منهاج “مخالف للدين” طرحته “قسد” يتسبب بأزمة في دير الزور
عنب بلدي – خالد الجرعتلي
شهدت مناطق متفرقة من محافظة دير الزور احتجاجات وإضرابًا للمعلمين بسبب منهاج دراسي جديد في مدارس “الإدارة الذاتية”، المظلة السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، اعتبره سكان في المنطقة “مخالفًا للدين والعادات في المنطقة”.
وبحسب معلومات من مصادر متقاطعة لعنب بلدي، فإن عشرات المدارس التابعة لـ”الإدارة الذاتية” شهدت إضرابًا من قبل المعلمين، احتجاجًا على منهاج تعليمي أُضيف مؤخرًا، تضمّن مواد عن الديانتين المسيحية والإيزيدية.
ونشرت “قناة الشعيطات” المحلية عبر “تلجرام” مجموعة من التسجيلات المصوّرة لبيانات صدرت خلال الأيام الأخيرة لمعلمين من محافظة دير الزور، أعلنوا فيها رفضهم للمنهاج والإضراب عن العمل.
وعلى وقع الإضرابات المتوالية، أصدرت “الإدارة” أمرًا إداريًا اطلعت عليه عنب بلدي، يقضي بتوجيه إنذار كتابي بحق موظفيها من المعلمين في حال التغيّب عن الدوام، واتخاذ إجراءات وحسومات مالية بحق المضربين.
وكانت “الإدارة الذاتية” أصدرت، في 12 من أيلول الماضي، قرارًا بإدراج مادة التربية الدينية الإسلامية، والمسيحية، والإيزيدية، في كل من مدارس الرقة والطبقة ودير الزور، بدءًا من الصف الرابع الابتدائي حتى التاسع الإعدادي.
اقرأ أيضًا: : المكوّن العربي يبحث عن تمثيل مفقود تحت حكم “قسد”
الاعتراض يمتد
خلال خطبة الجمعة، في 23 من أيلول الماضي، تحدثت مساجد في محافظة دير الزور (مناطق نفوذ “قسد”)، عن ضرورة دعم معلمي المنطقة برفضهم للمنهاج.
وأيّدت الخطبة استمرار إضراب المعلمين حتى الاستجابة لجميع المطالب، من ضمنها إلغاء المواد الدراسية الجديدة، وتحسين رواتب المعلمين، إضافة إلى تعيين حرس للمدارس.
وطالبت بعض هذه الإضرابات بإقالة “لجنة التربية والتعليم” في دير الزور، وإعادة هيكلتها باعتبارها لا تعبر عن أهالي ومعلمي وطلاب دير الزور.
الاحتجاجات والإضرابات تتعلق بقضية إضافة مواد دراسية دينية مخالفة لعادات المنطقة، أثارت الرأي العام فيها، إذ لم يتدخل مسؤولو “اللجنة” في القضية.
ومع توسع رقعة الإضرابات لتشمل عشرات المدارس في دير الزور، اعتقلت “قسد“ المدرّس إياد الخليفة، خلال مداهمتها قرية الكبر غربي دير الزور، الذي سبق وألقى بيان معلمي القرية اعتراضًا على المنهاج.
ما قصة المنهاج؟
تطرق المنهاج الذي أعلنت عنه “الإدارة الذاتية” في مناطق نفوذها للعديد من المواضيع الدينية، التي اعتبرها أبناء محافظتي دير الزور والرقة متعارضة مع دين وثقافة المنطقة، كمقارنة الرسول محمد بـ”بوذا” (رمز الديانة البوذية)، أو مقارنته بـ”زرداشت”، واستخراج الصفات المشتركة بينهم.
كما أدرج المنهاج أقوالًا نُسبت لمؤسس حزب “العمال الكردستاني” (PKK)، عبد الله أوجلان، وضُمّنت بين حكم وأقوال أخرى لفلاسفة وكتاب معروفين مثل الفيلسوف والروائي الفرنسي جان بول سارتر وسبينوزا وغيرهما.
المنهاج تحدث مرارًا عن الحرية ومفهومها، إلا أن هذه المفاهيم مستنبطة بمعظمها من أقوال نُسبت لـ”المفكر” عبد الله أوجلان.
“أدلجة” لا تقتصر على الطلاب
تفرض “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا على العاملين لديها حضور الدورات “الفكرية المغلقة” في الأكاديميات والمؤسسات التعليمية التابعة لها.
وتختلف مدة الدورة بين مكان وآخر، لكن مدتها على الأغلب تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر، تشمل أفرادًا من العاملين تختارهم “الإدارة” من كلا الجنسين، لتخضعهم لهذه الدورة.
ووفقًا لمصدر من الموظفين في “الإدارة الذاتية” كان حاضرًا إحدى تلك الدورات، فإن معظمها تتحدث عن فلسفة عبد الله أوجلان، المعتقل في تركيا، إضافة إلى فلسفة الوجود، والمجتمع الطبيعي، والأمة الديمقراطية، والتاريخ.
الموظف، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال خلال حديث سابق لعنب بلدي، إن معظم من خضعوا للدورة، أُجبروا على الابتعاد عن عائلاتهم، إلا في أوقات الزيارة التي تحدد مدتها وموعدها من قبل إدارة الدورة نفسها.
بعض الدروس الفكرية تتعارض مع العقيدة الإسلامية، بحسب رأي أشخاص ممن حضروا هذه الدورات، من خلال طرح بعض “المفاهيم الفلسفية الريبية”، إذ يصعب على معظم الحاضرين فهمها ومناقشتها، ولا سيما التي تتصل بخلق الإنسان ووجود الكون والله ونظرية “التطور” (نظرية الاصطفاء الطبيعي لدارون).
“قسد” تتراجع
بعد مرور أيام على الاحتجاجات والإضراب، لم يتدخل وجهاء دير الزور وشيوخ العشائر فيها بقضية المنهاج الدراسي، وهو ما اعتبره سكان المنطقة “أمرًا مخزيًا”، بحسب العديد من المنشورات التي رصدتها عنب بلدي على مواقع التواصل الاجتماعي.
تبع ذلك إعلان شيوخ ووجهاء بعض عشائر الرقة ودير الزور عن تأييدهم للإضراب، ورفضهم للمنهاج، بحسب ما تداولته حسابات إخبارية محلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ومع توسع رقعة الاحتجاج، وخلال اجتماع عقدته، في 25 من أيلول الماضي، في دير الزور على خلفية الإضراب الأخير، نفت “الإدارة الذاتية” ما نشرته معرفاتها سابقًا بشأن إدخال مواد مخالفة للشريعة الإسلامية.
كما أصدرت “لجنة التعليم” في دير الزور قرارًا يقضي بإيقاف تدريس مادتي العلوم والرياضيات في مدارس دير الزور، وتشكيل لجنة لطرح منهاج مناسب جديد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :