القامشلي – مجد السالم
نهاية شارع البلدية من جهة الشمال بالقامشلي، يمتد ما يُعرف بسوق “الحرامية” على مسافة 200 متر، حيث تتراص المحال و”البسطات” التي يعرض أصحابها كل ما “يمكن عرضه”، منها الأثاث والأدوات المنزلية والخردوات المستعملة والمعطلة و”المحطمة”، والفرش والأغطية، وحتى الكتب والدفاتر والأقلام القديمة.
قال حسين المجول (49 عامًا) لعنب بلدي، وهو يبحث في كومة من الخردوات عن بعض البراغي والأزاميل ومطرقة يحتاج إليها في عمله كسباك، إن المكان أصبح “سوق الدراويش والمساكين”، وفيه يجد أغلب ما يريده من الأدوات، بعيدًا عن “استغلال” أصحاب المحال خارج هذه السوق.
وأضاف الرجل أن العديد من زملائه في المهنة يترددون بشكل أسبوعي، وأحيانًا يوميًا، لشراء ما يلزمهم من العدد والخردوات المستعملة التي يمكن الحصول عليها بأقل من “نصف سعر الجديدة”.
وتمكن حسين من شراء مطرقة مستعملة بسبعة آلاف ليرة سورية من سوق “الحرامية”، بينما يصل سعر الجديدة منها في المحال إلى 30 ألف ليرة سورية، مضيفًا أنه سبق أن أخذ عدة أغراض “بسعر أقل من ذلك بكثير”، في حال كانت معطلة وتحتاج إلى بعض التصليح.
الأسعار تدفع باتجاه “المستعمل”
على بعد أمتار من حسين، يتفحص الشاب مهند طلاع (33 عامًا)، مجموعة من الدراجات الهوائية المعطلة ليختار أفضلها. قال لعنب بلدي، إنه عامل مياومة، وهو يبحث عن وسيلة نقل خاصة ورخيصة، وقد ذهب إلى معظم المحال التي تبيع الدراجات الجديدة، و”صُدم” بأسعارها المرتفعة التي تبدأ من 400 ألف ليرة سورية، لذا قرر التوجه إلى سوق “الحرامية” بعد أن نصحه أحد أصدقائه بأنه سيجد طلبه فيها.
وأضاف مهند أنه عثر على دراجة هوائية بحالة جيدة جدًا، وهي تحتاج إلى بعض الإصلاح، ولن تصل تكلفتها مع ذلك إلى أكثر من 100 ألف ليرة سورية، على حد قوله.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، يرتاد سوق “الحرامية” في القامشلي السكان من مختلف المناطق من الريف والمدينة، والعاملون في مهن متعددة ومتنوعة.
هجرة السكان تزيد بضاعة “المستعمل”
ماجد الصوفي (50 عامًا)، وهو صاحب “بسطة خردوات وأوانٍ منزلية مستعملة” في السوق، قال إن لديه زبائن من مختلف “المناطق والمهن”، مضيفًا أنه في الآونة الأخيرة زاد عددهم بشكل “كبير” نتيجة “رخص البضاعة المعروضة وحالتها الفنية المقبولة”، بالتزامن مع الارتفاع في الأسعار وتدهور الوضع الاقتصادي للمواطنين بشكل عام.
وأوضح ماجد لعنب بلدي، أن البضاعة المعروضة زادت بشكل كبير على السابق، وهذا أسهم أيضًا في رخص الأسعار، نتيجة المنافسة، خاصة بعد أن “هاجرت” الكثير من العوائل التي وضعت أغراضها لبيعها “بسرعة” على أرصفة السوق أو لدى أحد المحال لقاء نسبة من المبيعات.
حاليًا، ومع اقتراب دخول فصل الشتاء، يزداد الطلب في هذه السوق بشكل خاص على مدافئ المازوت والمدافئ الكهربائية والفرش والأغطية والألبسة الصوفية والسجاد المنزلي.
موقع “استراتيجي” ضاعف الزبائن
كانت السوق سابقًا تقع في منطقة تعتبر في “طرف المدينة”، والقليل من السكان يمرون منها أو قربها، لكن بعدما نقلت بلدية القامشلي التابعة لـ”الإدارة الذاتية” موقف “السرافيس” الخاصة بأهل الريف منذ نحو عامين من طرف السوق الجنوبي إلى الشمالي، أصبح لزامًا على الوافدين من الريف وغيرهم المرور من خلال هذه السوق، ما “زاد من شعبيتها”، بحسب حديث أصحاب عدة “بسطات” في السوق لعنب بلدي.
وذكر عدد من العاملين في السوق، أنهم يأتون بالبضاعة من خلال التعاون مع تجار الخردة والأدوات المستعملة الذين بدورهم لديهم سيارات خاصة أو “عربات” تتجول في أحياء المدينة، وتشتري من الأهالي كل شيء مستعمل وقابل للبيع بغض النظر عن حالته “الفنية”.
كما تتجول هذه السيارات أحيانًا في الأرياف، وتشتري الأغراض بأسعار “رخيصة” يُعاد بيعها في السوق.
كما لا تخلو السوق من الأدوات والأغراض “المسروقة” فعلًا، بحسب حديث العاملين، كمضخات المياه المنزلية (دينمو)، أو المكيفات، أو شاشات وأجهزة الاستقبال الفضائي وغيرها.
ونتيجة تردي الوضع الاقتصادي، وتدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار، تشهد أسواق المستعمل في عموم محافظة الحسكة إقبالًا متزايدًا من السكان، إذ انتشرت المحال التي تبيع الأثاث والأدوات المستعملة والألبسة والأحذية الأوروبية المستعملة (البالة).