شهد جسر “القرم”، وهو المنفذ البري الوحيد بين روسيا وشبه الجزيرة التي تسيطر عليها موسكو منذ 2014، انفجارًا أدى إلى تعطيله، ما يمثّل ضربة لـ”الكرملين” في الحرب ضد أوكرانيا.
وأعلنت “اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب” صباح اليوم، السبت 8 من تشرين الأول، انفجار شاحنة قرب قطار على جسر “كيرتش” (القرم) الذي يربط بين شبه جزيرة القرم والأراضي الروسية، ما تسبب باشتعال النيران في سبعة خزانات وقود ضمن القطار.
وبحسب بيان “اللجنة“، انفجرت الشاحنة القادمة من شبه جزيرة تامان على جانب الطريق من جسر “القرم” في الساعة 06:07 صباح اليوم، السبت، ما أدى إلى انهيار جزأين من الجسر، وتعليق حركة النقل عبره، بينما لم يتضرر القوس فوق الجزء الملاحي من الجسر.
ولم تقع أي إصابات بشرية بسبب الحادث حتى ساعة نشر هذا الخبر.
بدوره، أعلن وزير النقل بالوكالة في شبه جزيرة القرم، نيكولاي لوكاشينكو، تعليق حركة المرور على السكك الحديدية وأجزاء الطرق، مضيفًا أن الوزارة تعمل على إطلاق خدمة العبّارات عبر مضيق “كيرتش” كبديل عن حركة التنقل على الجسر.
وتعليقًا على الانفجار، قال المتحدث باسم “الكرملين”، دميتري بيسكوف، إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمر بتشكيل لجنة حكومية لتحديد أسباب الحادث ومعالجة نتائجه بسرعة.
“إعلان حرب”
رغم بيان “اللجنة الروسية لمكافحة الإرهاب” بأن الحادث ناتج عن انفجار شاحنة، اتهم رئيس مجلس الدولة في شبه جزيرة القرم، فلاديمير كونستانتينوف، أوكرانيا بالوقوف وراءه، إذ نقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية عنه قوله، إن “المخربين الأوكرانيين تمكنوا من الوصول إلى جسر (القرم) بأيديهم الملطخة بالدماء (…) الآن تمكنوا من إتلاف طريق الجسر الروسي”.
بينما قال نائب رئيس مجلس “الدوما” الروسي، إن الانفجار “إعلان حرب”، معتبرًا أنه “يجري تنفيذ حرب إرهابية غير مقنعة ضد روسيا، والهجوم الإرهابي على جسر القرم لم يعد مجرد تحدٍّ، بل هو إعلان حرب بلا قواعد”.
وبعد ساعات على الحادث، أعلنت لجنة التحقيق الروسية مقتل ثلاثة أشخاص نتيجة الانفجار، قالت إنهم من المفترض أن يكونوا ركاب سيارة كانت تسير بجوار الشاحنة المفخخة، وقد تم انتشال جثتي رجلين وامرأة يتم التحقق من هويتهم.
وبحسب اللجنة، تم التوصل إلى بيانات الشاحنة ومالكها، وهو “أحد سكان إقليم كراسنودار”، مضيفة أن اللجنة بدأت بإجراء التحقيق في مكان إقامته، بينما تجري دراسة مسار السيارة والوثائق ذات الصلة.
ردود أوكرانية “ساخرة”
لم تعلن أي جهة تبنيها التخطيط للحادث، لكن الاتهامات الروسية لأوكرانيا، قابلها مسؤولون أوكرانيون بحديث حمل طابع السخرية.
حساب وزارة الدفاع الأوكرانية عبر “تويتر” نشر تغريدة قال فيها، “تم طرد الصواريخ الموجهة (موسكفا) وجسر (كيرتش)، وهما رمزان سيئا السمعة للقوة الروسية في شبه جزيرة القرم الأوكرانية، ما الخطوة التالية يا روسيا؟”.
ونشر رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أوليكسي دانيلوف، عبر حسابه في “تويتر“، تسجيلًا مصورًا للجسر المحترق متداولًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب تسجيل لمارلين مونرو وهي تغني “عيد ميلاد سعيد، سيدي الرئيس”، في إشارة إلى عيد ميلاد الرئيس الروسي بوتين الـ70 أمس الجمعة.
ورغم عدم تبني أوكرانيا بشكل رسمي، قال مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولاك، عبر “تويتر“، إن حادث جسر “القرم” هو “البداية، يجب تدمير كل شيء غير قانوني، ويجب إعادة كل شيء مسروق إلى أوكرانيا، ويجب طرد كل ما تحتله روسيا”.
ما أهمية جسر “كيرتش” (القرم)
جسر “القرم” أو ما يُعرف باسم جسر مضيق “كيرتش” هو جسر يربط بين شبه جزيرة القرم ومقاطعة “كراسنودار كراي” الروسية، يبلغ طوله 19 كيلومترًا.
في كانون الثاني 2015، مُنح عقد إنشاء الجسر الذي بلغت قيمته مليارات الدولارات لشركة “سترويجازمنتز” الروسية، ليبدأ تشييده في شباط 2016.
في 15 من أيار 2018، افتتحه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وفُتح أمام حركة السيارات حينها، ليُفتح بعد عدة أشهر أمام حركة الشاحنات.
وفي تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” اليوم، السبت، قالت فيه، إن جسر “كيرتش” ليس مجرد طريق إمداد رئيس لقوات موسكو التي تقاتل في جنوب أوكرانيا، فهو أيضًا يمثّل رمزًا عميقًا للرئيس فلاديمير بوتين، وهو أحد أعمدة مطالبته المتنازع عليها بشبه جزيرة القرم منذ الانتهاء من الطريق المزدوج الممتد في عام 2018.
ويمكن للأضرار التي لحقت بالجسر نتيجة الحادث اليوم، أن تقطع الطريق البري الوحيد لنقل الإمدادات من روسيا إلى قواعدها في شبه جزيرة القرم.
بالإضافة إلى القيمة العسكرية، يحمل الهيكل أهمية رمزية عميقة لروسيا، إذ تعهدت موسكو بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 بربطها بروسيا فعليًا.