النظام على المخيم.

مجرد وعود

منذ السماح بعودة الأهالي إلى المخيم في عام 2021 “من دون قيود أو شروط”، يكرر مسؤولون في حكومة النظام السوري وعودًا بإصلاح البنية التحتية وإعادة الخدمات، دون أي تحرك ملموس.

هذا ما أكده المحامي والباحث الفلسطيني- السوري أيمن أبو هاشم، لعنب بلدي.

وقال أبو هاشم، إن الخدمات ما زالت شبه معدومة، والبنية التحتية معطلة، ولم تطبق المؤسسات الحكومية وعودها على أرض الواقع، مضيفًا أن الأهالي الذين عادوا إلى المخيم يعانون قلة الكهرباء التي بالكاد تكفي في ساعات توفرها لتشغيل شواحن البطاريات.

بينما لم تنفذ الحكومة أي مشاريع لتوفير مياه الشرب، وفق ما قاله “خالد”.

ولجأ الأهالي في أحياء المخيم، بينها الحي الذي يسكنه “خالد”، إلى توصيل أنابيب من الآبار القريبة من مناطقهم على حسابهم الشخصي، فيما اقتصرت المشاريع المنفذة على إصلاح تمديدات شبكة الصرف الصحي.

في المقابل، قال رئيس قسم الإعلام في “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”، فايز أبو عيد، إن المخيم شهد تأهيل شبكة المياه والصرف الصحي في شارعي اليرموك وفلسطين، وترميم إحدى المدارس، وافتتاح بعض العيادات الطبية.

وفي مطلع تشرين الأول الحالي، تداول ناشطون من المخيم أنباء عن تخصيص خمسة محولات كهربائية للمخيم، وفق ما نشرته “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”.

جاء ذلك بعد يومين من حديث محافظ دمشق، محمد طارق كريشاتي، في 1 من تشرين الأول الحالي، عن توجيه مدير الكهرباء لإيجاد حلول “إسعافية” للأهالي.

كما تحدث كريشاتي عن البدء بتنفيذ العديد من المشاريع في المخيم، على رأسها صيانة شبكة الصرف الصحي في الطرق الرئيسة، وتجهيز خطوط المياه.

عودة النازحين “محدودة”

يروّج النظام السوري بشكل مستمر لأخبار عودة أعداد كبيرة من النازحين إلى المخيم، بينما تظهر الأرقام أن حركة العودة ما زالت محدودة.

وبحسب “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”، بلغ عدد العائدين إلى المخيم حوالي 2000 شخص.

وكان عدد سكان المخيم من اللاجئين الفلسطينيين، قبل عام 2011، يصل إلى نحو 144 ألف شخص، حسب موسوعة المخيمات الفلسطينية، وتشير وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إلى نحو 200 ألف لاجئ، فيما قدّرت مصادر أخرى عدد قاطني المخيم من الفلسطينيين والسوريين بين 500 و600 ألف شخص.

بدورها، أحصت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) حوالي 16 ألف لاجئ فلسطيني في المخيم.

وقال فايز أبو عيد، إن معظم العائلات التي عادت مؤخرًا تعتبر مقتدرة ماديًا وقادرة على دفع الإيجارات خارج المخيم، لكنها عادت لتشجيع بقية الأهالي.

وفي ظل قلة الإجراءات الحكومية التي تشجع على عودة الأهالي، توجه بعض العائدين إلى المخيم لتشجيع أقاربهم وجيرانهم من خلال مساعدتهم بإصلاح منازلهم وتأمين المياه لهم، بحسب ما قاله “خالد” أحد أهالي المخيم.

وأضاف “خالد” أنه عمل على إقناع أقاربه وجيرانهم بالعودة، معتبرًا أنها يمكن أن تعيد الأمان للمخيم، وتشجع الجهات الحكومية على تقديم الخدمات.

ويعتبر العجز عن دفع إيجارات المنازل خارج المخيم السبب الأبرز لعودة الأهالي في ظل غياب الخدمات، بحسب ما قاله الباحث الفلسطيني- السوري أيمن أبو هاشم.

هل تعيد الخدمات اللاجئين؟

“إذا توفرت الكهرباء والماء والصرف الصحي في المخيم، سيعود معظم الأهالي إليه”، هذا ما قاله محمود شهابي، أحد أهالي المخيم الذين لجؤوا إلى لبنان ليوضح أثر تنفيذ وعود المؤسسات الحكومية بعودة الخدمات على عودة الأهالي.

وأضاف محمود لعنب بلدي، أن حاله كحال معظم أهالي المخيم الذين لجؤوا إلى لبنان، و”يرغبون بالعودة إلى منازلهم جراء عجزهم عن دفع الإيجارات”.

وقال المحامي أيمن أبو هاشم، إن عودة الخدمات ستشجع على عودة اللاجئين والنازحين خصوصًا في ظل الظروف المادية المتدهورة التي يعيشها معظمهم.

بينما اعتبر رئيس قسم الإعلام في “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”، فايز أبو عيد، أن عودة اللاجئين مرتبطة بأمور كثيرة غير عودة الخدمات، على رأسها المخاوف الأمنية والتسرب من الخدمة الإلزامية.

“التعفيش” مستمر

في حين يتحدث النظام السوري عن عودة النازحين، ويحاول الأهالي ترميم منازلهم بالحد الأدنى وعلى حسابهم الشخصي، تستمر ظاهرة “التعفيش” في المخيم.

وتطال حملات “التعفيش” المواد التي يستخدمها الأهالي لترميم منازلهم، إلى جانب البيوت التي بدأ أصحابها بترميمها ولم يسكنوها بعد، وفق ما قاله أيمن أبو هاشم.

واعتبر أبو هاشم أن المجموعات المسؤولة عن “التعفيش” مغطاة من قبل النظام، مشيرًا إلى أن هذه الحملات مستمرة منذ سيطرة النظام على المخيم.

ومنذ عام 1948 حتى الآن، يتوزع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا ضمن تسعة مخيمات رسمية، وبلغ عددهم قبل العام 2011 أكثر من 500 ألف لاجئ فلسطيني، يتمركزون بشكل رئيس في مخيم “اليرموك”، بالإضافة إلى مخيمات ومناطق أخرى.

وشهد المخيم سابقًا معارك بين فصائل “الجيش الحر” وقوات النظام، وسط انقسام الفصائل الفلسطينية بين الجانبين، قبل سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على ثلثي المخيم عام 2015.

وفي أيار 2018، سيطرت قوات النظام مجددّا بشكل كامل على منطقة الحجر الأسود ومخيم “اليرموك”، بعد عملية عسكرية استمرت شهرًا.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع