الرقة – حسام العمر
وافق حسين (35 عامًا)، من سكان مدينة الرقة (تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، على دفع 20 ألف ليرة سورية، لقاء تيسير معاملته من قبل موظف في “مجلس الرقة المدني” التابع لـ”الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا.
وقال حسين لعنب بلدي، إن الموظف ألمح له بضرورة دفع الرشوة من خلال تكرار عبارة “الراتب ما يكفينا”، في محاولة صريحة منه للحصول على النقود مقابل توقيعه وختمه لمعاملة المراجع.
وأشار حسين إلى أن الموظف قال له، إن المرتب الذي يتقاضاه هو 300 ألف ليرة (نحو 65 دولارًا أمريكيًا)، لا يكاد تكفيه للأسبوع الأول من الشهر، لذا “هو مضطر لقبول الرشى من المواطنين الذين يراجعون الدائرة التي يعمل بها لتيسير أمورهم”.
ويتذرع عاملون في “الإدارة الذاتية”، التي تسيطر على معظم محافظات الرقة والحسكة ودير الزور وأجزاء من ريف حلب، بانخفاض رواتبهم مقارنة مع الاحتياجات المالية التي يتطلبها سد المصاريف اليومية لعوائلهم.
وتبدأ رواتب العاملين في “الإدارة الذاتية” بـ260 ألف ليرة سورية (50 دولارًا أمريكيًا) وهي رواتب المعلمين، وترتفع تدريجيًا تبعًا للمؤسسة التي يعمل فيها الموظف أو المنصب أو الشهادة التي يحملها، حتى تصل إلى 900 ألف ليرة سورية (200 دولار).
“الإدارة” تتغاضى عن الفساد
أحد العاملين في “جهاز الرقابة العامة” بـ”مجلس الرقة المدني” قال لعنب بلدي، إن الجهاز استطاع إثبات العديد من قضايا الفساد ضد موظفين يعملون في مؤسسات “الإدارة الذاتية”، وإن معظم القرارات التي اتخذت ضد “الفاسدين” كانت النقل نحو مؤسسة أخرى، ونادرًا ما تتم محاسبتهم.
وذكر العامل في “جهاز الرقابة العامة”، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن المؤسسات التي يتصل عملها بشكل مباشر بخدمات المواطنين هي الأكثر فسادًا، مثل المؤسسات التي تمنح الرخص الزراعية والصناعية ورخص البناء.
عضو في “اللجنة الاقتصادية” بـ”مجلس الرقة المدني” قال لعنب بلدي، إن المسؤولين في “الإدارة الذاتية” يعلمون يقينًا بانتشار الفساد بين العاملين في المؤسسات، ودور الوضع الاقتصادي وانخفاض الرواتب في ذلك.
ولكن تبقى خيارات “الإدارة الذاتية” محدودة بالوقت الراهن في محاربة الفساد، بسبب حجم الضغوطات الداخلية والخارجية التي تواجه “الإدارة” وتجعل مهمة القضاء على الفساد أمرًا مستحيلًا، بحسب ما قاله عضو “اللجنة الاقتصادية”.
نهاية تموز عام 2021، قال لورانس البورسان، عضو “لجنة المتابعة” المنبثقة عن “مؤتمر أبناء الجزيرة والفرات”، إن “الإدارة الذاتية” تجاهلت ملفات فساد قُدمت لها من قبل “اللجنة”.
وحث البورسان “جهاز الرقابة العامة” على تفعيل دوره بشكل أكبر، بما يتناسب مع ضرورة مكافحة الفساد والقضاء عليه في مفاصل مؤسسات “الإدارة الذاتية”.
واعتبر عضو “لجنة المتابعة” أن التجاهل وعدم تنفيذ التوصيات التي تقدمها اللجنة، “يعرقل عملها ويفشل جهودها في متابعة توصيات مؤتمر أبناء الجزيرة والفرات”.
ومطلع كانون الأول عام 2021، رفعت “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا الرواتب الشهرية لجميع العاملين في مؤسساتها بنسبة 30% اعتبارًا من مطلع نيسان الماضي.