في حوادث السيارات بتركيا.. لماذا يترك سوريون حقوقهم؟

  • 2022/09/30
  • 5:06 م

إحدى الورش لتصليح السيارات في مدينة اسطنبول التركية - 27 من أيلول 2022 (عنب بلدي)

“لا فائدة، سيتضامن الشهود الأتراك مع السائق التركي، ويضعون اللوم عليّ في الحادث”، بهذه الكلمات أوضح لؤي عجّان (43 عامًا) لعنب بلدي، سبب عدم تنظيم ضبط بالحادثة التي حصلت إثر اصطدام سيارة يملكها مواطن تركي بسيارته، إذ اختار تصليحها من حسابه الشخصي.

يخضع السوريون، مالكو السيارات في تركيا، لقانون المرور التركي، أسوة بنظرائهم الأتراك، لكن يستخدم كثير من العرب والسوريين مركباتهم الخاصة في شوارع المدن التركية، دون معرفة كاملة بقوانين السير، والإجراءات الواجب اتباعها في حال وقوع حادث مروري، وهو ما يؤثر في فهمهم لحقوقهم وواجباتهم. 

ولمعرفة الإجراءات وأسباب عدم توجه السوريين لاتباعها والحصول على حقهم من شركات التأمين الإلزامي، ناقشت عنب بلدي ذلك مع شركة تأمين، وميكانيكي سيارات على صلة بالموضوع.

ما الإجراءات؟

يُشترط عند شراء أي سيارة في تركيا، مستعملة أو جديدة، أن يكون لها تأمين إلزامي من إحدى شركات التأمين، التي تعوّض ماديًا في حال وقوع حادث مروري للطرف المتضرر فقط، عن الأضرار التي لحقت بالسيارة، أو الأضرار الجسدية التي لحقت بصاحب السيارة في حال حدوثها.

وللحصول على التعويض التأميني، يجب عند وقوع الحادث المروري الذي لا يتضمن إصابات بشرية، عدم تحريك سيارات الطرفين قبل أخذ صور لمكان وقوع الحادث، ومكان الضرر في المركبة، بحسب ما قاله مدير المبيعات في شركة “تكافل” للتأمين جميل قباني، لعنب بلدي.

وأضاف مدير المبيعات، “بعدها، يملأ الطرفان تقريرًا بالحادث المروري، يُعرف عند السوريين بـ(kaza tutanağı)، يكتب فيه الطرفان معلوماتهم الشخصية، ومعلومات المركبة، وإفادة عن طريقة حصول الحادث باللغة التركية”.

وفي حال حدوث أضرار بشرية، يجري استدعاء شرطة المرور، والإسعاف بحسب الحاجة، ثم يضاف تقرير خاص بالحادث من الشرطة لتقرير الحادث المروري الأول.

ويحصل كل من السائقين على نسخة من التقرير، ثم يتوجه كل منهما إلى ميكانيكي السيارات لتسليمه التقرير والصور، وبدوره، يتواصل الأخير مع شركة التأمين لتبليغها بوجود سيارة تعرضت لحادث، وأخذ موعد لقدوم موظف الشركة لتسلّم التقرير.

وبحسب ما قاله الميكانيكي العامل في محل لصيانة السيارات جهاد محمد، لعنب بلدي، يأخذ موظف شركة التأمين الأوراق والصور، وبعد إعطاء الشركة قرارها بتحديد المتضرر، يأتي موظف آخر لمعاينة أضرار السيارة مع الميكانيكي، ثم إعطائه التفويض للبدء بإصلاح السيارة.

وبعد انتهاء الصيانة، يرسل الميكانيكي التكلفة للشركة، التي تحوّل بدورها التعويض المالي لمالك السيارة المتضرر، بينما يتكفل مالك السيارة المسؤول عن الضرر بتصليح سيارته من ماله الخاص.

وبيّن مدير المبيعات في شركة “تكافل”، وجود حد أعلى للتعويضات المادية التي تتكفل بها شركات التأمين، بموجب قانون المرور الأحدث، الذي حدد مبلغ 100 ألف ليرة تركية كحد أعلى للحادث الواحد، أو 200 ألف ليرة لمجموع الحوادث في السنة الواحدة.

وفي حال وجود أضرار جسدية، يكون الحد الأعلى التعويضي مليون ليرة للحادث الواحد، وخمسة ملايين ليرة لمجموع تعويض الأضرار الجسدية في كامل السنة. 

ووفق جهاد، فإن عملية تقييم شركة التأمين للحادث وتحديد المتضرر، تطول بين أربعة وسبعة أيام، لذا تبقى السيارة مع مالكها إلى حين اتخاذ القرار بكونه المتضرر، وإبلاغه بموعد قدوم الموظف لإحضار سيارته.

وأوضح جهاد أن العديد من زبائنه العرب والسوريين بشكل خاص، يصلحون سياراتهم من مالهم دون اللجوء إلى شركة التأمين وكتابة تقرير بالحادثة، لأسباب مختلفة.

تقرير الحادث المروري الذي يوقع عليه طرفا الحادث- (Sigorta Bilgi ve Gözetim Merkezi)

يُصنف السوريون أصحاب بطاقة “الحماية المؤقتة”، وأصحاب الإقامات بمختلف أنواعها، ضمن فئة الأجانب بالنسبة لمالكي السيارات، الذين يميزون بحرف “M” على لوحة السيارة اختصارًا لكلمة “MİSAFİR” باللغة التركية، وتعني “الضيف”، ويُسمح لصاحب هذا النوع من السيارات وزوجته وأولاده ووالديه حصرًا بقيادة السيارة، بشرط حوزتهم على شهادة قيادة تركية، ويُمنع لسواهم قيادتها تحت طائلة الحجز والغرامة.

أما السيارة العائدة لشخص تركي فيمكن قيادتها من قبل أي شخص يحمل شهادة قيادة تركية.

“اللغة أكبر عائق”

عبّر محمد كاجان (30 عامًا) لعنب بلدي عن استيائه لدى وقوع حادث مروري تتضرر به سيارته، وخاصة عندما يكون الطرف المقابل هو المتسبب بهذا الحادث، إذ يضطر لإصلاح سيارته من حسابه الشخصي، دون اللجوء لشركة التأمين التي يدفع لها مجبرًا كل عام رسومًا سنوية.

وعن السبب الذي يدفعه لهذا التصرف، قال محمد، “في لحظات الانفعال التي تلي الحادث، أنسى كل ما أعرفه من اللغة التركية، وهي مطلوبة للتفاهم مع السائق الآخر وكتابة التقرير، لذا أحاول التهرب من الموقف في حال لم يكن برفقتي من يعرف اللغة التركية”.

كما أن لؤي لديه سبب آخر جعله يقرر عدم ملاقاة أي تركي وقع معه حادث مروري في أثناء قيادته لسيارته، إذ تعرض للامتهان والعدائية من أحد الأتراك بعد أن اصطدم بسيارته عبر دراجته الهوائية، وهو ما عزاه لؤي إلى “عنصرية” الشخص تجاه السوريين.

ورجّح مدير المبيعات في شركة “تكافل” للتأمين، جميل قباني، من شركة التأمين عدة أسباب لاتخاذ السوريين القرار بعدم اللجوء لشركة التأمين عند وقوع حادث مروري، منها الجهل بالحقوق المادية التي يمكن تحصيلها من شركات التأمين، وطريقة الحصول عليها.

وأضاف أن أحد أهم الأسباب أيضًا، هو تسجيل تفاصيل الحادثة ضمن ملف أضرار السيارة “maddi hasar kaydi”، الذي يجري الاطلاع عليه عند بيع السيارة من قبل المشتري، وهو ما يقلل من سعر السيارة مقارنة بالسيارة الخالية من الحوادث.

ويلجأ بعض أصحاب السيارات من السوريين والأتراك إلى تصليح سياراتهم بأنفسهم، في حال كانت الأضرار بسيطة، دون اللجوء لشركة التأمين، حتى لا تضاف الحادثة إلى ملف السيارة، خوفًا من تدهور سعرها، وهو ما ينصح به مدير المبيعات.

بينما ينصح ميكانيكي السيارات جهاد محمد بتصليح السيارة عبر شركة التأمين مهما كانت الأضرار بسيطة أو بالغة، مبررًا أن الخسارة المالية موجودة في الحالتين في حال عدم الاستفادة من التعويض المالي للتأمين والدفع من الحساب الشخصي.

واتفق مدير المبيعات وميكانيكي السيارات بأن الحاجز اللغوي هو السبب الرئيس لعدم توجه العرب والسوريين لتصليح مركباتهم عبر شركة التأمين.

وبلغ عدد الحوادث المرورية في تركيا لعام 2021 نحو مليون و186 ألف حادث، منها 187 ألفًا و963 حادثًا مميتًا، بحسب الإحصاءات الرسمية التركية، وفي اسطنبول لوحدها، وقع نحو ثلاثة آلاف و200 حادث دون إصابات بشرية في آب الماضي، بحسب إدارة المرور التركية.

ويبلغ عدد السوريين في تركيا المقيمين بموجب “الحماية المؤقتة”، وفق إحصائيات المديرية العامة لإدارة الهجرة التركية الأخيرة، ثلاثة ملايين و652 ألفًا و234 شخصًا.

إحدى الورشات لتصليح السيارات في مدينة اسطنبول التركية- 27 من أيلول 2022 (عنب بلدي)

مقالات متعلقة

في تركيا

المزيد من في تركيا