عاد موسم جوائز “نوبل” بشكله الاعتيادي هذا العام، بعد التعديلات وإلغاء بعض الأحداث أو إجرائها بشكل افتراضي بسبب قيود جائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) في العامين الماضيين.
وأعلنت المنظمة الراعية للجائزة، أن الفائزين سيحصلون هذا العام على ميداليات وشهادات جائزة “نوبل” بمدينة ستوكهولم، في كانون الأول المقبل، كما يدعى الفائزون من النسختين الماضيتين للحضور.
وتبلغ قيمة الجائزة المادية هذا العام نحو 900 ألف دولار للفائز.
وتسمي لجان في السويد والنرويج الفائزين من الأفراد أو المنظمات، في مجموعة متنوعة من المجالات تتضمن الطب، والأدب، وعلوم الاقتصاد، والفيزياء، والكيمياء، بالإضافة إلى العمل من أجل السلام.
وحتى الآن، أُعلن عن جوائز “نوبل” في خمسة أقسام، فيما سيُكشف عن الفائز في مجال علوم الاقتصاد، الاثنين المقبل 10 من تشرين الأول الحالي.
فائز سجين.. “نوبل” للسلام
منحت لجنة “نوبل” جائزة السلام، الجمعة 7 من تشرين الأول، في أوسلو، بشكل مشترك للناشط الحقوقي البيلاروسي أليس بيالياتسكي، ومنظمتين غير حكوميتين هما “ميموريال” الروسية، ومركز “الحريات المدنية” الأوكراني.
وقالت رئيسة لجنة “نوبل”، بيريت ريس أندرسن، إن “الفائزين أنجزوا جهودًا مذهلة لتوثيق جرائم الحرب، وانتهاكات حقوق الإنسان، والتعسف في استخدام السلطة. لقد أثبتوا معًا أهمية المجتمع المدني من أجل السلام والديمقراطية”.
وأضافت أن لجنة “نوبل” تكافئ ثلاثة مدافعين بارزين عن حقوق الإنسان والديمقراطية والتعايش السلمي، في الدول الثلاث المتجاورة (بيلاروسيا وأوكرانيا وروسيا).
أليس بيالياتسكي، ذو الـ60 عامًا، ناشط سياسي بيلاروسي، معروف بعمله على رأس مركز “فياسنا” لحقوق الإنسان في بيلاروسيا.
قُبض على الناشط مؤخرًا بتهمة “التهرب الضريبي”، في حين يُنظر إلى القضية بكونها “انتقامًا” للرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، الذي يتولى السلطة منذ 1994، والمعروف بسياسته في قمع أي شكل من أشكال النقد، منذ آخر انتخابات رئاسية في 2020.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يُسجن فيها بيالياتسكي، إذ سُجن لنحو ثلاث سنوات، بين عامي 2011 و2014، “لأسباب ضريبية”، ومرة أخرى بعد أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ويعد بيالياتسكي رابع شخصية تاريخيًا تُتوّج بجائزة “نوبل” للسلام وهي رهن الاحتجاز، بعد المنشق الصيني ليو شياوبو، في عام 2010، والمعارض البورمي أونغ سان سو كي، في عام 1991، وداعية السلام الألماني كارل فون أوسيتسكي، في عام 1936.
وفي كانون الأول 2021، حلّ القضاء الروسي منظمة “ميموريال”، وهي أقدم منظمة غير حكومية لحقوق الإنسان في روسيا، إلى جانب فرعين من فروعها، بتهمة انتهاك قانون “العملاء الأجانب” الروسي.
أُسست المنظمة في عام 1989، من قبل فائز آخر بجائزة “نوبل” للسلام هو أندريه ساخاروف، وسلّطت الضوء على “الجرائم الستالينية” (نسبة لجوزيف ستالين)، ثم الانتهاكات الروسية التي ارتُكبت في الشيشان، ومؤخرًا من قبل القوات “شبه العسكرية” الروسية في سوريا.
أما بالنسبة للمركز الأوكراني للحريات المدنية، فقد منحته لجنة “نوبل” الجائزة، “لجهوده في تحديد وتوثيق جرائم الحرب الروسية ضد السكان المدنيين الأوكرانيين”.
أُسس مركز “الحريات المدنية”، وهو منظمة غير حكومية أوكرانية، عام 2007 في كييف، من قبل أوليكساندرا ماتفيتشوك.
الآداب.. للفرنسية آني إرنو
قالت الجهة المانحة لجائزة “نوبل”، الخميس الماضي، إن الكاتبة الفرنسية آني إرنو فازت بجائزة الأدب لعام 2022، “لشجاعتها ورهافة حسها المفرطة، في كشف جذور وانفصال الذاكرة والقيود الجماعية المفروضة عليها”.
وأضافت أن “إرنو تستكشف باستمرار ومن زوايا مختلفة، حياة تتسم بتباينات قوية فيما يتعلق بالجنس واللغة والطبقة”.
إرنو (82 عامًا)، استلهمت معظم أعمالها، التي يزيد عددها على 20 كتابًا، من سيرتها الذاتية، بعدما صدرت روايتها الأولى “ليز آرموار فيد” عام 1974.
واكتسبت شهرة عالمية بعد نشر رواية “ليز آنيه” عام 2008، التي تُرجمت إلى الإنجليزية (ذا ييرز)، والعربية (السنوات) عام 2017.
أحدهم مكرر.. فائزو “نوبل” للكيمياء
فاز الدنماركي مورتن ميلدال، والأمريكية كارولين بيرتوزي، ومواطنها باري شاربلس، الأربعاء الماضي، بجائزة “نوبل” للكيمياء بالتساوي، إذ ابتكر هذا الثلاثي مجالين جديدين في الكيمياء المعاصرة.
فيما حقق شاربلس بذلك الإنجاز النادر المتمثل في الفوز بالجائزة المرموقة مرتين.
وبات باري شاربلس (81 عامًا) خامس شخص يفوز بجائزة “نوبل” مرتين، إذ سبق له أن حصل على جائزة الكيمياء عام 2001 لاكتشافاته في تقنية “الحفز غير المتماثل”.
وأوضحت لجنة التحكيم في قرارها أنها منحت العلماء الثلاثة الجائزة “لابتكارهم الكيمياء النقرية والكيمياء الحيوية المتعامدة”.
وكوفئ الباحث الأمريكي وزميله الدنماركي ميلدال البالغ من العمر 58 عامًا من جامعة “كوبنهاغن”، لعملهما الرائد في “الكيمياء النقرية”، وهي شكل جديد من أشكال الجمع والربط بين الجزيئات.
وتُستخدم “الكيمياء النقرية” بصورة أساسية لتطوير العلاجات الصيدلانية، أو لوضع خريطة للحمض النووي، أو لإنشاء مواد جديدة.
أما الأمريكية بيرتوزي (55 عامًا) فمُنحت الجائزة لاختراع “الكيمياء الحيوية المتعامدة”، وهي تفاعل كيماوي يبدأ في كائن حي، لكن من دون إرباك طبيعته الكيماوية أو تغييرها، وتُستخدم لتحسين فاعلية علاجات السرطان.
وتعمل بيرتوزي أستاذة في جامعة “ستانفورد” الأمريكية، وتعد ثامن امرأة تفوز بجائزة “نوبل” للكيمياء.
فيزياء “الكم” تمنح روادها “نوبل”
يوم الثلاثاء الماضي، مُنحت جائزة “نوبل” للفيزياء بشكل تشاركي للفرنسي آلان أسبيه، والأمريكي جون كلاوسر، والنمساوي أنتون زيلينغر، تقديرًا لاكتشافهم آليات ثورية في مجال علم المعلومات الكمومية.
وأعلنت لجنة “نوبل” أن الباحثين الثلاثة كوفئوا من أجل أعمالهم الرائدة على صعيد “التشابك الكمي”، وهي آلية يكون فيها جزيئان كميّان مترابطين بصورة كاملة، مهما كانت المسافة الفاصلة بينهما، حيث يتصرف جسيمان كوحدة واحدة حتى عند فصلهما.
وأضافت اللجنة، “كوفئ الباحثون الثلاثة على تجاربهم مع الفوتونات المتشابكة وإثباتهم الانتهاكات لـ(مبرهنة بل) وفتحهم طريقًا رائدًا للحوسبة الكمومية”.
ومهّد الكشف عن هذه الخاصية الطريق لتقنيات جديدة في الحوسبة الكمومية، والاتصالات فائقة الأمان، أو حتى أجهزة الاستشعار الكمومية فائقة الحساسية، التي تسمح بقياسات دقيقة للغاية، مثل الجاذبية في الفضاء الجوي.
وينتمي آلان أسبيه (75 عامًا) إلى جامعة “باريس ساكليه” الفرنسية، بينما يبلغ جون كلاوسر 79 عامًا، وأنتون زيلينغر 77 عامًا من جامعة “فيينا”.
بابو يظفر بـ”نوبل” للطب
افتتحت، الاثنين الماضي، جوائز “نوبل”، بمنح السويدي سفانتي بابو جائزة الطب وعلم وظائف الأعضاء، لدوره في تحديد تسلسل مجين الإنسان البدائي، وفي تأسيس علم المجين الإحاثي.
واعتبرت اللجنة المتوّجة أن اكتشافات بابو “أرست الأساس لاستكشاف ما يجعل البشر كائنات فريدة من نوعها، من خلال إظهار الاختلافات الجينية التي تميز جميع البشر الأحياء عن البشر المنقرضين”.
وأضافت اللجنة، في حيثيات قرارها، أن “الفروق الجينية بين الإنسان العاقل وأقرب أسلافنا الذين انقرضوا كانت مهولة إلى حين تم تحديدها بفضل أعمال بابو”.
واكتشف العالم السويدي الذي يبلغ من العمر 67 عامًا ويعيش في ألمانيا منذ عقود، أن نقلًا للجينات بنسبة 2% تقريبًا قد حدث بين أشباه البشر المنقرضة (Homo Sapiens) والإنسان العاقل، حيث استطاع استرجاع المواد الجينية من عظام عمرها نحو 40 ألف عام، وإنتاج جينوم “DNA” كامل.
ويعتبر هذا التدفق الجيني القديم إلى البشر المعاصرين ذا صلة فيزيولوجية، إذ يؤثر على سبيل المثال في كيفية استجابة جهاز المناعة لدينا للعدوى.
تُمنح الجوائز منذ عام 1901 لمن حققوا إنجازات في العلوم والأدب والسلام، بناء على وصية الكيماوي والمهندس السويدي ألفريد نوبل.
–