اعزاز – ديان جنباز
قبيل فصل الشتاء، ترتاد تقى السعيد (38 عامًا) محال “البالة” (الألبسة المستعملة) في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، بحثًا عن ملابس وأحذية تؤمّن بعض الدفء لأطفالها.
تعتمد تقى على المردود المادي من عملها على ماكينة الخياطة لدفع إيجار منزلها، وتوفر لأطفالها احتياجاتهم الأساسية، وتعوّض أثر غياب والدهم المختفي قسرًا منذ سنوات، وفق ما قالته لعنب بلدي.
وفي ظل الفجوة بين الدخل الشهري لأهالي شمال غربي سوريا وتكاليف الحياة، يلجأ العديد منهم لأسواق “البالة” لشراء الملابس والأحذية.
ملاذ للأهالي
“بسعر قطعة في محال الملابس الجديدة، أشتري ثلاث قطع في محال البالة”، بهذه الكلمات بررت تقى استبدال ملابس “البالة” بالملابس الجديدة.
وأضافت أنها سابقًا كانت تضطر للاستدانة لشراء الملابس لها ولأطفالها.
ولا تختلف جودة ملابس “البالة” عن الجديدة، بينما يشكّل فارق السعر أثرًا كبيرًا على حياة محدودي الدخل، وفق ما قالته تقى.
محمد مليش (30 عامًا)، وهو مهجر من معرة النعمان، يتفق مع تقى، إذ قال إن أسعار الملابس الجديدة تزيد بحوالي ثلاثة أضعاف على أسعار “البالة”.
وبحسب ما رصدته عنب لدي، تشهد أسواق الملابس الجديدة في اعزاز إقبالًا ضعيفًا، بينما يتزايد الإقبال على محال “البالة”، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء.
من جهته، قال حمزة (45 عامًا)، أحد أصحاب محال “البالة” في اعزاز، تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب اجتماعية، إن الإقبال على شراء ملابس “البالة” يتزايد مع اقتراب الشتاء.
ويتزامن قدوم فصل الشتاء مع عودة المدارس، ما يزيد الأعباء المادية على الأهالي، ويزيد احتياج الأطفال للملابس التي توفرها أسواق “البالة” بسعر مقبول، وفق ما قاله حمزة.
“البالة” أنواع
يستورد تجار “البالة” الملابس من تركيا، وتُباع لأصحاب المحال بعد أن تقسّم إلى أنواع، بحسب جودتها وطريقة شرائها.
ويحتوي النوع الأول من ألبسة “البالة”، وهي الألبسة التي يشتريها أصحاب المحال بالقطعة، على “أنخاب”، وفق ما قاله حمزة.
وأضاف حمزة أن الإقبال الكبير يكون على الملابس من “النخبين” الثاني والثالث، وذلك لانخفاض أسعارها مقارنة بـ”النخب” الأول.
بينما يشتري حمزة النوع الثاني من ملابس “البالة” على شكل أكياس مغلقة، يتم تحديد سعرها بحسب وزنها.
ونظرًا إلى أن أصحاب المحال يشترونها دون معرفة ما تحتويه، يبيعون التالف منها في محالهم لاستخدامات أخرى غير ارتدائها.
من جهته، قال محمد مليش أحد سكان اعزاز، إنه يعتمد على شراء “البالة” التالفة بالكيلو لإشعالها وتدفئة أطفاله بنارها عند عجزه عن تأمين وسائل التدفئة.
لجوء الأهالي لملابس “البالة” هو محاولة للحفاظ على أدنى مقومات الحياة في ظل عجزهم عن تأمين احتياجاتهم الأساسية، جراء ارتفاع أسعار السلع متأثرة بانخفاض قيمة الليرة التركية.
وبحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، صدر في نيسان الماضي، يعيش خُمس النازحين في شمالي حلب، وحوالي 28% في محافظة إدلب، بشكل حرج تحت سلة الإنفاق الأدنى للبقاء.
كما يعاني أكثر من 75% من السكان انعدام الأمن الغذائي في شمال غربي سوريا.